خبراء: ‘‘اللامركزية‘‘ ستفتح نزاعا على الصلاحيات مع ‘‘البلديات‘‘
حصادنيوز-رغم بدء العد التنازلي لموعد إجراء الانتخابات البلدية واللامركزية المقررة منتصف آب (أغسطس) المقبل، ما تزال أوساط ناخبين تتداول جملة من التساؤلات حول عدد من القضايا المتعلقة بالانتخابات، من بينها آلية اختيار المقاعد المخصصة للنساء وطريقة الاقتراع.
كما تدور أسئلة عن مدى استقلالية مجالس المحافظة وقدرتها على إحداث نقلة نوعية في أداء عمل البلديات دون وقوع تنازع على الصلاحيات بين مجالس المحافظات والمجالس البلدية والمجالس التنفيذية.
في الإطار النظري، حدد القانون مهام المجلس التنفيذي المعيّن الذي يترأسه المحافظ لجهة حصرها في إعداد المشاريع والخطط الاستراتيجية والتنموية ومواءمتها مع “خطط المجالس البلدية” بما يلبي احتياجات المحافظة، فيما أوكل إلى مجلس المحافظة المنتخب بشكل رئيسي إقرار تلك المشاريع والخطط الاستراتيجية ضمن سقوف محددة من وزارة المالية، وكذلك اقتراح إنشاء مشاريع، بما يقلل من الدور الخدماتي لمجلس النواب لصالح الرقابة والتشريع، بحسب عدة تصريحات سابقة لوزراء في الحكومة.
غير أن مراقبين، يرون أن وقوع نزاع في الصلاحيات عند التطبيق العملي هو أمر “حتمي”، لاعتبارات عديدة، من بينها حداثة تجربة اللامركزية، واحتمالات النزاع في التفاصيل التي تنطوي عليها مهام كل مجلس، عدا الكلف الإضافية التي ستتحملها الموازنة العامة في حال إقرار المشاريع التي يقرها مجلس المحافظة.
وفي هذا السياق، أكد وزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة، في تصريحات صحفية سابقة، أن مجالس المحافظات تزيد من مستوى التعاون والتنسيق بين المجالس البلدية والمجلس التنفيذي، والتوزيع العادل لفرص التنمية، كما أن أي مشروعات ستدرج مخصصاتها ضمن موازنة 2018، وضمن سقوف مالية تحددها وزارة المالية.
ونوه المعايطة إلى أن المجلس البلدي والبلديات بقيت صلاحيتها كما كانت، وأن مجلس المحافظة يقر المشاريع التنموية، و”لا تداخل بينهما ولا إرباك”.
وجدد في تصريح لـ”الغد”، التأكيد أن المكافآت الشهرية التي أقرها مجلس الوزراء لرئيس مجلس المحافظة، في جلسة عقدها مؤخرا، تبلغ 1000 دينار، وللعضو 500 دينار، وجاءت أسوة بالمجالس البلدية المنتخبة التي يتقاضى أعضاؤها مخصصات من موازنة الدولة كذلك.
وقال: “هذه المكافآت تشمل الاجتماعات والتنقلات دون امتيازات إضافية عليها، ومجلس النواب يتقاضى مخصصات وذلك لا يؤثر ذلك على قرارهم، ولا علاقة بالمكافآت باستقلالية عمل مجالس المحافظات، وأي هيئة منتخبة بقانون من الطبيعي أن تتقاضى مكافأة”. وبشأن المشروعات التي من المتوقع أن تقرها مجالس المحافظات، أكد المعايطة أن كلفتها ستتحملها الموازنة العامة، وأن نظاما جديدا سيصدر لإقرار الموازنات وفقا لمعايير محددة.
وقال: “العام المقبل ستكون هناك موازنة لكل محافظة وفق معايير، كعدد السكان والمساحة والتنمية ومستويات الفقر والبطالة، وستصدر في قانون الموازنة الذي ستعده الحكومة”.
أما مدير مركز عمون للتنمية والتدريب علي البطران، فيرجح “وقوع نزاع على الصلاحيات عند التطبيق العملي للامركزية”، مشيرا الى أن “هناك الكثير من التفاصيل المبهمة المتعلقة بمهام المجالس في اللامركزية، رغم محاولة المشرع شرح مهام كل مجلس في القانون”.
وقال “لدينا اليوم مجلس محلي ومجلس محافظة ومجلس تنفيذي، وعند التفاصيل سيقع النزاع ، فمثلا كان لدينا شارع يقع بين بلديتين ومجلسي محافظة، وستتداخل المهام في صيانة هذا الشارع وربما أحيانا سنجد تهرب بعض المجالس من مسؤوليتها في تقديم الخدمات أو تحديدها أصلا”.
ويعتقد أن مجلس النواب، الذي سيتراجع دوره الخدماتي مع المواطنين، “لن يتنازل بعض نوابه عن هذا الدور لحسابات انتخابية”، فيما رأى أن “المكافآت التي قررها مجلس الوزراء مؤخرا لمجالس المحافظة مبررة وضرورية لضمان الاستقلالية في العمل، بما يتناسب مع حجم المسؤولية الملقاة على عاتق المجلس”.
أما النائب السابق جميل النمري، فيتفق مع سابقه في التخوفات المحتملة بشأن النزاع على الصلاحيات، وتحديدا بين المجالس البلدية والمحافظات، حيث “لم يتضمن أي من القوانين المتعلقة باللامركزية أو البلديات وصفا للعلاقة بينهما”، مشيرا الى أن قانون البلديات المعدل أقر قبل قانون اللامركزية، “وأغفل في نصوصه اللامركزية”.
وأضاف “من الناحية النظرية حاول قانون اللامركزية شرح طبيعة دور مجالس المحافظات والمجلس التنفيذي، لكنه تضمن عبارات عامة لم تدخل في تعريف السلطة لكل منهما، كما أن تجربة اللامركزية جديدة وأغلبية المرشحين لمجالس المحافظات ليسوا من ذوي الخبرة في العمل العام، وفي الأصل يخوضونها للمرة الأولى”.
وبالرغم أن قانون اللامركزية النافذ رقم 49 لسنة 2015 أتاح تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي المحافظة والتنفيذي في حال الخلاف بينهما، ويرأسها رئيس مجلس المحافظة، إلا أن النمري رأى أن “طبيعة المهام التفصيلية ما تزال مبهمة”.
وتابع “البلديات كانت ولا تزال متخوفة من أن سلطتها ستقوضها مجالس المحافظات، والقانون لم يقونن العلاقة بين مجالس المحافظة مع البلديات”