مضامين الحديث الملكي.. مسارات تتجاوز بالوطن تحدياته الداخلية وتداعيات أزمات الجوار

25

حصادنيوز-حددت مضامين المقابلة الصحفية التي أجراها جلالة الملك عبدالله الثاني مع وكالة الانباء «بترا» مسارات تتجاوز بالوطن التحديات الداخلية وتخفف من تداعيات واثار الازمات المجاورة، التي زادت من حجم التحديات الاقتصادية وفرضت تحديات أخرى، وعلى رأسها «اللجوء السوري».
وجاء حديث جلالة الملك «شاملا»، ليس فقط لجهة الموضوعات والعناوين، إنما في تشخيصه للواقع وتحديد المسؤوليات، إذ أن الملك كان واضحا وصريحا، وبعث برسائل مهمة موجهة للجميع، في خلاصتها تؤكد بأن الجميع مسؤول تجاه الوطن.
وحملت محاور الحديث الملكي علامات رضا، لما تم إنجازه، خلال الفترة الماضية، رغم التحديات الاقتصادية وتداعيات ازمات الجوار، إلا أن تلك العلامات، كما أنها تشير الى إنجاز، فإنها بذات الوقت تفرض تحدي الاستمرارية للمزيد، وهو ما أكد عليه جلالته صراحة بالقول أن الرضا عن الإنجاز في ما يتعلق بالإصلاح هو حافز ورسالة لإنجاز المزيد وليس الاكتفاء بما تم تحقيقه.
في وقت جسدت محاور الحديث الملكي مكونات معادلة العمل والانجاز، لجهة أن التكاملية في الادوار، إذ أن توزيع الادوار، يجب ان يكون مستند نظرة شاملة ومتكاملة، في ظل أن الهدف الاسمى يتمثل في تحقيق الافضل للمواطن وأن يكون الاردن «نموذجا متميزا للاصلاح المستمر في المنطقة».
هذه الرؤى والنظرة الملكية، تشكل «حقيقة ثابتة»، كما وصفها جلالته وأنها «تتمثل في أن الإصلاح في الأردن عملية مستمرة ومتدرجة، وهدفها تحقيق الأفضل للمواطن الأردني وتمكينه من المشاركة الفاعلة في مسيرة البناء. نحن لن نقف عند محطة معينة، بل نسعى، ورغم التحديات الاقتصادية، والأزمات في الدول المجاورة، لأن نقدم نموذجا متميزاً للإصلاح المستمر في المنطقة.
وتجلت الرؤية الملكية في تحديد متطلبات الدولة المدنية الحديثة، التي نسعى لنكون نموذجها في المنطقة، في معيار سيادة القانون، إذ أن جلالته أكد أنه لا يمكن قيام دولة مدنية حديثة دون أن تكون سيادة القانون عمادها وأساسها بالتوازي مع منظومة الأخلاق والقيم المجتمعية (..) إن تطبيق القانون ليس محصوراً بطرف واحد فالكل معني ومسؤول، بإعتبار أن سيادة القانون هي أساس حماية الحقوق الفردية والعامة وتعزيز العدل والمساواة، وهي جزء لا يتجزأ من مسيرة بناء الوطن وتقدمه.
ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك، إذ كانت الاجابة واضحة وصريحة من جلالة الملك، والتي في محاورها تحدد متطلبات العمل.
فالملك قال «أننا شهدنا بعض المحاولات للمساس بهيبة الدولة والاستقواء على القانون، إلا أن وعي شعبنا وكفاءة مؤسساتنا كانت ومازالت السد المنيع بوجه هذه المحاولات؛ فلا أحد فوق القانون ولا تهاون أبداً في تطبيقه، وأجهزتنا الأمنية تقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه أن يعكر صفو أمن الوطن والمواطن. فلا يوجد مكان لا تطاله أجهزتنا الأمنية ولا خارج عن القانون لن تصل إليه، وهذا قرار لا خطوط حمراء فيه، فالقانون فوق الجميع.
وكما أكدت، فإن مبدأ سيادة القانون لا يمكن أن يترسخ إلا بوجود جهاز قضائي كفؤ ونزيه وفاعل، فسجل القضاء الأردني لطالما كان أقوى برهان على الكفاءة العالية والنزاهة التي يتمتع بها، ونعمل على تعزيز قدراته وإمكانياته».
وهذه الاجابة الملكية على سؤال «ما زال هناك ظواهر وممارسات تشير إلى نوع من تحدي سيادة القانون والتجاوز عليه؟ حملت في مضامينها مبادىء التعاطي من جهة الاقرار بوجود الشيء لا إنكاره، والتأكيد على المسؤولية الجماعية والمجتمعية ورفض للاشاعات المحبطة، الصراحة والشفافية، التي تحدث بها جلالة الملك عن الاوضاع الاقتصادية في تشخصيه لهذا الواقع وتحديد الاسباب وتداعيات، وضعت رهان الخروج من هذا الوضع الصعب أمام الجميع ، خصوصا أن كثيرا من التداعيات والاسباب خارجية، ترمي بها ظروف إقليمية صعبة خارجة عن السيطرة. ووقف التشخيص الملكي للواقع الاقتصادي على حقائق، تفرضها ذات الظروف الاقليمية، ويجب على الجميع إدراكها، فالملك قال «الواقع الذي لابد أن يدركه الجميع أنه لن يقوم أحد بمساعدتنا إن لم نساعد أنفسنا أولا. ولا بد من الاعتماد على أنفسنا أولا وآخرا».
ومقابل تلك الحقائق، هنالك مبادئ اكد عليها الحديث الملكي تمثلت في توفير حياة كريمة للمواطن ومستوى معيشته، وأن يكون الهدف الاستراتيجي لسياساتها العامة هو حماية وتوسيع الطبقة الوسطى، لتشكل القاعدة العريضة في مجتمعنا، وتكون عماد الاستقرار والقوة المحركة للإنتاج والإبداع والتميز.
ورغم تلك التحديات سواء الداخلية او تلك التي تفرضها الظروف الاقليمية، فإن جلالة الملك يراهن على قدرة الاردن بتجاوز تلك عبر برامج إصلاح اقتصادي للوصول إلى نسب نمو توفر حياة كريمة للمواطن والاستقرار المالي والنقدي الذي يعزز ثقة المستثمرين بنا، كبلد آمن ومستقر ويمتلك كل مقومات البيئة المحفزة للاستثمار بهدف إيجاد فرص عمل أكثر لشبابنا. وفي ظل المعطيات السابقة من تشخيص للحقائق والتأكيد على المبادئ، فإن جلالته يعول على خطة تحفيز النمو الاقتصادي للأعوام (2018 – 2022) التي أقرتها والتزمت بها الحكومة في وضع الأردن على مسار التنمية المستدامة، والوصول إلى اقتصاد قوي ومنيع، إلى جانب ما نقوم به من إصلاح مالي يرتكز على ضبط الإنفاق الجاري، والتصدي للتهرب الضريبي، وتقليص الاعتماد على المساعدات تدريجيا، من خلال توسعة الفرص الاقتصادية والاستثمارية والتنموية، وتوليد فرص عمل كافية وملائمة للشباب، والاستثمار في تطوير الموارد البشرية، إضافة إلى تطوير المؤسسات الحكومية لتعمل بكفاءة عالية لتوفير الخدمات العامة للمواطنين.
التعويل على الخطة، رافقه توجيهات ملكية، على الحكومة مراعاتها تمثلت بضمان عدم المساس بالطبقة الوسطى، وفئات الدخل المحدود، بل حمايتها وتوجيه الدعم لها أثناء تطبيق الإصلاحات المالية. ومن جهة أخرى وضع برامج زمنية ومؤشرات قياس واضحة لتطبيق خطة تحفيز النمو الاقتصادي على أرض الواقع وبالسرعة الممكنة.
الحديث الملكي تضمن إجابات وافية لكثير من التساؤلات، التي تختلج صدور الاردنيين، في ظل الازمات التي تشهدها المنطقة، والتي تلقي بتداعياتها على الوطن، بما حملته من تشخيص للواقع وتقديمه لحلول يتطلب الواقع ذاته أن تكون مسؤولية تنفيذ تلك الحلول سواعد اردنية.
قد يعجبك ايضا