إغلاق مكتب مدير عام مؤسسة ثقافية حكومية بالشمع الأحمر

31

حصاد نيوز – ابراهيم عبدالمجيد القيسي

تحدوني رغبة قديمة أن أرى الشمع الأحمر بالعين المجردة، أي أن أذهب لمؤسسة ما أو دكان أو مرفق عام او حتى خاص، لأجده قد تم إغلاقه بالشمع الأحمر، حتى بعض الشوارع في المدينة أتمنى لو يتم اغلاقها بالشمع الأحمر، لا لشيء مهم بل من أجل تحقيق أمنيتي او رغبتي برؤية الشمع الأحمر..

بالشمع الأحمر تم اغلاق مكتب مدير لمؤسسة ثقافية، ولا أعلم ما هي الحكاية، او بالأحرى لا أريد التحدث عنها، لكن كانت رغبتي ممكنة التحقق لو قمت قبل أيام بمداهمة ذلك المسؤول المحترم، ثم لم أجده فأسأل الموظفين هناك ليقولوا لي إن مكتبه مغلق بالشمع الأحمر، ويضيفون ما يلزم من إثارة وإشاعات حول مسؤولهم الذي مضى عليه دهر في هذا المكتب.

ما رأيكم..لو نتحدث بما يمكن تسميته «عصفا نميميا»: ما هي الروايات أو الإشاعات الممكنة التي قد أسمعها من موظفين في المؤسسة المشار إليها حول سبب اغلاق مكتب مديرهم بالشمع الأحمر، بعد مصادرة اوراقه وأجهزته وحواسيبه:

هل سيقولون: المدير مشتبه به في أعمال ارهابية أو تشجع على الارهاب؟!..هذه إشاعة غير ممكنة التصديق بالطبع، فأنا أعرف أنه لا يمكن اتهامه بمثل هذه التهمة، وقد يقولون : إن شكوكا وشكاوى وصلت لهيئة النزاهة وتتعلق بالمال العام وإنفاقه!.. هذه إشاعة ممكنة التصديق فكل مسؤول تقريبا متهم بهذه التهمة، لكنها تهمة قد تخدم الرجل ليصبح أمينا عاما ثم وزيرا.. أنا سأستبعد إشاعة الفساد المالي إن تحدثوا عنها، فأنا لا أريد أن يصبح الرجل وزيرا.

يغريني أن أقبل إشاعة مثل» فساد ثقافي» أو مغامرات من هذا النوع، فهي نوعية وجديدة، وسينقسم الرأي العام حولها.. ستجد من يدافع عنها، ويعتبرها «لبرلة ثقافية».. جعلها ليبرالية يعني،وآخرون سيعتبرونها تجاوزا على الأديان وحرياتها، وقد يعتبرها بعضهم بأنها عاملا استفزازيا لمزيد من إرهاب وإرهاب مضاد، وقلة سيقولون امورا شخصية وحريات، ولا أحد له علاقة بعلاقات الرجل وصداقاته..

الفساد الثقافي مصطلح جاذب فيه مجال للتفحيط والتشحيط بالتهم والكلمات، وسوف يجد متسلقو المعرفة والاعلام والثقافة فرصتهم فيه، وينظمون فيه رحلات فيسبوكية من الردح والقدح والنضال والتنظير ثم السماجة والسذاجة والسخرية ..الخ.

يجب أن أذكر القارىء بأن هذه مجرد إشاعات متوقعة، كنت سأسمع بعضها ، لو قمت بزيارة المكان في الاسبوع الماضي، إذاً فالمسألة مرتبطة بـ «لو» منتهية الاحتمالية والصلاحية، لأننا نتحدث عن اسبوع، ولا ننسى هنا أن الأمنية محصورة بأمر واحد، وهو رغبتي برؤية الشمع الأحمر في مكانه، يغلق علي طريق الوصول إلى مرفق ما، انها أمنية لم تتحقق بعد.

تخيلوا لو قمنا بإغلاق مجلس النواب بالشمع الأحمر، أو فعلناها مع مؤسسات رقابية حكومية كهيئة النزاهة مثلا، او ديوان المحاسبة، أجزم بأن كل من سيقرأ هذه الفقرة ستروق له، فكل الناس تقريبا فقدوا الثقة بتلك المؤسسات الرقابية، ولن أتحدث عن صواب او خطأ رأيهم ورغبتهم، فهم ربما مثلي، أي يرغبون برؤية الشمع الأحمر «شخصيا»، فيذهب أحدهم إلى ديوان المحاسبة مثلا، ولديه تساؤلات وروايات حول موضع قد يخصه أو لا يخصه، فيجد ديوان المحاسبة مغلقا وبالشمع الأحمر.. الرغبة ليست جامحة بصراحة وفيها وجهة نظر على جانب من البساطة، وقد تكون مستندة لحالة نفسية، تعبر عن تجليات الأمل في السياسة والتغيير والاصلاح.

نحتاج إلى سياسة ولنطلق عليها سياسة الشمع الأحمر لإغلاق كثير من المؤسسات بلا سبب ولا رواية، علما أن السياسة ذاتها تم استخدامها كثيرا في عالمنا، لكن للحجر على العقول وعلى بعض الأسماء دون أسباب تذكر.

كلنا نحب أن نسمع أخبار وقصص الشمع الأحمر، والدهشة تكمن في الخيال الحائر، القابع خلف ابواب تم اغلاقها به.

الوقائع

قد يعجبك ايضا