“المال الأسود” يخدش بياض الانتخابات

34

204766_1_1474417631

حصاد نيوز – رغم تعهدات الهيئة المستقلة للانتخاب بمكافحة تفاقم ظاهرة المال السياسي أو ما يطلق عليه تجارة “المال الأسود” في الانتخابات البرلمانية لمجلس النواب الثامن عشر التي جرت أمس، إلا أن مواطنين ومرشحين أبلغوا عن عدد كبير من حالات شراء الأصوات، سواء العلنية او تلك التي تجري في المنازل دون قدرة من الجهات الرسمية ذات العلاقة لمتابعة الموضوع.

وما يعزز انتشار المال الأسود، هو استغلال حاجة المواطنين وتردي أوضاعهم المعيشية والفقر الذي يعانونه، ما يدفع بعضهم إلى بيع أصواتهم تحت إغراءات دفع أموال في الحال أو لاحقا.

“تم رصد العديد من مزاعم واحاديث شراء الأصوات، إذ تؤكد مرشحة في عمان وجود عمليات “بيع وشراء علنية للأصوات في إحدى دوائر العاصمة”، مشيرة الى “اصطفاف حافلتين تقلان أشخاصا من أنصار أحد المرشحين الذين يسجلون أسماء الناخبين المراد شراء أصواتهم، وإجبارهم على القسم بالتصويت للمرشح، حيث وصل سعر الصوت الواحد الى 35 دينارا، 10 منها تدفع مقدما، و25 دينارا بعد الإدلاء بصوته”.

وأضافت هذه المرشحة “إنها اتصلت برئيس “مستقلة الانتخاب” خالد الكلالدة عبر هاتفه، لإبلاغه عن حالات شراء الأصوات، إلا أن مكتبه رد عليها بأن تحاول تصوير المرشح خلال عملية البيع، والوعد بمتابعة الموضوع فيما بعد”.

مواطنة أخرى أكدت لـ”الغد” انها “ذهبت الى محافظة الزرقاء قاصدة أحد المرشحين، حيث تم إرسالها الى منزل في أحد أحياء المدينة، وهناك أقسمت اليمين بالتصويت للمرشح مقابل 20 دينارا”، مشيرة إلى أنها “لن تدلي بصوتها له، وستنكث بيمينها، لأن ذلك أهون عليها من التصويت لمن لا يستحق”.

وكانت الحكومة قالت إن تغليظ عقوبات استخدام “المال الأسود” جاء “لمكافحة كل من تسول له نفسه المساس بالعملية الانتخابية”، إلا أن مواطنين لا يعتقدون بقدرة الحكومة على محاربة هذه النوعية من الجرائم، في ظل تأزم الأوضاع الاقتصادية، وصعوبة إثبات حالات شراء الأصوات، خاصة وأنها تتم في المنازل بعيدا عن أعين الجهات الرسمية.

وكان أحد الزملاء المصورين عرض أمام الكلالدة فيديو حصل عليه لعمليات شراء أصوات، إلا أن الأخير “وعد بالتحقيق به”.

وأشار الكلالدة إلى ان “التسريبات التي تمت للفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي صحيحة، وفقا للتحقيقات التي بدأتها الهيئة”.

أحد المواطنين اتصل بـ”الغد”، وأشار إلى أن عملية “بيع وشراء أصوات تمت في منزل أحد سكان الرصيفة بمبلغ 25 دينارا للصوت مقابل أن يقوم الناخب بالقسم على كتاب الله بالتصويت لصالح الكتلة والمرشح الذي تمت تسميته”.

وذكر “أن المال السياسي انتشر في المنطقة، رغم علم الجهات الرسمية التي لم تتخذ حياله أي إجراء لعدم تمكنها من ضبطه وتوثيقه بالأدلة اللازمة”.

وكان مصدر كشف لـ”الغد” عن أن الأمن العام تلقى شكوى عن “مواطن يجلس في مطعم قبالة مدرسة صفية بنت عبد المطلب بالقويسمة، ليشتري أصواتا لمصلحة نائب سابق”.

بدورها، لفتت مصادر إلى “شراء أصوات ناخبين في مخيم الطالبية بعمان، وهو ما أشارت الهيئة إلى ضرورة التأكد منه”.

ويلجأ مرشحون إلى المال السياسي لافتقادهم رؤية برامجية وسياسية واضحة، يمكن البناء عليها والدفاع عنها، وبالتالي يكون أقصر الطرق بالنسبة إليهم سلوك هذا الطريق للتأثير على إرادة الناخبين.

ورغم أن مواد قانون الانتخاب أشارت بشكل واضح إلى عقوبات مشددة، للحد من حضور المال السياسي في الانتخابات، إلا أن البعض يعتقد أن ذلك غير كاف، بدون وعي مجتمعي وإجراءات شديدة من قبل الجهات المعنية بالانتخابات، وأبرزها الهيئة المستقلة للانتخاب والسلطة التنفيذية.

“مستقلة الانتخاب”، بدورها، أكدت أنها تراقب المشهد الانتخابي عن كثب، وتقف بكل قوة ضد أي عمليات لشراء الأصوات، أو التأثير على إرادة الناخبين.

ودعا الكلالدة المواطنين للإبلاغ عن أي شبهة تتعلق بالمال السياسي، والتعاون مع الهيئة لإنجاح الانتخابات.

ويتخذ هذا المال أشكالا متعددة؛ من بينها: الرشوة التي يقدمها مرشحون للناخبين لقاء ضمان أصواتهم؛ سواء كان الصوت لصالح مرشح معين أو توظيفه ضد مرشح آخر، إما بحجب الصوت أو منحه لتشتيت الأصوات، والحيلولة دون نجاح أحد المرشحين.

وأكد الكلالدة أن أي مواطن يُبلغ عن حادثة شراء أصوات، هو محمي بموجب القانون ويتم التعامل بشكل سري مع بلاغه واسمه.
جاء ذلك، في سياق رد الكلالدة على استفسارات “الغد” خلال مؤتمر صحفي، عن وجود معلومات متداولة حول عمليات شراء أصوات في إحدى دوائر عمان الانتخابية.

وحث على تقديم أدلة ولو بسيطة عند الحديث عن شراء الأصوات، حتى يتسنى للأجهزة المختصة الوصول إلى المتورطين واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم.

وأكد أن الهيئة تتواصل على الفور مع الأجهزة الأمنية لحظة ورود أي معلومات حول وجود شراء أصوات.

الى ذلك، كشف مركز راصد لمراقبة الانتخابات عن “خروقات وشراء ذمم في الانتخابات”، حيث أكد في بيان صحفي أنه “تلقى شكاوى عن وجود مال أسود في بعض مراكز الاقتراع سيتم التحقق منها”، لافتا الى أنه “رصد شكاوى حول شراء أصوات في الدائرة الثانية بعمان”.

وأكد بيان الهيئة العليا لـ”التحالف الوطني للإصلاح” أيضا وجود “خروقات في الانتخابات منها شراء الأصوات”، داعيا الجهات الرسمية إلى متابعتها.

وكان وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني حذر من الشائعات في الانتخابات، قائلا “علينا ان لا نلتفت الى الشائعات.. والهئية المستقلة تتابع أي خروقات”.

أما الكلالدة فطلب “في حال وجود حالات شراء الأصوات، تقديم دليل، واسم المرشح الذي يشتري الأصوات”، لافتا الى أنه بعد “توفر تلك الدلائل ستتم إحالتها إلى القضاء”.

بدوره، رصد فريق نقابة المحامين لمراقبة الانتخابات “بيع وشراء للأصوات خارج بعض مراكز الاقتراع والدعاية الانتخابية”، وفق بيان أصدره أمس.

وكان قانون الانتخاب غلظ العقوبة على استخدام “المال الأسود أو القذر”، والتأثير على إرادة الناخبين وتعطيل العملية الانتخابية، وعلى كل من تسول له نفسه المساس بالعملية الانتخابية أو التأثير على ارادة الناخبين أو شراء الأصوات أو استخدام المال بأي طريقة من الطرق، وهي جرائم تصل عقوبتها إلى السجن بالأشغال الشاقة لمدة لا تزيد على 7 أعوام.

وكانت دائرة الإفتاء العام حرمت شراء الأصوات بالانتخابات، في فتوى نصت على أنه “يحرم على المرشح أن يدفع المال للناس مقابل انتخابه وحشد الأصوات لصالحه، سواء أكان نقداً، أم هدايا، ومن يفعل ذلك فكيف يؤتمن على مصالح وطنه ومقدراته”.

قد يعجبك ايضا