“سيول الحزن” تحمل والد الطفلين الغريقين إلى مصر

25

149399_1_1446932805

حصاد نيوز – محمّلا بأوجاعه وحزنه على فراق طفليه، غادر المواطن المصري أحمد جمعة أحمد عمان أول من أمس إلى بلاده لدفن فلذتي كبده حمدي وأمير، اللذين قضيا نحبهما خلال العاصفة المطرية الأخيرة.

وكان الطفلان حمدي (13 عاما) وأمير (4 أعوام) توفيا غرقا إثر مداهمة السيول للغرفة التي تقطنها عائلة أحمد الذي يعمل حارسا لإحدى البنايات في عرجان بعمان.

وبحسب تسجيل فيديو بث على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن السيول داهمت الغرفة بعد أن انهار سور البناية، ما أدى إلى تدفق المياه المتجمعة في الساحة المجاورة للمنزل.

وفي الفيديو ذاته، وفيما كان رجال الدفاع المدني يحاولون انتشال الجثتين، كان الأب ينادي على طفليه حمدي وأمير، آملا أن يسمع ردا منهما، وكان يناجي ربه القدير أن يرد له طفليه سالمين، فيما انتهى الفيديو بعبارة وجهها الأب لأصغر أطفاله (أمير) بقوله: “ح جبلك العصير يا أمير.. ح جبلك نور عيني يابا”.

وحاولت “الغد” التواصل مع أسرة أحمد لكن تبين أنه غادر الأردن نهائيا.

وبحسب مقربين من الحارس أحمد، فقد قدم إلى الأردن قبل ثماني سنوات ليعمل حارسا لبناية في أحد أحياء عمان، تاركا خلفه زوجته وأطفاله، حيث كان يقوم بزيارتهم في مصر سنويا.

وبعد مضي أربعة أعوام من عمله في عمان، قرر إحضار زوجته وأطفاله الثلاثة (ولدان وبنت) للزيارة لمدة شهر، وكان طفله أمير حينها حديث الولادة.

ووفق المصادر ذاتها، فإن “العائلة قررت لاحقا أن تجمع شملها في الأردن، حيث امتدت فترة الزيارة المحدودة بشهر إلى أربعة أعوام، عملت خلالها الزوجة في إحدى حضانات المنطقة”.

وفتحت قضية وفاة الطفلين حمدي وأمير ملف الأوضاع والظروف التي يعيش فيها العمال الوافدون تحديدا في مجالات حراسة الأبنية والزراعة، لجهة ظروف المسكن غير اللائقة، وتشدد الجهات الرسمية في منحهم أذونات لاستقدام أسرهم، وتبعات ذلك على عائلاتهم.

وفي هذا الصدد، توضح مديرة مركز تمكين للمساعدة القانونية المتخصص بتوفير الدعم القانوني للعمالة المهاجرة، ليندا كلش إن هذه الحادثة تنبه إلى ظروف السكن لحراس العمارات والعاملين في القطاع الزراعي، معتبرة أن “السكن في الغالب غير لائق وغير إنساني، حيث يفتقر إلى التهوية، ومساحاته ضيقة جدا، ولا تتوفر فيه كل المستلزمات، فضلا عن مشكلة الرطوبة العالية وإمكانية مداهمة السيول له”.

وأضافت كلش: “إلى جانب ظروف السكن غير الصحية، يعاني العمال الوافدون من تشدد التعليمات في مسألة استقدام زوجاتهم وأطفالهم، ما يدفع بالعمال الوافدين إلى الالتفاف على تلك التعليمات، وإحضار أسرهم بطرق مخالفة”.

وتبين: “يشترط أن يكون هناك حد معين لدخل الأسرة حتى يسمح لها بالحضور والإقامة في الأردن، وهذا الأمر يدفع بعديد من العمال إلى مخالفة تلك الشروط، وبالتالي إمكانية انقطاع الأطفال عن التعليم الرسمي، وغيرها من الإشكاليات التي تنجم عن الإقامة غير القانونية”.

وتشير كلش إلى إشكالية أخرى تتمثل بأن مهنة حراسة البنايات هي من “المهن المحظورة على غير الأردنيين، ولكن واقع الحال ان كل حراس البنايات السكنية هم من غير الأردنيين، وتحديدا من الجنسية المصرية، ما يجعل من هؤلاء جميعا مخالفين”.

وتتساءل: “ما المنطق من حظر مهنة معينة على الجنسيات غير الأردنية فيما يكون جميع العاملين فيها من الأجانب؟”.

وكرد عفوي على وفاة الطفلين، نفذ عشرات المصريين أمس اعتصاما احتجاجيا أمام سفارة بلادهم في عمان، مطالبين إياها “بالاهتمام أكثر بالإشكالات التي يواجهونها في المملكة”.

وقال عدد منهم إن الاحتجاج يأتي “نتيجة حوادث عدة وقعت في الآونة الأخيرة وتتطلب تدخلا من السفارة، أبرزها وفاة الطفلين الخميس الماضي جراء السيول، وحادثة وفاة 5 مصريين بانفجار حاويتي ألعاب نارية في جمرك عمان”.

كما كانت تصريحات أمين عمان عقل بلتاجي أثارت غضب كثير من الأردنيين والجالية المصرية كذلك، عندما حمّل بلتاجي والد الطفلين “مسؤولية وفاتهما، باعتبار أنه لا يجوز أن يبقى الاطفال لوحدهم في طابق التسوية”.

واعتبر مواطنون في تعليقات على “فيسبوك” أنه “يبدو أن عمدة عمان لا يعرف أن مكان سكن الأسرة هو غرفة ضيقة واحدة في تسوية البناية، الأب لم يترك أطفاله ليموتوا بل أراد لهم النوم بدفء بعيدا عن الشتاء والبرد في الخارج”.

وقال هؤلاء: “إلقاء اللوم على الأب المكلوم لإزاحة المسؤولية عن كاهل الأمانة أمر مؤسف وغير مقبول”.

وأضافوا: “يبدو أن العمدة لم يشاهد الفيديو الذي كشف كيف غرقت التسوية نتيجة لانهيار السور”.

وفي تعليق لها على “فيسبوك” كتبت الصحفية دانا جبريل: “بلتاجي: حد بترك أطفال في البيت بالتسوية؟..عطوفتك، حد بترك مدينة بالشتا بدون خطوط تصريف صحيحة؟”

أما عبدالله سعد الدين فقال: “إذا كنتم تسكنون في التسوية فأنتم تستحقون ما يحدث لكم”.

أما المحامية هالة عاهد فتساءلت: “كيف أصبح الأب المكلوم بغرق طفليه بإهمال المسؤولين وفسادهم واستهتارهم مذنباً؟”

قد يعجبك ايضا