هل استعاد جودة الملف من عوض الله؟
حصاد نيوز-ازدحمت الأجندة الأردنية السعودية، في الأيام الماضية، بالمواعيد المهمة. كان أبرزها رسالة خطية من العاهل السعودي للملك عبدالله الثاني، حملها السفير السعودي في عمان. بعدها بأيام (أول من أمس)، حل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ضيفا على نظيره نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ناصر جودة. وبين المناسبتين لقاءات واتصالات على مختلف المستويات لم يكشف عنها في وسائل الإعلام، باستثناء زيارة المبعوث الأردني د. باسم عوض الله إلى الرياض، ولقائه بالملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده محمد بن نايف، والتي كان لها وقع العاصفة على الدبلوماسية الأردنية.
يقول الخبراء في الشأن السعودي إن الوزير الجبير لا يتمتع بنفس المكانة في دائرة صناعة القرار التي كان يحظى بها سلفه الأمير سعود الفيصل، والذي وافته المنية في يوم زيارة الجبير لعمان.
لكن الزيارة، ومن قبل الرسائل الملكية المتبادلة، تعد مؤشرا قويا على رغبة القيادتين في تخطي مرحلة الضبابية التي سادت بعد تولي الملك الجديد مقاليد الحكم في السعودية، واستعادة زخم العلاقة كما كانت إبان فترة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز.
ثمة مستجدات مهمة تستدعي تنسيقا أردنيا سعوديا عالي المستوى، أبرزها تطورات الوضع في سورية، واقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تشكيل تحالف سعودي سوري أردني تركي لمحاربة الجماعات الإرهابية. وأول من أمس، قال وزير الخارجية الروسي إن النظام السوري أبلغ موسكو موافقته على الاقتراح. لكن العواصم المعنية بالتحالف لم تقل كلمتها بعد.
هل عمان والرياض مستعدتان للتجاوب مع مبادرة بوتين؟ لا بد أن هذا الموضوع كان مدار بحث بين الوزيرين جودة والجبير، إضافة إلى قضايا أكثر حساسية في الملف السوري؛ كتسليح العشائر، واللقاءات التي استضافتها الرياض لزعماء هذه العشائر، ومثلها قريبا في عمان.
على المستوى الثنائي، حرص الوزيران على دحض الرواية السائدة عن فتور في علاقات البلدين. الجبير قال كلاما صريحا بهذا الخصوص، لكن جودة ذهب أبعد من ذلك بقوله: “لا يوجد ولم يكن هناك ولن يكون في المستقبل أي شيء يمكن أن يوصف بالتوتر في العلاقات، فهي متينة وراسخة ومتجذرة في التاريخ”.
بالنسبة للوزير جودة تكريس هذه الحقيقة أمر في غاية الأهمية؛ فزيارة الوزير السعودي، التي كانت مقررة قبل شهر تقريبا وتأجلت لأسباب فنية، كانت بمثابة رد على اعتقاد ساد بسحب الملف من عهدة وزير الخارجية، بعد دخول رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله على خط “الوساطة” بين البلدين، و”حركته” الشهيرة قبل أسابيع، وليست نتيجة لجهود الوسيط عوض الله، كما يعتقد البعض.
وفي ثنايا تصريحات جودة ما يفيد بأن العلاقات بين عمان والرياض في أحسن حال، وليس هناك من مشكلة تستدعي تدخل وسطاء من خارج “السيستم” لإصلاحها. حتى الشق الاقتصادي الذي كان من أهم الدوافع لوساطة د. عوض الله، كان حاضرا في مباحثات الوزيرين. وقد سجلت إشارة مهمة من جانب الجبير، أكد فيها أن الأردن حليف وشريك للسعودية، وأن أمنه واستقراره الاقتصادي مهمان جدا للسعودية.
هل استعاد وزير الخارجية ملف العلاقة مع السعودية، بعد أن خطفه عوض الله لأسابيع؟ ليس بعد. المهم أن تستعيد العلاقات عافيتها.