د. الهياجنة…لم يعد الصمت ممكنا …. امتحان الانجليزي ومسلسل الدموع.

34

124206_1_1434523193

حصاد نيوز – الدكتور وائل هاجنة -كلية الطب

                   جامعة العلوم والكنولوجيا الاردنية

ما جرى أمس “عندما تقدم طلاب التوجيهي الأردني لامتحان اللغة الانجليزية” يعكس حالة ذهنية مرعبة تعيشها الدولة الأردنية هذه الأيام وترعبني إمكانية امتداد هذه الحالة لتعم كل جوانب ومناحي الحياة في وطننا “الأردن”.

هذه الحالة الذهنية تقدم حالة اصلاح واستتباب الأمن بمعانيه السطحية كعنوان للعدالة وواجهة للدولة على كل جذور الدولة الأخرى كالمساواة بين المواطنين والعدالة المستدامة والرحمة بين الخلق. وان ما يعمق هذه الحالة اعتمادها شبه المطلق على المكابرة والفردية وغياب المؤسسية في التخطيط والتنفيذ والمراجعة. لقد نسي القائمون بأمر وزارة التربية والتعليم أن جوانب الاصلاح في نظامنا التعليمي الأساسي هي المعلم والمنهاج والبنى التحتية وأساليب التعلـم ولا يمكن اختزالها – لأغراض إعلامية – بعنوان واحد هو “امتحانات تعجيزية بأجواء دون كيشوتية” لقد نسوا أيضا أن بوادر الإصلاح – ان وجدت أصلا – فيجب أن تعم ولا تخص وأن تصل مدارس المخيبة الفوقا والخشافية وناعور والكريمة ومخيم سوف تماما كما تصل أكاديميات الصفوة في دابوق وخلدا والصويفية. انها العدالة تتعب العقل ولكنها تريح القلوب.

سأكون أكثر وضوحا وسأسأل القائمين بأمر وزارة التربية ما يلي وأتحداهم بأن يجيبوني؟ أين العدالة في حرمان عشرين ألف طالب (جلهم من المدارس الحكومية) من تقديم امتحاناتهم؟ ألا تعلم الوزارة العادلة (وهي تعلم) بأن طلبة المدارس الخاصة قد تغيبوا عن مدارسهم لمدة لا تقل عن شهرين في أقل تقدير؟ أين العدالة بأن يحرم ابناء الجنود والفلاحين والعمال وأن يكافأ أبناء التجار وأصحاب الشركات وكبار الموظفين والأعيان والوزراء؟ أين العدالة في توزيع المعلمين على مدارس المملكة؟ هل تجرؤ الوزارة على مقارنة كفاءة مدرسي المدارس الطرفية بأقرانهم في المدارس المركزية؟ هناك من المعلمين من درس اللغة الإنجليزية في قريته على مدي اثنتي عشرة سنة ثم درسها بعد الثانوية في معهد على بعد كيلومترات من قريته ثم استمر في قريته معلما ومدرسا على مبدأ (قراهم أولى بهم).

هذا المعلم لم يحضر في حياته مؤتمرا أو دورة ,وأبعد ما وصلت اليه قدماه رحلة الى مدينة العقبة. أنا لا أنتقد هؤلاء فذلك ما فرضته عليهم الحياة بظلمها الكثير وعدلها القليل, ولكنني أنتقد وزارة يظن القائمون على أمرها أن طلابا يدرسهم هؤلاء المعلمون سيجيبون على سؤال – The function of using the past perfect continuous – – بنفس كفاءة طلاب المدارس الذين يقوم على تدريسهم معلمون تكاد تكون لغتهم الإنجليزية أو هي فعلا مقاربة للسان أهل اللغة الأصليين؟ هل تستطيع وزارة التربية أن تخبرنا عن نسب عدم اكتمال المعلمين في مادة الفيزياء في المدارس الطرفية؟ بأي منطق يطالب واضعو أسئلة امتحان الإنجليزي الطلاب بكتابة موضوع للإنشاء عن لوحة جميلة أعجبتهم أو رواية سلبت ألبابهم؟ ألا يعرف هؤلاء أن كثيرا من طلابنا لا يملكون رفاهية شراء الروايات أو التغني بالرسومات؟ انهم بالكاد قادرون على شراء نسخ صفراء لكتب أصيلة ودوسيات لأسئلة مقترحة هل تستطيع وزارة التربية أن تخبرنا وبشفافية عن عدد واضعي أسئلة امتحان الانجليزي؟ هل هم مجموعة أم هو شخص واحد مهارته الوحيدة القدرة على سرقة الأسئلة من الشبكة العنكبوتية؟

نعم لقد أبدعت الوزارة في الضبط الأمني اللحظي لامتحانات التوجيهي حيث استحضرت جميع وسائل منع الغش من أجهزة تشويش وتوحيد الأقلام ومنع التطبيقات الالكترونية كما لم تأل الوزارة جهدا في توظيف قدرات الوطن الأمنية والرقابية من بوليس ودرك وديوان المحاسبة وغيرها – وهذا يسجل لها – لتحقيق هذا الضبط مما يجعلنا نتساءل عما أنفقته الدولة من مقدراتها لتحقيق هذا الهدف ولنسأل وببراءة: هل يتساوى هذا الانفاق مع ما أنفقته الوزارة لإصلاح البنية التكوينية لماهية الامتحان؟ وحتى لا أكون غامضا هل عملت الوزارة على وضع امتحانات متوازنة (شاملة للمنهاج, معبرة عن الأهداف, متدرجة في الصعوبة, متنوعة في الأساليب, صادقة في القياس مراعية للخلفيات الاجتماعية, مناسبة للوقت, وخالية من الأخطاء ) ؟

أنا لا أدعي معرفة الإجابة ولكنني سأذكر مثلبة واحدة اذ لم بكلف واضع (أو واضعو) الأسئلة نفسه عناء اجراء فحص تلقائي للأخطاء الاملائية او القواعدية وهذا أضعف الايمان, فكيف بما هو أعقد واكثر كلفة!!! اذا كانت الغاية اصلاح ما اعوج, فقد أخطأت الوزارة الوسيلة والهدف. أما اذا كانت الغاية مصالح آنية, فنعم ما يفعلون!!!!

قد يعجبك ايضا