فقراء يستخدمون الاحذية التالفة وقودا للتدفئة والطبخ في عجلون
حصاد نيوز – في ظل أجواء البرد القارس والانجماد تستعيض أسر فقيرة في مختلف قرى ومناطق محافظة عجلون بمخلفات مواد صناعية قابلة للاشتعال كبديل مجاني عن مادة الحطب التي تشهد ارتفاعا في الأسعار، غير مدركين لخطورتها على الصحة والبيئة.
وتجد مواد البلاستيك و الكاوتشوك والأحذية وأي مادة مجانية قابلة للاشتعال طريقها إلى مدافئ الحطب خاصة لدى الأسر الفقيرة نتيجة عجزهم عن شراء مادة الحطب أو الجفت التي تستخدم في إيقاد المدافئ.
ويتسبب استخدام المواد الصناعية كوقود لمدافئ الحطب بتصاعد أعمدة من الأدخنة ذات الألوان القاتمة والتي تبدو بحسب وصف سكان بـأدخنة عوادم القطارات والمصانع .
الأربعيني محمود الذي يستعين بمدفأة حطب لدرء برد شتاء عجلون يشير الى رواج فكرة استخدام المواد الصناعية القابلة للاشتعال في الآونة الأخيرة لدى العديد من الأسر مشير الى أن الكثير من السكان في المحافظة، وبسبب ظروفهم المادية السيئة وتدني دخولهم، يلجأون إلى استخدام كل ما يمكن أن تلتهمه النيران في المواقد حتى الإطارات والاحذية بعد أن يتم تقطيعها.
أما السيدة أم أحمد فتقول إنها دائمة البحث عن كل شيء يمكن إشعاله في مدفأة الحطب بمنزلها لتوفير الدفء لأسرتها، مبررة ذلك بعدم قدرتهم على شراء المحروقات و الحطب وارتفاع أثمانها لافتة الى أنها تسأل صديقاتها عن أي شيء متوفر لديهن بحيث يمكن إشعاله في موقدة الحطب كالملابس القديمة والأحذية وقطع البلاستيك، مشيرة إلى أن ما لديها من كميات من
الحطب والجفت وبعض الأخشاب لا يمكن أن تلبي حاجة المنزل من التدفئة طيلة الشتاء .
ويشكو أحد المواطنين فضل عدم ذكر اسمه من الروائح الكريهة والغازات التي تدخل إلى منزله من المدافئ المنتشرة في محيطه، ما يجعله مضطرا إلى إغلاق نوافذ منزله بإحكام، واغتنام الأوقات التي يقل فيها انبعاث تلك الأدخنة من المدافئ لتهوية منزله، وتجفيف الملابس المغسولة في الهواء.
ويرى عدنان المومني أن ما يدفع السكان إلى مثل هذه الممارسات هو برودة الطقس خلال الشتاء في المحافظة، وعدم قدرة الكثير من المواطنين على شراء الوقود، مطالبا الحكومة بتخصيص «كوبونات» لبيع المحروقات في المحافظة بأسعار مخفضة، بهدف منع هذه الممارسات ولحماية الغابات من الاعتداءات عليها بهدف استخدام أحطابها لأغراض التدفئة.
ووفق ناشطين بيئيين ومراقبين فإن زهاء 50 % من المنازل في المحافظة تعتمد في تدفئتها على المواقد ذات الاحتراق
الخارجي كمواقد الحطب والجفت والديزل، والتي تنبعث أدخنتها في سماء المنطقة.
وتشير الدراسات العلمية الى أن مثل هذه الأنواع من الأدخنة تكون ذات غطاء سميك وثقيل من الهواء الملوث والمحمل بالسموم والأخطار، فهي تؤدي إلى تلوث الهواء ويكون لها آثار سلبية على البيئة، بحيث يمكن لها أن تقضي على الغطاء النباتي وتؤدي إلى أشجار يابسة وتربة فقيرة.
ويؤكد مدير محمية غابات عجلون المهندس ناصر عباس، أنه لا توجد جهة رقابية لديها القدرة على متابعة تلك المواقد التي تستخدم مواد خطرة على البيئة، مشيرا إلى جود العديد من تلك الممارسات الخاطئة لدى الكثير من السكان، خاصة في القرى واصبحت حاليا في المدن .
واضاف إن خطورة استخدام النفايات المنزلية من المواد البلاستيكية والبولسترين والألبسة والاحذية وغيرها الكثير لأغراض التدفئة يؤثر سلبا على البيئة وبالتالي على الإنسان نفسه، إضافة إلى الحيوان والنبات، موضحا أن الأدخنة الناجمة عن احتراق هذه المخلفات تعد سامة إذ يمكن لها أن تتسرب إلى داخل المنزل، خصوصا من المواقد ذات المصنعية السيئة، كما أنها تلوث الهواء بمواد كيماوية وبالتالي تساقط أمطار ملوثة.
واكد أنه لا بد من إيجاد حلول لهذه الظاهرة المتزايدة في ظل تراجع القدرة الشرائية للسكان، وذلك إما ببيع أنواع المحروقات بأسعار مدعومة، أو بيع الأحطاب للمواطنين بأسعار رمزية.
أما من ناحية طبية، فيؤكد رئيس فرع نقابة الصيادلة الدكتورعلي الزغول أن استعمال مخلفات المنزل البلاستيكية في التدفئة
وما تحويه من أكياس نايلون وأوان بلاستيكية قديمة، وقيام بعض العائلات بقص كاوتشوك إطارات السيارات القديمة ووضع الأحذية القديمة، وملابس الصوف والنايلون والبوليستروالجينز يعد خطيرا جدا على الصحة والبيئة.
وبين أن هذه المواد سريعة الاشتعال وتزيد من حرارة التدفئة بالداخل، وعند خروجها من درجة حرارة عالية عن طريق مخارج التدفئة(البواري) إلى الخارج، حيث درجات الحرارة منخفضة جدا تتحول هذه الأدخنة والأبخرة إلى غازات سامة أو أبخرة أو إلى غازات أبخرة أو جزيئات صلبة ذات أحجام مختلفة منتشرة في الهواء.
وأضاف أن هذه الأبخرة تسبب مشاكل في الجهاز التنفسي وبالذات على الرئتين اللتين تتكونان من ملايين الحويصلات الهوائية التي وظيفتها إدخال الأكسجين إلى الدورة الدموية وإخراج غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات السامة.
وأكد أن التعرض إلى هذه الغازات والأبخرة والجزيئات البلاستكية على المدى البعيد سوف يدخل الرئة في حالة احتشاء (تلف في الحويصلات الهوائية)، ومن ثم انتفاخ بالرئة وضعف في وظائفها ، وبالتالي ربما تحصل أورام سرطانية على المدى البعيد .