زواج القاصرات في الأردن … واحد من أشكال الاعتداء على المرأة والطفل
حصاد نيوز – تتفشى ظاهرة تزويج الفتيات القاصرات في الأردن بين الأسر الريفية الفقيرة، التي لا تؤمن عادة بحقوق المرأة في إكمال دراستها واختيار شريك حياتها.
وغالباً ما يكون نهاية هذه الزيجات الفشل، بسبب افتقادها المعايير الأساسية التي لا بدّ أن تتوافر للزوجين، ومنها التوافق الفكري والاجتماعي والعاطفي بينهما.
ويعزو اختصاصيون لجوء الأسر إلى تزويج بناتهن في سن مبكّرة، «إلى التخفيف من حدة الفقر أو العبء الناتج من إعالة أسرة كبيرة من ضمنها فتيات، وتوفير الحماية للصغيرات منهن، ونزولاً عند التقاليد»، وهو أيضاً كما يعدّه هؤلاء بمثابة «فرصة لمن يعانين من الاعتداء في بيئتهن المنزلية».
بيدَ أن الزواج المبكّر، «بدل أن يوفّر الحلول، يزيد من المشكلات الواقعة على الفتيات»، بحسب دراسات أممية تؤكد زيادة خطر حدوث مضاعفات أثناء الحمل، ومن وقوع الفتيات ضحايا للعنف الأسري، فضلاً عن فقدانهن حق التعليم، وفقدان الفرصة الاقتصادية».
وعلى رغم أن الأفعال والممارسات الجنسية التي يقوم بها الزوج مع زوجته «الطفلة» التي لم تبلغ بعد الـ18 من عمرها، تشكّل عنفاً جنسياً في المفهوم الطبي والنفسي، إلا أن قانون الأحوال الشخصية يسمح بتزويج القاصرات، في حالات معينة يحدّدها القاضي الشرعي، ما أثار رفض الهيئات والمنظمات النسائية في الأردن واستنكارها.
وبحسب أطباء اختصاصيين، فإن للزواج المبكر أبعاداً خطيرة وانعكاسات سلبية على صحة المرأة والطفل والمجتمع، إذ تشير معظم الأبحاث والدراسات الطبية إلى أن مضاعفات الحمل والولادة تزداد بشدة في حالات الزواج المبكّر عنها في حالات الزواج بعد سن الـ18 سنة، وأهمها حالات تسمم الحمل، وضعف الجنين، ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الوفيات بين الأطفال حديثي الولادة.
ويلفت اختصاصيون إلى آثار أخرى مترتبة على الزواج المبكر، منها عدم القدرة على الإنجاب أو إنجاب أطفال مشوهين، وكثرة الإنجاب ما يرهق المرأة ويسبّب لها أمراضاً عدة، مثل سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم، وزيادة حالات الطلاق بين المتزوجين في سن مبكّرة.
انتهاك للقيم
ويعتبر مستشار الطب الشرعي في وزارة الصحة الأردنية الدكتور هاني جهشان، إكراه المرأة على الزواج المبكّر سلوكاً يتعدّى كونه غير شرعي وغير قانوني وغير أخلاقي إلى أنه «شكل من أشكال العنف ضد المرأة، وضد الطفل»، استناداً إلى أن الطفولة هي المرحلة العمرية دون الـ18 سنة.
وأوضح جهشان أن هذا الزواج «يعرّض الطفلة لمعاناة نفسية شديدة من قبل والدها أو وليها الشرعي، وإن وافقت على مضض على هذا الزواج وأجيز قانونياً فإن حياتها مع زوج لا تكن له المودة، سيعرّضها، إضافة إلى العنف النفسي، إلى أشكال أخرى من الأذى الجسدي، وإلى الإساءة الجنسية من قبل زوجها».
ويعتبر جهشان الزواج المبكر «انتهاكاً للمبادئ الأساسية للصحة الإنجابية المتمثلة في علاقة جنسية متكافئة بين الزوجين، والقدرة الجسدية على الحمل الطبيعي والولادة الطبيعية، وكذلك القدرة على اتخاذ القرار بتحمّل مسؤولية رعاية الطفل من الناحية النفسية والاجتماعية». ويقول إن زواج طفلة أو يافعة لم تتجاوز الـ 18 سنة لا يتصف بأي حال من الأحوال بالمعافاة الجسدية والنفسية والاجتماعية ولا يحقق مبادئ الصحة الإنجابية الأساسية، على اعتبار أن هذا الزواج لا يُتوقع أن تكون العلاقة الجنسية به متكافئة، ولا يشكّل جسم الطفلة أو اليافعة بيئة مناسبة لحمل طبيعي ولا يكون ملائماً لولادة طبيعية. ويمتد ذلك إلى غياب الاستعداد النفسي والاجتماعي في هذا العمر المبكّر للتعامل مع الأطفال كأبناء تُقدّم لهم حاجاتهم الأساسية.
ويشدد جهشان على أن الزواج المبكّر يشكّل انتهاكاً صارخاً لقيم إنسانية لها علاقة بالطبيعة البشرية، وهي القرار الناضج بمفهوم ممارسة الجنس والقرار الواعي بالإنجاب، اللذان من المستحيل توافرهما لدى طفلة أو يافعة.
عدم معرفة
وتظهر دراسات اجتماعية أن الفتيات اللواتي يتزوجن في سن مبكّرة، «غير قادرات على استخدام وسائل تنظيم الأسرة إن كان ذلك بسبب عدم المعرفة بهذه الوسائل أو بسبب إرغامهن على حمل قسري. وعادة تكون ولادة أول طفل لهن في العام الأول لزواجهن، ويكون احتمال تعرّضهن لعدوى الأمراض الجنسية المُعدية بما فيها مرض نقص المناعة المكتسبة (الأيدز)، أضعاف احتمال تعرّض الأكبر سنّاً لهذه الأمراض، بسبب غياب المعرفة في هذا العمر المبكّر وعدم السماح لهن باستخدام الوسائل الوقائية.