قضية “الكساسبة”..الملف بين يدي «الهيكل العراقي» في قيادة «داعش».. وهذة السيناريوهات والاحتمالات المتوقعة

23

98212_1_1419667689

 حصاد نيوزتخلط الأوراق بالتأكيد حادثة أسر الطيار الأردني معاذ الكساسبة من قبل قوات داعش في الرقة السورية وبصورة علنية ودعائية وإعلامية بالرغم من قرار النيابة حظر نشر الأخبار والصور عن الطيار والقضايا العسكرية وحرص السلطات على إبقاء اتصالات ومشاريع مفاوضات محتملة قيد السرية والكتمان.

عمليا لم يكن صانع القرار الأردني يتوقع عدم حصول خسائر أو أحداث من هذا النوع بعد الإعلان وبكل اللغات عن الحرب على «داعش» باعتبارها «أردنية» وضميرية، الآن أصبحت كذلك بصورة مرجحة ومواجهة داعش لم تعد مع الجانب العسكري في الدولة الأردنية لإن الشعب الأردني بكل فئاته يترقب وينتظر ويغرق في التوقع والاحتمالات.

بدا واضحا أن ردة الفعل الأعنف على مستوى قيادات داعش صدرت من باب المزايدة وشراء الولاء عن شخصية أردنية سلفية بارزة في الصف القيادي للجهاديين هو الدكتور سعد الحنيطي الذي تمكن من مغادرة الأردن إلى سوريا مع جبهة النصرة ثم توجه إلى تركيا فالعراق.

الحنيطي وخلافا لما فعله سلفيون آخرون في الخريطة السلفية الأردنية سارع لإطلاق تصريح متشدد جدا يعاكس كل الاتجاهات العارمة التي برزت في الشارع المحلي تعاطفا مع قائد الطائرة الأسير والشاب معاذ الكساسبة.

هنا حصريا تباين الحنيطي مع آخرين فتحدث عن «مرتد» يقصف أطفال المسلمين وعن «تحالف كافر»، لذلك سبب برأي سلفيين أردنيين على إطلاع يتمثل في أن منظمة داعش تمتنع حتى اللحظة عن تخصيص مكان بارز وفي الصدارة عندها للدكتور الحنيطي بسبب ظروف مغادرته للسجن في الأردن العام الماضي أولا وبسبب علاقته الحيوية بتنظيم جبهة النصرة مما يجعل تعليقات الحنيطي بخصوص الطيار الأسير جزءا من طموحاته الفردية للجلوس في موقع متقدم ضمن هيكيلية داعش كما يرى خبراء في الملف السلفي.

خلافا للحنيطي استدرك ناشطون سلفيون أومقربون من التيار السلفي في الحالة الأردنية أهمية التحول العاصف الذي سيحصل في الحالة الشعبية الأردنية ضد كل أنماط التعبيرات الجهادية والسلفية في حال «إيذاء» الطيار الشاب.

هؤلاء ومن بينهم القيادي الشهير أبو سياف والناشط الحقوقي في مجال المعتقلين الإسلاميين محمد الحديد سارعوا للتباين في التحدث عن «صفقة تبادل» تشمل عراقيين مسجونيين في الأردن من بينهم زياد كربولي وساجدة الريشاوي.

معنى ذلك عمليا واضح وهو ان القرار بشأن الطيار الأردني الأسير في الواقع وداخل تنظيم الدولة الإسلامية بيد «الهيكل العراقي» في دولة وخلافة داعش وهو أمر من المرجح ان السلطات الأردنية باتت تقدره وتعرفه من جانبها بدليل ان الاتصالات الأولية لقياس احتمالات التفاوض أنجزت مع تركيا ومشايخ في محافظة الأنبار.

عليه يمكن القول بأن نشطاء السلفية في الواقع الأردني يدركون حجم المشاعر العاصفة في الشارع الشعبي ويحاولون لفت نظرالهيكل العراقي لأهمية قضية الطيار الأسير بالنسبة للوجدان الأردني حتى لا تحصل مفاجآت غير سارة في السياق ولا تتسرع داعش في حكمها وقرارها.

الأردنيون المختلفون فيما بينهم بخصوص مسألة التحالف والمشاركة فيها أصلا «موحدون» تماما الآن خلف ضرورة الحفاظ على سلامة الأسير الكساسبة ولا مجال برأي العديد من الخبراء لأي تفهم مستقبلي أو تعاطف في حال التعرض له وأيذائه.

ومن الواضح ان داعش التي تواجه المؤسسة الرسمية الأردنية ستعبث بكل أوراق السلفيين الأردنيين وستواجه المؤسسات الشعبية الأردنية برمتها إذا لم تنته الأمور في الحادث الصعب والمعقد بنتيجة لا مجال لرؤيتها خارج سياق عودة الطيارالشاب إلى أهله وعائلته.

توجد مكاسب كثيرة يمكن ان يحظى بها داعش في حال الإفراج عن الأسير الشاب الذي قام بواجبه في النهاية وتنفيذ الأوامر ولا يوجد حسب خبراء أي مكسب من أي نوع بل خاسر أكبر بكثير في حال التعرض لسلامة الطيار.

المعادلة على النحو سالف الذكر تماما الآن فابتزاز الأردن بقضية الطيار التي أصبحت فورا قضية رأي عام وشعب أردني «غير مفيد» ويخدم التيار المتشدد في الدولة الأردنية الداعي لحرب مفتوحة واشتباكية مباشرة مع تنظيم الدولة كما يعزل تماما الآراء المعترضة أصلا على انضمام الأردن للتحالف.

لذلك يعتقد وعلى نطاق واسع بأن مصلحة داعش تتطلب الحفاظ على الأسير الطيار والتعامل معه كضيف ثم الإفراج عنه كما يقول والده لـ «القدس العربي» خصوصا وان الأردن بثقله وبجميع تياراته بما في ذلك التيارات الإسلامية لا يمكنه تقبل فكرة التعامل مع الأسير الطيار دون التوصل في النهاية إلى الإفراج عنه ضمن سلسلة تنازلات يمكن ان تهضمها المؤسسة الأردنية.

الإفراج عن الطيار يعني «تصعيب» مهمة البقاء أكثر ضمن قوات التحالف على الجانب الرسمي والمساس به يؤشر على التحدي المباشر لمشاعر الشعب الأردني برمته وبكافة تعبيراته والانتقال لمستوى مختلف من المواجهة ينهي التردد ويعزز قناعة الجميع بأن الحرب على داعش «أردنية» فعلا وستبقى كذلك.

لذلك يبدو الموقف معقدا والاحتمالات متشتتة والتساؤلات كبيرة ومن المفيد لجميع الأطراف بقاء المسألة خلف الستارة والكواليس لإن قضية الطيار الكساسبة اليوم أصبحت قضية «كل أردني» بل تجاوزت لتكون اختيارا جديا جدا لتلك المسافات الفاصلة والمسكوت عنها بقصة العلاقة بين التحالف والأردن الرسمي من حيث الجوهر.

هذا ما عبر عنه مجلس النـواب الأردني وهـذا مـا تقوله عائلة وعشيرة الطيار الأسـير وهـذا مـا يـدلل علـيـه مزاج الشارع الأردني المتفاعل كـما لم يـحصـل مـن قـبل مـع القـضية.
 بسام البدارين

قد يعجبك ايضا