كيف نبني الأردن بعد قرن من إنشائه: بين تحديات الواقع ورؤية المستقبل (الحلقة الأولى)

9٬064

 

حصادنيوز – م .سعيد بهاء المصري – يمر الأردن اليوم بمرحلة مفصلية في تاريخه، فبعد مرور قرن على تأسيس الدولة، يجد نفسه أمام جملة من التحديات المعقدة والمتشابكة، تتداخل فيها العوامل الاقتصادية مع الأبعاد الجيوسياسية، وتتأثر بها جميع مكونات المجتمع ومؤسساته. هذه المرحلة تتطلب قراءة متأنية للواقع، ورؤية استراتيجية للمستقبل، بعيدًا عن الانفعال أو القرارات المرتجلة.
التحديات الاقتصادية: أرقام ودلالات
يواجه الاقتصاد الأردني معوقات مزمنة تتجسد في معدلات البطالة، وتباطؤ في النمو الاقتصادي لا يتجاوز 3% سنويًا، وهي نسبة غير كافية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الداخلين إلى سوق العمل. كما يتأثر الاقتصاد بارتفاع الدين العام، وعجز تجاري يثقل كاهل الميزان الاقتصادي. يرافق ذلك ارتفاع تكاليف المعيشة، وتحديات في جذب الاستثمارات النوعية القادرة على توليد فرص عمل مستدامة.
البعد الجيوسياسي: محيط مضطرب
تحيط بالأردن بيئة إقليمية معقدة، تتسم بعدم الاستقرار السياسي والأمني، بدءًا من استمرار اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وغزة، مرورًا بالأزمات المزمنة في سوريا والعراق ولبنان، ووصولًا إلى التنافس الإقليمي والدولي على النفوذ في المنطقة. هذه الظروف تفرض على الأردن أن يحافظ على توازن دقيق بين ثوابته الوطنية ودوره الإقليمي، دون التفريط في استقلال قراره أو أمنه الداخلي.
أسئلة جوهرية لمستقبل الدولة
في ظل هذه التحديات، يبرز تساؤل محوري: كيف يمكن للأردن أن يعزز مناعته الاقتصادية ويحافظ في الوقت ذاته على دوره الإقليمي المحوري؟ كيف يمكن مواءمة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية ضمن رؤية وطنية متكاملة تراعي الواقع المحلي وتستفيد من الفرص الإقليمية والدولية؟ وهل يمكن بناء نموذج تنموي أردني قادر على الصمود أمام الضغوط الخارجية والمتغيرات المفاجئة؟
بين الواقع والطموح
الإجابة عن هذه الأسئلة لا تكمن في الحلول السريعة أو القرارات الآنية، بل في تبني نهج شامل للإصلاح يعتمد على التخطيط بعيد المدى، ويوازن بين متطلبات الاستقرار السياسي وضرورات التغيير الاقتصادي، مع إشراك كافة مكونات المجتمع في صياغة مسار المستقبل.

قد يعجبك ايضا