سداد المديونية حلم بعيد المنال مع استمرار شهية الحكومة بالاقتراض
حصاد نيوز – حذر خبراء من استمرار الحكومة بالاقتراض بالطريقة التي تمت بالعامين الماضين وما تفضي له من نتائج كارثية تتجسد بأعباء خدمة المديونية العامة والتي تقدر بمليار دينار سنويا.
وخلص الخبراء الى أن حلم سداد اصل الدين بات حملا بعيد المنال في ظل استمرار الأزمات التي تتلاطم بالأقاليم واليات العمل المنتهجة من قبل الفريق الاقتصادي، مشيرين الى أن ما وصلت اليه المملكة في مجال الدين العام وفاتورة خدمة الدين مرده الى سياسات حكومية خاطئة في كثير من من الاحيان من قبل الحكومات المتعاقبة.
واعتبر مصدر حكومي مطلع ارتفاع المديونية وخدمة الدين مرده الى عدم الاستمرار في تحرير المحروقات وتأخيره وتبعاته على الموازنة العامة، بالإضافة الى الصدمات الخارجية المتمثلة بانقطاع امدادات الغاز المصري الى جانب “الربيع العربي” وما تلاه من تدفق مئات الاف اللاجئين السوريين الى المملكة وازدياد حالة عدم اليقين، ما خفض من النمو الاقتصادي.
واكد خبراء اقتصاديون على ضرورة ترشيد الانفاق والحد من الانفاق غير الضروري، وتوجيه الموارد الاقتصادية بالشكل الأمثل، مما من شأنه ان يخفف المديونية.
ولفت هؤلاء الى أن امكانية الاستمرار في خدمة الدين العام والتي تقدر بنحو مليار دينار سنويا ممكنة في حال توقفت الحكومة عن الاقتراض بمستوى 2011-2014، مؤكدين على أهمية تقليل العجز عبر ضبط النفقات وليس زيادة الايرادات كما فعلت الحكومة خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
من جهته قال الخبير المالي مفلح عقل، ان الاردن قادر على خدمة الدين إن استمر في ترشيد الانفاق وتقليص عجز الموازنة وتحقيق نمو اقتصادي أفضل من المعدلات الحالية، مشيرا الى ان هذا متوقع خلال العام القادم.
وبين عقل انه إن تم اتباع أسس معينة في الانفاق والعجز يكون الاردن قادرا على الوفاء بالتزاماته، وأن يكون هناك توسع في تنفيذ مشاريع الطاقة بشكل أسرع من الوقت الحالي.
واشار عقل الى انه لا بد من الانفاق على الضروريات والابتعاد عن الانفاق غير الضروري ويجب مراقبة الانفاق وعدم تجاوز الحدود المعقولة، هذه امور يمكن ان تخفف المديونية على الموازنة العامة.
وأكد عقل على ضرورة ترشيد الانفاق، اذ انه يعد من بين الحلول الممكنة لتخيف المديونية، والتعامل مع المشكلات الناتجة عن كلفة الطاقة المستوردة.
من جهته قال الخبير المالي محمد البشير إن استمرار الاقتراض بالوتيرة الحالية، سيجعل المملكة عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها مالم تصوّب أوضاعها وتقلص من النفقات بطريقة رشيقة تقوم على اساس استخدام الموارد المالية بالشكل الأمثل.
غير أن البشير يبدي خشيته من صعوبة تنفيذ برامج مبتكرة تخفض العجز بالموازنة العامة وبالتالي يقل الاقتراض من الحكومية حيث استندت في ذلك لوجود الفريق الاقتصادي الذي يقود البلاد منذ سنوات بنفس الطريقة التقليدية.
قال الخبير الاقتصادي هاني الخليلي، ان الاردن يواجه في الظروف الحالية مشكلة في خدمة الدين بسبب العجز الكبير في الموازنة والمديونية العالية وعدة أزمات رئيسية في قطاع الطاقة.
وبين الخليلي ان خدمة الدين عالية تصل حوالي 5 % من الناتج المحلي الاجمالي، مضيفا ان النمو الاقتصادي الاردني هذا العام سيكون متواضعا بسبب زيادة عدد اللاجئين وبالتالي زيادة نسبة الاستهلاك، وانه لا بد من دعم دولي خاصة في موضوع اللاجئين السوريين والعراقيين.
وأشار الخليلي الى انه من الصعب جدا بالوضع الحالي سداد أصل الدين بسبب محدودية الاستثمار.
وذكر ان جذب الاستثمارات وزيادة الانتاجية للاقتصاد الاردني من شأنه ان يخفف المديونية على الموازنة العامة.
واوضح الخليلي ان تخفيض الانفاق قد يساعد على تخفيف المديونية، لكن ان لم يكن هناك زيادة في الانتاج والاستثمار للدولة لا يمكن ان يكون هناك اقتصاد سليم.
من جهته أكد الخبير الاقتصادي عبد خرابشة، إن دول العالم مدينة، مشيرا الى أهمية الاقتراض لتنفيذ مشاريع بنى تحتية وليس من أجل تسديد النفقات الجارية.
وشدد خرابشة على أهمية تخفيف المديونية عبر الحد من الانفاق غير الضروري، وتوجيه كل الموارد الاقتصادية في مجالات استثمارية.
واوضح خرابشة انه يمكن ان يكون تخفيض الانفاق من بين الحلول الممكنة لتخفيف المديونية، لكن المشكلة ان الموازنة في كثير من الاحيان تصبح قانونا، مشيرا الى محاولة الانفاق في مجالات محددة وتجنب الانفاق غير الضروري.
صندوق النقد الدولي
وقال صندوق النقد الدولي إن الدين العام الأردني لما يزال في مرحلة “قابلة للاستدامة”. وأضاف إنه مع التكيف المالي المتوخى في إطار برنامج “الأساس”، من المتوقع أن يصل الدين العام الأردني إلى قمة تصل إلى 91 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2015، ومن ثم سينخفض تدريجياً.
وقال الصندوق، في تقريره الأخير عن الأردن، إن احتياجات التمويل الإجمالي للأردن كبيرة نسبياً، وستستمر عند حوالي 16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط، ما يعكس آجال استحقاق قصيرة المدى للدين المحلي (أقل من سنتين).
وعلاوة على ذلك، توقع الصندوق أن يستمر الأردن في الاعتماد على المنح كبيرة على المدى المتوسط، ولكن يجب على المملكة في نهاية المطاف انهاء الاعتماد على المساعدات الخارجية.
وفي الجانب الإيجابي، فإن معظم مؤشرات الديون تقع عند نقاط أقل من المعايير العلوية، ومن المتوقع أن تنخفض على المدى المتوسط حتى في ظل أقسى اختبارات إجهاد الدين.
ووجد الصندوق في التوقعات السابقة للنمو متوسطة الأجل أخطاء، والتي مالت بشكل طفيف نحو الجانب المتشائم. توقعات النمو الحالية للفترة القادمة اقل من تلك التي قام البرنامج بها العام الماضي بشكل طفيف، نتيجة عكس النمو الأقل من المتوقع الذي لوحظ في الأعوام 2012 و2013.
وأضاف الصندوق إن سجل توقعات التضخم عموما يتماشى مع البلدان الأخرى حيث إن معدلات التضخم الفعلية كانت أعلى من المتوسط بـ2.2 نقطة مئوية. وقد تم تنقيح توقعات التضخم بانخفاض طفيف عن مستواها قبل عام واحد، لدمج التضخم في العام 2012 الذي كان أقل من المتوقع، ولتوقع انخفاض ضغوط التضخم الحالية تدريجيا.
وبحسب الصندوق، وعلى الرغم من تعديل كبير على المدى المتوسط، فإن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي ستبلغ ذروتها في العام 2015 عند 91 %، وستبدأ بالانخفاض لتصل إلى 79 % في العام 2019.
وعلى الرغم من أن متوسط مستوى الرصيد الأساسي للحكومة المركزية المعدلة دوريا لمدة 3 سنوات في الأردن في مستوى قريب من باقي الدول في العالم، فإن الحد الأقصى للتعديل لمدة 3 سنوات في الأردن قريب جداً من الحد الأعظم عند النسبة المئوية الثانية.
وأشار الصندوق إلى أنه وعلى الرغم من أن كلا من عائدات السندات الخارجية والداخلية عدلت في وقت سابق، من المتوقع أن يستقر معدل الفائدة الفعلي في الأردن عند حوالي 5.6 في المئة.
ولفت الصندوق إلى أن الدين العام لديها تواريخ استحقاق قصيرة نسبيا، بمتوسط أقل من عامين، بالإضافة إلى أن العجز الحكومي العام كبير، الأمر الذي يرفع احتياجات التمويل الإجمالية إلى 26 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2014. وقال الصندوق إنه افترض أن تطول مدة استحقاق الديون المحلية الآجلة في المدى المتوسط مع الإصدار الجديد المتوقع في العام 2018، ويكون متوسط استحقاقها أعلى من ثلاث سنوات.
ووضح الصندوق أنه على افتراض عدم قدوم غاز من مصر ابتداء من عام 2014، سوف تضطر شركة الكهرباء الوطنية إلى التحول إلى وقود أكثر تكلفة وتتكبد خسائر أعلى على المدى المتوسط، حيث إن الغاز الطبيعي المسال خفف من الآثار السلبية على الواردات والديون بدأ من العام 2015.
فإذا حدث هذا السيناريو، سوف يصل الدين إلى ذروته عند 96 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2016 ثم ينخفض؛ وسوف تبقى احتياجات التمويل الإجمالي عند مستوى 18 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2019.
الدين العام
أظهرت التطورات الأخيرة في المالية العامة ارتفاعًا في صافي الدين العام بنهاية شهر ايار (مايو) 2014 عن مستواه في نهاية العام الماضي بواقع 824 مليون دينار 4.3 %.
وسجل صافي الدين العام باحتساب الودائع الحكومية لدى البنوك بنهاية الشهر الخامس من العام الحالي مستوى 19.9 مليار دينار
77.8 % من النتاج المحلي الاجمالي المقدر عام 2014 مقابل بلوغه مستوى 19.1 مليار دينار بنهاية 80 % عام 2013 من النتاج المحلي الاجمالي عام 2013 بانخفاض 2.3 نقطة مئوية.
وفي التفاصيل فقد ارتفع الدين العام الداخلي بنهاية الشهر الخامس من العام الحالي ليصل الى 12.23 مليار دينار 48 % من النتاج المحلي الاجمالي للعام 2014 مقابل 11.86 مليار بنهاية العام الماضي وبارتفاع قدره 367 مليون دينار.
وقد جاء الارتفاع في محصلة الدين الداخلي من جراء زيادة الدين ضمن الموازنة العامة المركزية بواقع 568 مليون دينار وانخفاض رصيد الدين العام ضمن المؤسسات العامة بواقع 201 مليون دينار.
وعن الدين الخارجي، مضافا اليه المكفول، فقد سجل في نهاية ايار 2014 مستوى 7.7 مليار دينار مرتفعا بواقع 456 مليون دينار مشكلا 30 % من النتاج المحلي الاجمالي المقدر عام 2014.
وسبق ان سجل الدين الخارجي مستوى 7.235 مليار دينار بنهاية 30.3 % عام 2013 من النتاج المحلي الاجمالي للعام نفسه.
تركيبة الدين الخارجي
وفيما يتعلق بالدين الخارجي فقد أظهرت البيانات المتعلقة بالرصيد القائم نهاية الخمس شهور الاولى ارتفاعا بـ 28.4 مليون دينار عن نهاية عام 2013. ويأتي ذلك أساسا بسبب صافي أثر الحركات “التسديدات والسحوبات” التي ادت الى ارتفاع رصيد المديونية بـ 7.7 مليون دينار.
ويعتبر الدين الخارجي دينا طويل الأجل في معظمه، حيث تمتد استحقاقات بعض قروضه الى عام 2052، حيث تبلغ قيمة الدين قصير الأجل (المستحق السداد خلال سنة أو أقل) حوالي 702 مليون دينار أي ما نسبته 9.7 من الدين الخارجي.
وتتوزع المديونية الخارجية على أساس 324.9 مليون دينار لدول عربية بين قروض ثنائية وصناديق عربية، والجزء الثاني من المديونية الخارجية مصنف على أساس قروض لدول صناعية لكل من المانيا وفرنسا والولايات المتحدة واليابان، فيما الجزء الثالث لدول أخرى بمقدار 79 مليون دينار.
أما الجزء الرابع من مديونية المملكة فهو لمؤسسات اقليمية ودولية (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي للإنشاء والتعمير، بنك الاستثمار الأوروبي، صندوق النقد العربي، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي)، حيث يبلغ مجموع ديونها على المملكة حتى نهاية اذار الماضي 2405 ملايين، فيما يصنف الجزء الخامس من مديونية المملكة ضمن سندات حكومية والتي تتضمن سندات اليوروبوند والسندات المحلية بالدولار والتي تبلغ 2236.5 مليون دينار، ليصل اجمالي المديونية الخارجية 6.4 مليار دينار.