إيكونوميست: الحرب في غزة أصبحت مصدرا لدروس حرب المدن المستقبلية
حصادنيوز – نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا قالت فيه إن الجيوش الغربية تدرس الصراع المروع في غزة لاستخلاص دروس تكتيكية منه.
وتقول إنه بالنسبة للجيوش المحظوظة بما يكفي لتكون في سلام، فإن حروب الآخرين هي فرص للتعلم.
لنأخذ على سبيل المثال الجبهة الشمالية لإسرائيل، حيث كان الجيش الإسرائيلي يتبادل الصواريخ والمسيّرات مع حزب الله. ولإيقاف مسيرات حزب الله ذات القدرة المتزايدة، لجأ الجيش الإسرائيلي إلى التشويش الشديد، فالتأثير على الطيف الكهرومغناطيسي قوي للغاية لدرجة أن الجنود الإسرائيليين اضطروا إلى تجنب الخرائط الرقمية واستبدالها بالخرائط المطبوعة.
وهذا واحد من الدروس التكتيكية العديدة التي تم تحديدها في تقرير جديد صادر عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة أو “روسي”وهو مركز أبحاث في لندن، بناء على مقابلات مكثفة مع ضباط في الجيش الإسرائيلي. فيما أشار المؤلفان للتقرير وبشكل موجز أنه “لم يكن من الممكن الوصول إلى قادة حماس لإجراء مقابلات معهم”.
وتضيف المجلة أن العديد من الجيوش الغربية باتت تعتقد أن الحروب المستقبلية ستتضمن قتالا مكثفا في المناطق الحضرية، سواء كان ذلك دفاعا عن طريق حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن مدن البلطيق من روسيا أو تصدي أمريكا للغزو الصيني لتايبيه، عاصمة تايوان.
وتقول إن “معركة مدينة غزة، التي بدأت في تشرين الثاني/نوفمبر، هي قصة تحذيرية. وقد حولت القوة النارية الإسرائيلية الثقيلة الكثير منها إلى أنقاض”. وواجه سائقو الدبابات صعوبة في الحكم على عمق الحفر من خلال نظارات الرؤية الليلية، مما تسبب في انقلاب المركبات. ووجدت القوات التي تستدعي ضربات مدفعية أو جوية أنه من الصعب وصف المواقع بدقة، لأن السمات المميزة قد تم تدميرها، وصعوبة التمييز بين المقاتلين والمدنيين.
وقد استنتج النقاد من حرب روسيا على أوكرانيا أن الدبابة ضعيفة للغاية بحيث لا تكون فعالة. وفي غزة، على النقيض من ذلك، فإن أنظمة الحماية النشطة (aps) الموجودة على الدبابات الإسرائيلية – والتي تتصدى للقذائف القادمة – أبقتها إلى حد كبير في مأمن من الصواريخ المضادة للدبابات. كانت الدبابات مفيدة بشكل خاص في أزواج، لأن نقاط حمايتها النشطة المتداخلة توفر حماية إضافية.
كما سلط المؤلفان، جاك واتلينغ ونك رينولدز، الضوء على استخدام حماس للأنفاق. وهي تصف نوعين، النوع المخصص للقادة والنوع المخصص للنشطاء الأقل مرتبة، حيث يكون النوع الأول أعمق وأفضل تجهيزا. واعتقد الجيش الإسرائيلي في البداية أنه سيحتل الأراضي أولا ثم يبحث عن الأنفاق. وسرعان ما تعلم أن هذا سمح لحماس بنصب الكمائن قبل الانسحاب تحت الأرض.
والدرس المستفاد هو أن الجيوش لا تستطيع تجاوز الأنفاق، ولكنها تحتاج إلى القتال على الأرض وتحتها في وقت واحد. وكان هذا أمرا صعبا بشكل خاص لأن الحدود بين وحدة إسرائيلية وأخرى – وهي ضرورية لتجنب النيران الصديقة – لم يتم رسمها بدقة على الطرق الجوفية.
وقد أثبتت حرب الأنفاق أيضا أنها “مرهقة للغاية”، مع احتمالية مقابلة حماس في كل زاوية مما يخلق “نوعية متقطعة من الضغط على الأفراد مما يؤدي إلى تآكل الروح المعنوية”.
وفوق الأرض، أثبتت المسيرات أهميتها. في السابق، لم تكن المسيرات الهجومية الصغيرة، مثل الطائرات المحملة بالمتفجرات والمستخدمة عادة في أوكرانيا، ضمن ترتيب المعركة الإسرائيلي، ولم تكن تسيطر عليها سوى وحدة تجريبية واحدة، كما هو الحال في القوات المسلحة الغربية الأخرى.
وبمجرد بدء الحرب، اكتشف الجيش الإسرائيلي أن هذه يمكن أن تكون فعالة للغاية إذا تم تقليصها إلى وحدات صغيرة مثل السرايا (أكثر من 80 جنديا). ويقول المؤلفان إن أولئك الذين لديهم مسيرات هجومية “يمكنهم مراقبة المزيد من التضاريس الحضرية وتنفيذ ضربات دقيقة بوتيرة سريعة”. وكانت المشكلة هي استحالة تتبع المسيرات للجميع. وكانت النتيجة “درجة عالية من قتل الأخوة في الدفاع الجوي”.
وقد يتساءل البعض عما إذا كانت هذه الدروس مفيدة حقا للقوات الأمريكية أو قوات حلف شمال الأطلسي.
معظم الجيوش الأوروبية أصغر بكثير وأقل تجهيزا من الجيش الإسرائيلي، الذي نشر أكثر من 20 فريقا قتاليا بفضل استخدام التجنيد الإجباري والإنفاق الدفاعي الذي يتجاوز 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتفكر هذه الجيوش بدورها في شن حرب ضد خصوم أكبر وأفضل تسليحا من حماس، التي قاتلت بشكل متقطع باستخدام فصائل صغيرة وبدون قوة جوية وبقدرات تشويش بدائية فقط. يقلب واتلينغ ورينولدز الاقتراح بتشبيه صادم بعض الشيء ويقولان:”بالنسبة للجيش البريطاني، من المفيد في بعض النواحي أن يعتبر نفسه في موقف حماس”، ومحاولة “الدفاع عن المناطق الحضرية ذات الخط الساحلي إلى الخلف ضد عدو متفوق عددا ويعمل على نطاق تقسيمي”.