الرئيس الجزائري يجمد عمل لجنة وزارية كانت تطارد رجال الأعمال بالغرامات المالية والضريبية
حصادنيوز-تخلّص رجال الأعمال في الجزائر، من عبء لجنة وزارية كانت تطاردهم بالغرامات المالية والضريبية التي اشتكوا من أنها كانت ترهق كاهلهم وتمنعهم من الاستثمار، في وقت كان الهدف الأساسي من وضع هذه اللجنة مكافحة الفساد واستعادة الأموال المهربة للخارج.
وذكر كمال مولى، رئيس مجلس تجديد الاقتصاد الجزائري، وهو أبرز تنظيم لأرباب العمل محاور للسلطات حاليا، أن الرئيس عبد المجيد تبون اتخذ قرارا بتجميد لجنة التقويم الضريبي ضمن توجيهات جديدة تهدف لإشاعة الثقة في قطاع الأعمال.
وأوضح مولى في حوار له مع صحيفة “الخبر”، عقب لقاء مع تبون، أنه تقرر تجميد لجنة المراقبة وإعادة النظر في كل الملفات مع تغيير جذري في الإجراء المتبع، وضمان حق الاستئناف للشركات التي تعتبر نفسها متضررة من المراقبة وإعادة حقوقها في حالة ثبوت خطأ لجنة المراقبة.
وأبرز رجل الأعمال أن الرئيس تبون أكد ثقته في الفاعلين الاقتصاديين خاصة العاملين في القطاع الخاص، وأعرب بوضوح عن رغبته في حماية الشركات التي يعتبرها ركيزة في مكافحة البطالة والنمو.
وكان موضوع لجنة المراقبة المشكّلة من عدة وزارات، وفق رئيس مجلس التجديد، محل شكوى ضمن مراسلات عدة رفعها مجلس تجديد الاقتصاد الجزائري إلى رئيس الجمهورية.
وتابع: “كنا ندرك أنه كان على رئيس الجمهورية أن يأخذ الوقت اللازم والكافي لقياس أهمية الفجوات بين رؤيته والتطبيق الفعلي لتوجيهاته، لذلك كنا متيقنين بأنه سيتخذ إجراءات إعادة التعديل اللازمة، على أبعد تقدير في بداية الدخول الاجتماعي”.
وأكدت الجلسة الأخيرة، حسب مولى، أن رئيس الجمهورية قد لاحظ أن العملية المتخذة لمكافحة الغش في إطار اللجنة المذكورة، لا تتوافق مع التوجيهات التي أصدرها، حيث توجد فجوة بين التعليمات والواقع.
وظهر الإشكال المتعلق بهذه اللجنة مؤخرا في رسالة وجّهتها سعيدة نغزة، رئيسة الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية للرئيس تبون، تشكو فيها تعرض العديد من رجال الأعمال لما وصفته بالاضطهاد.
وقالت نغزة التي تعرضت لهجوم حاد من قبل وكالة الأنباء الرسمية عقب ذلك، في نص رسالتها: “أتلقى التماسات متكررة من رجال أعمال يشكون من الاضطهاد والضغوط المختلفة من مختلف ممثلي الدولة، بينما يشكو آخرون من الغرامات التي تفرضها لجنة من خمسة وزراء، دون إعطائهم الحق في الاطلاع على ملفاتهم، وهي غرامات تتجاوز بالنسبة للبعض حجم أصول شركاتهم ولن يتمكنوا أصلا من دفعها”.
وأضافت سيدة الأعمال: “في رأيي، كان من الأفضل دراسة كل حالة على حدة، وإذا اقتضى الأمر، أن تأخذ العدالة مجراها، علما أن الدفاع حق يكفله الدستور لكل مواطن. عندما يتم استدعاء رجل أعمال أمام لجنة يكون وزير العدل عضوا فيها، يجد نفسه بدون أي حماية أو جهة يمكن الاستغاثة بها”.
وتساءلت نغزة: “لماذا لا يتم التعامل مع هذا الموضوع بطريقة أكثر عقلانية، بطريقة تراعي المصلحة العامة، وتحافظ على النسيج الصناعي الوطني والقوى العاملة وتختار بدلا من ذلك تحويل الغرامات المفروضة إلى التزام ببعث مشاريع استثمارية منتجة كل في مجال نشاطه كالزراعة والصناعة والخدمات؟”.
ويبدو وفق ما ذكرته رئيسة كونفيدرالية المؤسسات في رسالتها، أن الإشكالات تتعلق بتحويل بعض من رجال الأعمال أموالهم بطريقة غير قانونية للخارج. وهنا قالت: “يجب أن نأخذ في الاعتبار خصوصيات البلد، بما في ذلك مشكلة عدم قابلية تحويل الدينار ومشكلة السكوار (اسم السوق الموازية للعملة في الجزائر)”.
وأردفت: “أي رجل أعمال حقق أرباحا يطمح إلى امتلاك عقارات في الجزائر وخارجها، كما هو الحال بالنسبة لجميع رجال الأعمال في جميع أنحاء العالم، لكن القانون الجزائري لا يسمح بذلك. لذا، كيف نتعامل بعقلانية مع هذه القضية؟ هل عن طريق إفلاس المشغلين المعنيين أو بيع أو إغلاق مصانعهم وتسريح آلاف العمال من العمل؟”.
وواصلت مخاطبة الرئيس: “لقد أرسلت إلى سيادتكم خلاصة تتضمن مقترحات لمعالجة مشاكل المشغلين الذين استثمروا في الخارج أو الذين لديهم ممتلكات في الخارج، والذين أعربوا عن رغبتهم في تسوية وضعياتهم وفقا لتدابير معقولة ومفيدة لجميع الأطراف”.
ورغم أن نغزة طالتها انتقادات لاذعة عقب هذه الرسالة، إلا أن ما طرحته يبدو متوافقا عليه بين باقي تنظيمات رجال الأعمال. وقد يكون ما أعيب عليها، هو الطريقة التي طرحت بها الإشكال بجعل رسالة موجهة للرئيس علنية، وهو أسلوب اعتبرته وكالة الأنباء الجزائرية تجاوزا للمتعارف عليه في التوجه لرئاسة الجمهورية، وانتقده كمال مولى بشكل ضمني من خلال قوله إن “النقاش غير المجدي وغير النافع لا يأتي بأي قيمة إضافية، لأن الحوار البناء يجب أن يكون في ظروف يسودها الهدوء والثقة”، وفق تعبيره.
ويسود في الفترة الأخيرة صراع بين بعض تنظيمات رجال الأعمال حول الأحقية بتمثيل هذه الفئة. وفي ردّها المكتوب الأخير على وكالة الأنباء، اتهمت سعيدة نغزة مجلس تجديد الاقتصاد الجزائري بأنه جزء من النظام القديم، مشيرة إلى أن جزءا من أعضائه هم من بقايا منتدى رؤساء المؤسسات الذي أسسه رجل الأعمال علي حداد المعروف بقربه من شقيق الرئيس الراحل السعيد بوتفليقة، والموجود معه في السجن حاليا في قضايا فساد ثقيلة.
وكشف استقبال الرئيس عبد المجيد تبون مؤخرا لأعضاء المكتب الموسع لمجلس تجديد الاقتصاد الجزائري، عن وجود تفضيل واضح لهذا التنظيم الذي أنشئ سنة 2021، خاصة أن هذا اللقاء حضره الوزير الأول وعدد كبير من وزارات القطاعات الاقتصادية.