نواب ما بعد “الثقة”: وجوه عابسة تخشى رد فعل الشارع

100

News-1-100870

حصاد نيوز –  ألقت جلسة الثقة بحكومة الدكتور عبدالله النسور أول من أمس، بظلالها على جلسة مجلس النواب التي عقدت أمس، وعلى أجواء عدد من  النواب الذين حضروا الجلسة الصباحية، والتي كادت تلغى بسبب عدم توفر النصاب، وفضّت بعد ساعة من بدايتها.

وظهرت حالة قلق على مُحيّا نواب، عبّروا عن انزعاجهم من “مآل مجلس النواب وغضبة الشارع ضده”، وفق ما يقولون، فيما كان لفريق نيابي آخر، رأي آخر، يدفع باتجاه تحميل مسؤولية ما جرى لفريق نيابي، كان يضغط للذهاب لطرح الثقة بالحكومة في جلسة الثلاثاء، على الرغم من يقينه الداخلي، بصعوبة حجب الثقة، وبالتالي تأزيم صورة المجلس في الشارع.

وظهر من بين النواب من يعتقد أن قانون الانتخاب الحالي “لا يشجع العمل الكتلوي والحزبي”، وبالتالي يجب إعادة النظر فيه، كما ظهر من يرى ان المطالب التي رفعها نواب بشأن طرد السفير الإسرائيلي وسحب سفيرنا من تل أبيب تفوق قدرة الحكومة، وبالتالي فإن سحب الثقة منها لهذا السبب يبدو أمرا في غاية المجازفة.

وعلى الرغم من أن الحكومة حصلت في التصويت الثاني على الثقة بها على تأييد 81 نائبا وحجب 30، لكن ذاك لا يعني أن العلاقة بين الحكومة والمجلس ستذهب باتجاه “الترطيب”، ويتوقع ان يخرج من بين أعضاء المجلس، من المانحين للثقة أو حاجبيها، من ينتقد الأداء الحكومي، وبخاصة ان معالجة الحكومة للموضوع الاجتماعي والاقتصادي ما تزال محط نقد نيابي واسع.

واستنادا لما سبق، يرى نواب ان طرح الثقة بالحكومة كانت نتيجته ستكون مختلفة لو طرحت بناء على هذا البعد، وربما كان النائب مصطفى شنيكات واضحا عندما اشار الى هذا البعد أثناء التصويت الثلاثاء، عندما قال: “من أجل ما يعانيه الناس من ضنك اقتصادي واجتماعي جراء سياسة الحكومة أحجب الثقة”.

أما النائب عدنان السواعير، الذي حجب الثقة، فبدا عابسا أمس وهو يستعرض ما حدث، مبديا “حسرته” على صورة المؤسسة التشريعية لدى الرأي العام، ويقول إن القصة “ليس في حصول الحكومة على ثقة جديدة من عدمه، وإنما في الذهاب الى التصويت على الثقة، ودفع المجلس لذلك، والنتيجة معروفة مسبقا”.

ورغم ما ظهر على وجه السواعير من أسف ظاهر، إلا أنه يجد أن هناك “ضوءا في نهاية النفق”، باعتبار أنه يسجل لمجلس النواب السابع عشر الحالي قيامه بالتصويت على طرح الثقة بالحكومة، لافتا في الوقت عينه إلى أن التصويت على الثقة لو حصل بشأن قضية أخرى فإن الحكومة ستكون على المحك بشكل أكبر.

وما ظهر على محيا السواعير كان واضحا أيضا على وجوه نواب خلال جلسة أمس وبعدها، وأيدت النائب وفاء بني مصطفى، التي امتنعت عن التصويت، رأي سابقها، وقالت إن ما حدث هو “أمر حقيقي ويجب الوقوف عنده”.

وتعتقد بني مصطفى أن ما حصل يمكن أن يؤثر على صورة المجلس لدى الرأي العام، في حال تم قياس شعبية الحكومة في الشارع، ومدى حنقه عليها، كما ترى أن للرأي العام والناس الحق في تظهير ما يرونه بالشكل الذي يرضيهم، لكنها في ذات الوقت تدعو إلى “عدم الخلط بين التصويت على الثقة بالحكومة بشأن قضية ليس للحكومة يد فيها، وعملت ما بوسعها لمعالجة اسبابها، وبين قضايا أخرى اجتماعية واقتصادية، تغضب الناس والنواب”.

وتقول بني مصطفى إن شعبية الحكومة عند الناس “ضعيفة”، وبالتالي فإن موقف النواب بشأنها، بغض النظر عن الأسباب والمسببات والدوافع، سيلقى رد فعل يمكن أن يكون سلبيا، رغم أنها تقر ان الحكومة “فعلت كل ما تستطيع بشأن استشهاد القاضي رائد زعيتر على يد جنود صهاينة على معبر الكرامة الفلسطيني”.

ودعت الى ان يأخذ موضوع تقديم مذكرات حجب الثقة طريقة اكثر “حرفية”، وقال ان “التوقيع عليها ليس لعبة، يمكن ان يلوح بها النائب وقتما رغب”، فيما تنتقد نوابا وقعوا على مذكرة حجب الثقة، وعند التصويت منحوا الثقة للحكومة.

ويقر النائب قاسم بني هاني، الذي منح الثقة، بأن الذهاب لطرح الثقة الثلاثاء “ربما ما كان يجب أن يكون”، وأن الأولى كان أن يتم منح الحكومة فسحة لمتابعة التحقيق بشأن جريمة اغتيال زعيتر.
ويستدرك “لا أحمّل الزملاء النواب الذين أصروا على طرح الثقة مسؤولية ما حصل، لأنهم (النواب) إنما أرادوا إعمال المواد الدستورية، التي توجب طرح الثقة للتصويت إن لم تطلب الحكومة مهلة دستورية أقصاها 10 ايام”.

ويشرح بني هاني موقفه بالقول ان “رد رئيس الوزراء عبد الله النسور على مجلس النواب بشأن التحقيق المشترك، واتفاقية السلام، وما يجري في المنطقة كان مقنعا لسواد النواب، الذين رأوا أن الحكومة تقوم بواجبها في هذا الصدد”.

أما النائب خميس عطية، الذي حجب الثقة، فكانت له رؤية مختلفة، اذ يعتقد أن قانون الانتخاب بشكله الحالي، والذي لا يشجع على العمل الحزبي السياسي المنظم، له دور في “هلهلة” صورة المجلس، على اعتبار أن العمل النيابي ما “يزال عملا فرديا بعيدا عن الكتلوية أو الحزبية الحقيقية”.

ويقول عطية إنه و”نتيجة لما جرى، حصلت الحكومة من جديد على ثقة النواب، وقد تختلف الآراء فيما حصل بين من يعتقد ان المجلس خسر شعبيا، وربما أشاطر هؤلاء جزءا من هذا الاستنتاج، وقد يقول قائل إن عملية التحشيد لموضوع التصويت على طرح الثقة لم تسر بشكل ايجابي، ولهذا قد تختلف الاجتهادات”.

ويبدي عطية عدم مفاجأته شخصيا مما جرى، ويقول: “لا أبدو متفاجئا كثيرا من مآل التصويت وما جرى، اذ إنه ما لم يتم اجراء تعديلات جوهرية وجراحية عاجلة على قانون الانتخاب، وتختلف طريقة اختيار الناس لممثليهم فإن مجالس النواب، سواء الحالي او اللاحقة، ستكون صورة كربونية عن بعضها، وبلا حول ولا قوة”.

ويشدد على أنه “إذا أردنا مجلسا نيابيا قويا رقابيا وتشريعيا، فعلينا ان نذهب فورا نحو تعديل قانون الانتخاب، وتعزيز الحياة الحزبية، وتمهيد الطريق لتمثيل الاحزاب من جميع الأطياف تحت القبة”.

بدوره، يعتقد رئيس اللجنة القانونية النائب عبد المنعم العودات (منح الثقة) أن ما جرى الثلاثاء كان “يجب أن لا يجري، ولا أن يتم التصويت على طرح الثقة بالحكومة”، لكنه يستدرك: إن ما جرى “يجب النظر اليه من زاوية ايجابية، باعتبار ان هذا المجلس، بخلاف كل مجالس النواب، كان الوحيد الذي قام بطرح الثقة بالحكومة منذ العام 1960، عندما طرح مجلس النواب وقت ذاك الثقة بحكومة سمير الرفاعي (الجد)”.
ويرى العودات أن ما طرحه النواب من مطالب “يفوق قدرة الحكومة على تنفيذها، وبالتالي فإن سحب الثقة لا يحل المشكلة”، لافتا إلى ان الحكومة “جاءت بناء على تنسيب نيابي وبرغبة نيابية، ومن صوت لصالحها هم الذين نسبوا بها سابقا، وأن وجود فريق نيابي معارض أمر طبيعي، وما حصل هو بمثابة تمرين ديمقراطي حقيقي يجب الإقرار به وأخذ العبر منه”.

بالمجمل، يرى مراقبون ان رئيس الوزراء عبد الله النسور فاز بثقة نيابية مضاعفة، وربما ساهمت تلك الثقة بتمديد عمر حكومته، أكثر مما كان يتوقع لها، فيما الأسف والخوف من ردة فعل الشارع والرأي العام ظاهران على وجوه النواب، رغم ان بعضهم لا يريد التسليم بذلك صراحة.

وفي المقابل، ثمة فريق نيابي يعتقد ان المجلس عليه ان يتعظ مما حصل، وان لا يتم تقزيم دوره الرقابي والتشريعي على هذا النحو، ويبدي هؤلاء استغرابهم من سهولة تحويل الأسئلة لاستجوابات، وسهولة ارسال الأسئلة النابية للحكومة، وسهولة التوقيع على مذكرات حجب الثقة، كما يرون أن التوسع في تلك الصلاحيات الممنوحة للمجلس دستوريا تضعف دوره الرقابي عند الرأي العام وعند المواطن.الغد

قد يعجبك ايضا