النسور ‘الرقم الأصعب’…. وحكومته ‘أقوى’ من جميع الأطراف في معادلة صنع القرار
حصاد نيوز – إخفاق مجلس النواب الأردني في اتخاذ إجراء حقيقي ضد حكومة الرئيس عبد’الله النسور أمس الثلاثاء سيؤدي إلى فرض وقائع جديدة على المشهد السياسي الداخلي عنوانها الأبرز تكريس النسور كرجل دولة قوي يزاداد نفوذا وصلابة ولا يمكن إقصاء حكومته تحت ضغط برلماني.
بالنسبة للعديد من أعضاء البرلمان الأردني ارتقت نتيجة التصويت على الثقة بالحكومة في جلسة الثلاثاء إلى مستوى ‘الفضيحة’ لمؤسسة النواب ففي الوقت الذي كان فيه الشارع يتظاهر ضد التقصير في قضية الشهيد القاضي رائد زعيتر حصلت الحكومة رغم كل مظاهر الإنفعال المايكروفوني البرلمانية على ‘ثقة جديدة’ تماما وفي ظرف دقيق وبصورة تؤشر على أن حكومة النسور ستبقى في المشهد لأطول فترة ممكنة.
فيما كان مجلس النواب يهدد بإقصاء الحكومة ومعاقبتها بعد رفضها طرد سفير إسرائيل إثر حادثة الشهيد زعيتر ويترقب حملة قاسية هدد بها عشرات النواب فوجئ الرأي العام بعشرين نائبا فقط من أصل 150 يصوتون لصالح حجب الثقة عن الحكومة فيما يصوت لصالح تجديد الثقة عمليا 81 نائبا قبل ان يمتنع 25 عن التصويت هربا من استحقاق اتخاذ موقف.
هذه النتيجة تظهر أن حكومة النسور ‘أقوى’ من جميع الأطراف في معادلة صنع القرار وأن الإطاحة بها او حتى التحرش بها صعب وغير منتج فالنسور أصبح بعد تصويت الأمس رئيس الوزراء الوحيد في تاريخ الأردن الحديث الذي حصل على ثقة برلمانية متجددة ثلاث مرات متتالية وفي وقت قصير جدا.
بوصلة التصويت تعني عمليا أن قضية الشهيد زعيتر التي تفاعل معها الرأي العام بعنف طوال الأسبوعين الماضيين عزلت سياسيا عن ملف العلاقة الأردنية ـ الإسرائيلية وسيتم التعامل معها بإعتبارها مجرد ‘حادثة’ فيها بعد قانوني وقضائي ولا علاقة لها بالواقع السياسي أو الإقليمي.
البوصلة نفسها تبعد تماما خيارات من نوع تجميد أو إلغاء وادي عربة وهو ما عبر عنه البرلماني المخضرم سعد هايل السرور عندما حمدالله علنا لأن التصويت لم يحصل على الإتفاقية كما تبعد نتيجة التصويت لأبعد مسافة ممكنة إحتمالات الإفراج عن الجندي الشهير أحمد الدقامسة الذي اعتبرت فعاليات النواب والشارع الإفراج عنه حدا أدنى للرد على إسرائيل بعد قتلها للقاضي زعيتر.
الأهم عمليا هو الإجهاز تماما على بؤر فعالة مخاصمة لحكومة النسور في مؤسسة البرلمان وإخفاق جهدها في الإتجاه المعاكس لخيارات الحكومة ولاحقا الصورة السيئة التي ظهر عليها مجلس النواب وهو يظهر كمؤسسة تخفق في الدفاع حتى عن خياراتها التي تقررها ذاتيا وبدون تدخل أو ضغط حكومي.
على الأرجح سيعيد فوز النسور بثقة جديدة إحياء الهتافات التي تندد بمجلس النواب في الشارع وتطالب بإسقاطه وستذوي شعلة بعض خصوم النسور في البرلمان من أصحاب الصوت العالي وستكون الحكومة في موقع مقابل بمعادلة العلاقة مع البرلمان يمكنها من تمرير خياراتها التشريعية دون معارضة حقيقية أو حتى دون مناكفة.
النسور أظهر في المحصلة أنه يشكل مرحليا ‘الرقم الصعب’ في معادلة خارطة النخبة مما يدفع الأمور بإتجاه سيناريو مستقر في الأذهان بعنوان استعادة ‘الولاية العامة’ حقا لا قولا خصوصا وأن النسور هو عمليا رئيس حكومة المشاورات البرلمانية الوحيد الذي تجددت به الثقة ثلاث مرات وتم إختياره أصلا ضمن آلية المشاورات البرلمانية الوزارية.
ما حصل في البرلمان بإختصار سيضع النسور في موقع متقدم لإنجاز تعديل وزاري متأخر وتحسين شروط اللعبة مع لاعبين آخرين كبار في المؤسسات المساندة داخل أجهزة الدولة وستقلص إلى حد كبير كل مساحات المناورة أمام خصوم الرجل وحكومته.
بالتوازي من الواضح أن ملف قضية الشهيد زعيتر دخل في سياقات قانونية وتحقيقية معزولة عن السياقات السياسية وبدون أي إرادة سياسية فاعلة في استثماره وتوظيفه حتى على صعيد توازن جديد في العلاقة مع إسرائيل.
لذلك سبب في كل الأحوال وهو التركيز الشديد على ‘خطة كيري’ ولقاءات الرئيس باراك أوباما الوشيكة حتى نهاية الشهر الحالي مع نخبة من الزعماء العرب.