هل اقترب الجيش التركي لأول مرة من الوصول براً إلى جبال قنديل شمال العراق؟
حصادنيوز-أطلق الجيش التركي قبل أيام عملية عسكرية واسعة في منطقة متينا شمالي العراق في إطار حربه على تنظيم العمال الكردستاني، في عملية قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إنها تهدف إلى تطهير المنطقة وإقامة قاعدة عسكرية، في حين يعتقد خبراء عسكريون أن الجيش التركي يمهد الطريق للوصول براً وبشكل تدريجي إلى عمق جبال قنديل المركز الاستراتيجي والقاعدة الأكبر للتنظيم الذي يخوض صراعاً مع تركيا منذ عقود.
والسبت الماضي، أطلق الجيش التركي عملية عسكرية واسعة تحت اسم «مخلب البرق والصاعقة» شمالي العراق، وبعد ساعات من الضربات المدفعية والصاروخية والجوية بطائرات مسيرة وحربية ومروحية، بدأت مروحيات نقل عسكرية بإنزال مئات الجنود من وحدات الكوماندوز لتبدأ عملية لتطهير المنطقة من المسلحين حيث تتواصل حتى اليوم عمليات تدمير المغارات والمخابئ وجمع الأسلحة وتفكيك الألغام التي زرعت في المنطقة.
وبينما أعلن الجيش التركي مقتل عدد من جنوده وإصابة آخرين في اشتباكات عنيفة دارت طوال الأيام الماضية مع مسلحي التنظيم جرى خلالها استهداف القوات التركية بعبوات ناسفة وصواريخ موجهة، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أقار قتل عشرات المسلحين من التنظيم، مؤكداً استمرار العملية حتى القضاء على كافة مسلحي التنظيم في المنطقة.
لكن الأبرز كان ما كشفه وزير الداخلية التركي سليمان صويلو عن أن الجيش التركي ينوي إقامة قاعدة عسكرية في المنطقة التي تجري فيها العملية «للسيطرة على الوضع عن قرب» وقال صويلو: «عملياتنا في شمال العراق ستتواصل، وتعد منطقة متينا مكانا مهما. وعلى غرار ما فعلناه في سوريا، سننشئ هناك قاعدة، وسوف نسيطر على المنطقة» موضحاً أن «متينا منطقة مهمة، وهي طريق للعبور نحو جبال قنديل. سوف نسيطر على هذا الطريق».
ومتينا منطقة جبلية وعرة ذات تضاريس صعبة وتعتبر من أبرز معاقل تنظيم العمال الكردستاني بعد جبال قنديل التي تعتبر الأخيرة المركز الأول للتنظيم الذي تسعى تركيا للقضاء على قواعده الخلفية التي يتخذها منطلقاً لشن هجماته على الداخل التركي، حيث ركزت العمليات العسكرية في السنوات الأخيرة على قواعد التنظيم في سوريا والعراق عقب النجاح الكبير في الحرب على التنظيم داخل البلاد والقضاء على جزء كبير جداً من عناصر التنظيم الذي يعتقد أنه بات يمتلك أقل من 300 عنصر فقط داخل حدود تركيا وهو أقل عدد منذ عقود.
ومن شأن إقامة قاعدة عسكرية للجيش التركي في منطقة متينا أن تضمن عدم عودة مسلحي التنظيم إلى المنطقة مجدداً عقب انتهاء العملية العسكرية وتعزيز قدرة الجيش التركي على مواجهة التنظيم خارج الأراضي التركية وقبيل اقترابه من الحدود لشن هجمات على الداخل التركي حيث اتبع الجيش التركي في السنوات الأخيرة استراتيجية البقاء في المناطق المهمة التي يجري تطهيرها من المسلحين في شمالي العراق لضمان لعدم عودة التنظيم مجدداً لها.
لكن الجديد هذه المرة أن المنطقة المستهدفة تتمتع بأهمية استراتيجية أكبر وتعتبر منطقة أهم عسكرياً للجيش التركي وتنظيم العمال الكردستاني كان يستخدمها كنقطة متقدمة لتنفيذ الهجمات على الحدود التركية ومن شأن طرده منها أن يصبح وصوله إلى الحدود أصعب من السابق بكثير لاسيما في ظل الصعوبات الكبيرة التي يواجهها عناصر التنظيم في الانتقال والتحرك في المناطق المذكورة عقب الدور الكبير الذي باتت تلعبه المسيرات التركية في ضرب أي أهداف متحركة للتنظيم في شمالي العراق.
إلا أن الهدف الأكبر لهذه العملية يتثمل أيضاً في السيطرة على الطريق الواصل من جبال قنديل نحو الكثير من المناطق القريبة من الحدود التركية، إلى جانب أن تأمين المنطقة وإقامة قاعدة عسكرية فيها سوف يساعد الجيش التركي في التقدم تدريجياً وتأمين مزيد من المناطق التي تمهد الطريق للتحرك براً في وقت لاحق نحو المركز الاستراتيجي والقاعدة الأولى للتنظيم في جبال قنديل وهي العملية المنتظرة منذ سنوات في تركيا وينظر لها على أنها ستكون في حال تنفيذها «العملية الكبرى» و»المعركة الفاصلة» في الحرب على العمال الكردستاني.
والقاعدة العسكرية التي أعلن الجيش التركي نيته إقامتها في متينا لا تعتبر الأولى في شمالي العراق حيث ينتشر الجيش التركي فعلياً منذ سنوات طويلة في 10 نقاط على الأقل على الجانب العراقي من الحدود وفي بعض الجبال هناك حيث يقيم قواعد جوية وعسكرية تقود الحرب على مسلحي العمال الكردستاني، إلى جانب التواجد الكبير في قاعدة بعشيقة العسكرية في ضواحي الموصل والتي أقيمت في إطار التعاون مع حكومة إقليم شمالي العراق في إطار الحرب على تنظيم «الدولة».
ويعتبر التواجد العسكري التركي في العراق من أبرز ملفات الخلاف بين أنقرة وبغداد التي تطالب بانسحاب القوات التركية و»احترام سيادة العراق» في حين تؤكد أنقرة أن تواجدها وعملياتها العسكرية تهدف إلى محاربة التنظيم الإرهابي وتؤكد استعدادها للتعاون والتنسيق مع بغداد لكي تتولى الأخيرة مسؤولية منع الهجمات على الأراضي التركية انطلاقاً من الأراضي العراقية.