المرأة الأردنية جهود نوعية وجهود مضاعفة

41

حصاد نيوز _ منذ بداية ظهور أزمة كورونا في الأردن ونحن نشاهد ونسمع عن أشكال مختلفة لمساهمة النساء الأردنيات في مواجهة هذا الفيروس، في مجال الصناعة والطب، في المجالات العسكرية، في التربية والتعليم، في الإعلام، وفي قطاع الأعمال والتطوع.

 

هؤلاء النساء هن زوجات وأمهات لهن بيوت ومسؤوليات وربما منذ بداية الأزمة لم يجلسن مع أسرهن ولم يلتقين بأولادهن كما كان سابقاً.

 

القطاع الصحي هو خط الدفاع الأول في مواجهة هذا الفيروس، ومهن هذا القطاع من أكثر المجالات التي تعمل بها المرأة في الأردن ويحظى عملها فيه باتجاهات ايجابية، وتشير الأرقام الرسمية لوزارة الصحة الأردنية إلى أن 55 % من الكوادر الصحية في الأردن من النساء، معظمهن يعملن في الصيدلة ويشغلن حوالي 81 % من نسبة العاملين فيه، وفي التمريض يشغلن نسبة 80 %، فيما يشكلن الطبيبات حوالي 21 % من نسبة الأطباء العاملين، وهذه النسبة متواضعة نوعاً ما.

 

الأسبوع الماضي تم إجراء عملية ولادة قيصرية لسيدة مصابة بكورونا تعاملت معها الدكتورة ليلى الزغل في مستشفى الملك المؤسس عبد الله الجامعي في الرمثا بنجاح باهر حيث قامت بعمل مضاعف تكلل بالنجاح، ومن المؤكد أن هذه الولادة استثنائية للدكتورة الزغل في ظل هذه الأزمة، بما فرضته من عناية خاصة بالحالة وبالأدوات والمستلزمات المستخدمة، هذا النجاح للزغل منح الحياة للأم ومولودتها مرتين.

 

أيضاً هناك جهد نوعي وعمل غير مسبوق للنساء العاملات في قطاع الإنتاج فعشرات الأيدي العاملة من السيدات في مصنع الشونة الشمالية في أوج أزمة كورونا يعملن بجهد مضاعف لإنتاج ألاف الكمامات الطبية واللباس الواقي، لسد حاجة الكوادر الطبية والأمنية والمواطنين من هذه المستلزمات.

 

نماذج لا يمكن حصرها في هذا الظرف غير المسبوق لنساء أردنيات يعملن في قطاع الأعمال والتعليم والإعلام ويشكلّن حجر الزاوية في تحقيق سلامة المجتمع وعافيته من الوباء، على الجانب الأخر، ومع فرض منع التجول والطلب الرسمي من جميع المواطنين البقاء في البيوت من أجل حصر انتشار الفيروس، المجتمع كله عاد إلى البيوت، الدارج اجتماعياً أن البقاء في المنزل الأصل فيه للنساء، ولطالما كان هذا هو منطلق النظرة التمييزية والصورة النمطية لمكانة المرأة، في تجاهل تام عن ما يدور في هذا الفضاء الذي تُدار به حياة بأكملها، هذا الفضاء يُنجز فيه عمل لا يُعترف به، معظمة تقوم به النساء، فهو عمل غير مرئي، يسمى بالعمل غير المأجور، تعرّفه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأنه: الوقت الذي يُقضى في القيام بالأعمال المنزلية الروتينية، كالتسوق لشراء السلع الضرورية، ورعاية الأطفال، التدبير المنزلي، والكثير من الأنشطة المتعلقة بحماية الأسرة، حجم هذا العمل عالمياً حسب تقرير نُشر خلال شهر مارس 2020 بمناسبة يوم المرأة العالمي لو افترضنا أن المرأة قد حصلت على الحد الأدنى للأجور مقابل عملها المنزلي يقدّر بأكثر من 10 تريليون دولار، وهذه ثروة هائلة ومن المفترض أن تعيد النظر في أصل الثروات في المجتمع.

 

مع التأكيد على أن البقاء في المنزل في أزمة فيروس كورونا فرض أعباءً مضاعفة على النساء سواءً العاملات بوظيفة أو من ربات البيوت فالمهام والأدوار غدت بهذا الوقت بحاجه إلى طاقة وجهد ودقه أكثر من المعتاد للحفاظ على صحة وسلامة الأسرة، وإنجاح تعليم الأبناء عن بُعد وتوفير غذاء الأسرة في ظروف حظر التجول.

 

إنّ الأدوار والمسؤوليات التقليدية للمرأة بين قوسين كما يصفها المجتمع والثقافة اليوم أخذت الدفة لتستجيب لظرفٍ غير تقليدي، ظرف يستوجب المواجهة والرهان على الحياة ذاتها، ظرف ربما يطرح سؤالاً لإعادة التفكير في مفهوم القوة والقدرة الذي تُستثنى منه المرأة اجتماعياً، وتوضع في خانة الضعف كتصنيف تمييزي ابتداءً.

 

اليوم واجه العالم أزمة كورونا “بالتعاطف” فكما قال المفكر الفرنسي جاك أتالي في مقالته “ما الذي سيولد منه” أن التعاطف هو القوة المسيطرة عالمياً في هذه الأزمة وليس السلطة أو العقل، القوة اليوم تُعطى معناً جديداً يتغلّف بالعاطفة، والاحتواء، والشعور، وإذا كانت النساء تملك هذه المقومات فهذا هو دليل قوتها وليس العكس.

 

من الجيد الكتابة عن جهود المرأة الأردنية العاملة بوظيفة، وعن المرأة في البيت، وتوثيق قصص نساء شاركن بمسؤولية في حماية الوطن والمجتمع والأسر والأبناء، وأعطين من وقتهن وجهدهن بكل الحب والمسؤولية في هذا الوقت العصيب، وما بعد الكورونا هذه دعوة للمجتمع ليعيد تشكيل اتجاهات أفراده من مختلف مؤسساته التنشيئية نحو المرأة وأدوارها في إطار التكافؤ والاحترام والاعتراف بها اجتماعياً ورسمياً.

 

اعداد : د.عايدة أبوتايه/ شبكة النساء كشركاء في التطوير والتقدم

 

 

قد يعجبك ايضا