تقرير أسرائيلي : أتفاقية وادي عربة بين التقييد الأردني والمصالح الإسرائيلية
في ظل تزاحم التطورات في منطقة الشرق الأوسط، تأتي الذكرى التاسعة عشرة لتوقيع اتفاق السلام بين “إسرائيل” والأردن أو المعروف بمعاهدة وادي عربة وسط حالة من اليأس والشجون في الشارع الأردني حيال العلاقات الأردنية الإسرائيلية خاصة في السنوات الأخيرة نتيجة لتلك المعاهدة.
وبسبب أن ذلك الاتفاق جاء موافقاً للمصالح الإسرائيلية بالدرجة الأولى، خاصة على صعيد الحماية الأمنية من الجبهة الشرقية التي تعدها “إسرائيل” من أخطر الجبهات التي تواجهها اليوم، بدأ الأردنيون يجمعون ولو على الصعيد الحزبي أو الشعبي أن بعد 19 عاماً على توقيع المعاهدة فإنها تمر بأسوأ مراحلها، بل ويجزم المحللون بأن السياسة الخارجية للأردن تأثرت سلباً بالمعاهدة.
وكانت السنوات الأولى لمعاهدة “وادي عربة” قد شهدت اندفاعا أردنياً نحو السلام والتطبيع مع “إسرائيل”، هذا الاندفاع سببه أن الأردن كان يطمح بتحقيق السلام على مختلف المسارات سواء الفلسطيني أو المسارات العربية الأخرى، إلا أن السياسة الخارجية للحكومات الإسرائيلية دمرت آفاق السلام وأحرجت الأردن والدول العربية المعتدلة التي تراهن عليه منذ زمن.
بينما يرى مراقبون أن السياسة الخارجية الأردنية لم تعد مستقلة منذ توقيع معاهدة وادي عربة، وأن البلاد أصبحت في إطار ضيق عنوانه الحفاظ على المعاهدة، في حين باتت السياسة الخارجية ليست سوى إملاءات أميركية غير معنية بمصالح الأردن الخاصة.
وفي السياق ذاته فإن الكاتب الإسرائيلي “ايتان هابر” قد تناول في مقالة له على صحيفة يديعوت أحرنوت في عددها الصادر اليوم توقيع اتفاق السلام بين “إسرائيل” والأردن من جانب آخر حيث يرى بأن السلام مع الأردن مصلحة عليا للطرفين.
ويرى الكاتب أن هناك ثمة أخطاء وقع فيها الجانب الإسرائيلي قبل التوقيع على الاتفاقية والتي كان من أهمها هو أن حكومات “إسرائيل” على التوالي ودون استثناء تنظر إلى السلام مع الأردن كأنه مفهوم من تلقاء ذاته، في حين أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تعامل الأردن وكأنها موضوعة في جيبها، محذراً من دفع ثمن تلك الأخطاء في القريب العاجل.
ويضيف الكاتب الإسرائيلي في مقاله “هناك خطأ آخر وهو أكثر خطورة من السابق وهو الزعم المتكرر الذي يُكثر الساسة الإسرائيليون الحديث عنه وهو أن الاردن هي فلسطين، مشيراً إلى أن تلك التصريحات يعيد مرة أخرى ما هدمته اتفاقية السلام وهو بناء الجبهة الشرقية الخطيرة من جديد أو بمعنى آخر عودة الهجمات من تلك الحدود وهو ما تنظر إليه “إسرائيل” بخطورة بالغة.
ويشير الكاتب إلى أن الأردن من أكثر الدول المجاورة محافظة على معاهدة السلام الموقعة بين الطرفين، قائلاً “لا تقدير للأهمية الاستراتيجية للسلام مع الاردن، إن الطرفين يحافظان على نصوصه باحترام ونحن مدينون بشكر كبير للملك ومواطني الاردن فلولاهم لأصبحنا نرى الحرس الثوري الايراني في قلقيلية على بعد خمس دقائق من كفار سابا”.
ومن غير الطبيعي وبعد التوقيع على الاتفاقية بات الأردن مطالبا وفقا لنص المادة الثامنة من المعاهدة بالعمل على توطين اللاجئين وهو ما يشكل خطراً عليه وعلى مستقبل قضية اللاجئين كأحد ركائز القضية الفلسطينية الرئيسية.
وبحسب المحللين فإن نظرة الدول العربية للأردن تحولت بعد التوقيع على معاهدة وادي عربة من كونه حاجزاً بين إسرائيل والعرب إلى اعتباره ممراً خطيراً لإسرائيل نحو العرب.
وكانت عمان وتل أبيب قد وقعتا معاهدة سلام أنهت حالة العداء بين البلدين في الـسادس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول عام 1994م، بحضور الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في منطقة وادي عربة جنوبي الأردن.