لافروف: التدخلات الخارجية والإرهاب وراء الفوضى بالمنطقة

33

حصاد نيوز – تحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أثناء مشاركته في المؤتمر الدولي الثالث “الحوار المتوسطي” (حوار روما) والذي عقد في الأول من كانون الثاني (ديسمبر) الحالي عن وجهة نظر موسكو في العديد من قضايا المنطقة والشرق الأوسط.

وأشار إلى أن التوجهات الروسية الحالية جاءت لمواكبة التطورات التي برزت على الأرض في العديد من قضايا المنطقة، وخصوصا في سورية، مبينا أن المخاطر التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، تتمثل بالهجرة والإرهاب.
وقال في كلمته بأن بلاده تسير نحو تحقيق هدفها في محاربة الإرهاب والانتهاء منه، مشيرا إلى دور روسيا في سورية وانتصاراتها على الإرهاب هناك.
وأشار لافروف إلى ضرورة وضع حد للإرهاب وتهديداته في المنطقة ككل وخارجها.
وأكد وزير الخارجية الروسي ضرورة أن نتعامل مع هذه التهديدات والتحديات كتدفق الأسلحة غير المشروعة وحرية تنقل المسلحين والإرهابيين من بلدان أخرى عبر ليبيا وغيرها من الدول إلى منطقة صحراء الساحل.
وأشار الوزير الروسي إلى أن كل هذه الفوضى في المنطقة، تعود إلى التدخلات الخارجية
وإلى محاولات رسم المنطقة جيوسياسياً تحت شعار الحرب ضد الطغاة.
وأشار إلى الواقع الحالي الذي لحق بالعراق بعد الإطاحة بصدام حسين وما يحدث الآن فيه، وإلى ما آلت إليه الأمور في ليبيا؟ بعدما قتل معمر القذافي، مشيرا الى الاحاديث التي تستبعد استعادة الدولة في هذا البلد.
وتحدث لافروف عن ضرورة عدم تكرار أخطاء الماضي، وألا نسمح لأحد أن يواصل ارتكاب أخطاء مماثلة لتدمير بلدان بأكملها من أجل طموحات تشوبها الكثير من الشكوك، أو لفرض قيمه وطريقة حياته على شعوب لها ثقافتها وتقاليدها.
وأكد أن روسيا تسعى إلى تحقيق السلام والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط، وتحقيق الظروف المناسبة للتنمية.
وتابع لافروف حديثه بالدعوة إلى استمرار الحفاظ على قيم وتقاليد المنطقة وإلى التعايش بين مختلف المجموعات الدينية جنباً إلى جنب. وخصوصا في العراق وسورية وليبيا. وركز على حل القضية الفلسطينية على أساس كل القرارات التي اتخذت منذ وقت طويل، وعلى أساس اتفاق مباشر بين الإسرائيليين والفلسطينيين لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة مع ضمان أمن جميع دول المنطقة بما في ذلك- بطبيعة الحال- إسرائيل.
الدعوة إلى حوار وطني
ودعا إلى ضرورة التوجه إلى نحو حوار وطني شامل بين جميع السوريين. وإلى جميع الأطراف في ليبيا والعراق إذا أردنا إيجاد حل سياسي.
وبالإضافة إلى ذلك أشار إلى ضرورة الحاجة الى التأكيد على تعزيز العمل فيما يتعلق بالمساعدات الانسانية وهذا يتعلق بالدرجة الأولى بسورية واليمن حيث أن هذا الأمر بالغ في الأهمية.
وبين أنه من الضروري العمل على استعادة اقتصاد البلدان المدمرة نتيجة للحرب، أو بالأحرى للحروب. معتقدا بأنه ليس من المنطقي أن نضع برامج إنسانية لاستعادة المجال الاجتماعي والاقتصادي لهذه البلدان مشروطة بمطالب الإطاحة بالنظام كما يقترح البعض فيما يتعلق بسورية. هذا هو ما علينا القيام به الآن.
وتحدث عن ضرورة إزالة الألغام، مشيرا إلى أنها مشكلة أخرى وهدف ينبغي تحقيقه، حيث يجب القيام بجهد كبير في سورية وفي بلدان أخرى على هذا الصعيد.
ودعى إلى احترام سيادة هذه البلدان وسلامة أراضيها ووحدتها وطابعها التعددي ولا وجود لطريق آخر. رافضا أي تقسيم لسورية (الأمر الذي لن يعترض عليه بعض اللاعبين الخارجيين بحسب اعتقادي).
التواجد الروسي في سورية
وأشار لافروف إلى أن القوات الروسية موجودة في سورية بناءً على طلب رسمي من الحكومة الشرعية للبلد وهي عضو في الأمم المتحدة. ففي سبتمبر/أيلول 2015 طلبت منا الحكومة السورية مساعدة الدولة السورية خوفاً من وقوعها في أيدي تنظيم داعش الذي كان قد اقترب كثيراً وقتها من دمشق وقد اقترب وسيطر على معظم الأراضي السورية. كما استولت جبهة النصرة أيضاً على مناطق معينة.
وتابع كلامه قائلا: أعتقد أننا تمكنا من تحقيق نتائج مهمة، فقد تم اليوم تقريباً تدمير داعش تماماً في حين تستمر العملية على الضفة الشرقية لنهر الفرات. ويجب أن نركز على دعم الذين يقاتلون اليوم الإرهابيين في سورية وفي طليعتهم الجيش السوري وهذا ما نقوم به. وتحدث لافروف عن قيام قواتهم جنباً إلى جنب مع الإيرانيين الذين يتواجدون أيضاً في سورية بناءً على دعوة من الحكومة الشرعية حسب كلامه.
وأشار إلى من جاء إلى سورية لقتال الإرهابيين بدون دعوة من الحكومة الشرعية. مشيرا في ذلك إلى التوصل لاتفاقات معينة مع الولايات المتحدة لتجاوز هذه العقبة.
وتحدث عن تصريحات حول بقاء الولايات المتحدة الأميركية في سورية لمدة عام ونصف العام أو اثنين، للتأكد من أن داعش لم يعد موجوداً هناك. وطالب بمغادرة الوحدات المقاتلة الأجنبية الموجودة في سورية وخصوصا بعد انتهاء المعارك مع داعش.
وتحدث الوزير الروسي عن تأييد بلاده بقوة لعملية جنيف للسلام التي عقدت تحت إشراف الأمم المتحدة.
واشار إلى لافروف الى قيامه ووزير خارجية أميركا السابق جون كيري في ايلول (سبتمبر) 2016، بوضع مجموعة من الوثائق التي لم يقتصر فيها الأمر على ذلك الفصل لتجنب الاشتباك، بل إلى تنسيق أعمالنا بما في ذلك الضربات الجوية للطيران الأميركي والروسي على الإرهابيين.
وقال لافروف لقد لاحظنا منذ فترة طويلة (منذ ما لا يقل عن ثلاث سنوات، عندما شكلت الولايات المتحدة تحالفاً وغزت المجال الجوي السوري) أن الأميركيين عمدوا إلى تجنب جبهة النصرة، لقد قاموا بقصف داعش وإن لم يكن بشكل جيد كما نود، إلا أنهم تقريباً لم يمسوا جبهة النصرة بشكل عام.
وبطبيعة الحال فقد أثرنا هذه المسألة في مناقشاتنا مع الأميركيين الذين انكروا الأمر لكننا لا نزال نمتلك شكوكا حول رغبتهم بإنقاذ جبهة النصرة على سبيل الاحتياط؛ فيما إذا كانت هناك حاجة إلى نوع من خطة بديلة لاستخدامها في محاربة النظام، أما الآن فليس هناك شيء من هذا القبيل، وآمل أن تكون اتصالاتنا المستمرة مع الجيش الأميركي مفيدة لتطوير فهم صحيح لما يجب أن تكون عليه استراتيجية مكافحة الإرهاب في سورية.
مفاوضات أستانا
وقال لافروف: عندما لم تفِ إدارة أوباما بوعدها ولم تفصل المعارضة الوطنية عن جبهة النصرة، أدركنا أنه لا يمكن التفاوض بشأن القضية السورية، وكان علينا أن نتبع نهجا عمليا ونطلق عملية أستانا جنبا إلى جنب مع تركيا وإيران (وهنا يجب أن أقول بأنه ليس من السهل إقناع هذه البلدان على فعل شيء معا).
وتحدث عن نتائج عملية استانا وخاصة انشاء مناطق خفض التصعيد والتي انشئت من خلال جهود مشتركة بين روسيا والولايات المتحدة والأردن، فقد أدت إلى تحسن كبير في الوضع في سورية والجميع يتفق مع هذا، والشيء الوحيد الذي علينا القيام به هو ضمان عدم استخدام مناطق التصعيد هذه كخطوة وسيطة على طريق تقسيم سورية، ولسوء الحظ فقد أنشأت الولايات المتحدة من جانب واحد منطقة أمنية في الطنف على مساحة يبلغ نصف قطرها 50 كم، ونحن نعتقد بأنه ليست هناك حاجة لذلك، ويقع داخل هذه المنطقة الأمنية التي تم إنشاؤها من جانب واحد مخيم الركبان للاجئين والذي ظل يستخدم بانتظام من قبل بقايا وحدات داعش لاختراق هذه المنطقة من الخارج، ونطرح هذه المسألة عبر اتصالاتنا مع الولايات المتحدة وآمل أن يتفقوا مع الاستنتاجات التي قدمناها لهم من خلال خبرائنا العسكريين والتي تفيد بعدم وجود حاجة لهذه المنطقة ما لم يكن لديهم الرغبة بالطبع في تقطيع سورية إلى أجزاء، وخلق سلطات محلية موالية للولايات المتحدة في بعض أجزائها المنفصلة، ومناطق حكم ذاتي عن الحكومة المركزية، وإذا لم تكن لدى الولايات المتحدة هذه النوايا فإنني آمل أننا سنتمكن مع هذا الوضع.
وتحدث عن تأييد بلاده للمصالحات الوطنية وتوثيق الاتصالات بين السلطات المحلية في مناطق تخفيف التصعيد والحكومة في دمشق وهناك ايضا مساعدات انسانية وما الى ذلك.
وتطرق الى الاجتماع الذي عقد في موسكو لوزراء الخارجية ووزراء دفاع روسيا وايران وتركيا مع بدء عملية أستانا في نهاية كانون الأول (ديسمبر) 2016، وأعلن هناك عن إنشاء “ترويكا”، ومن ثم بدأ أصدقاؤنا في الأمم المتحدة بالتحرك، فقبل هذا مرت تسعة أشهر في جنيف ولم تعقد اجتماعات، أي اجتماعات على الإطلاق، وهكذا أصبحت عملية أستانا حافزا للأمم المتحدة دفعها إلى مواصلة أعمالها بهذا الخصوص.
لذا فإن هاتين المبادرتين يكمل كل منهما الآخر، ومما لا شك فيه إننا نريد أن يكون قرار القضية السورية قائما على القرار 2254 كما ذكر الرئيس الروسي مراراً، وينبغي أن تجري هذه العملية تحت رعاية الأمم المتحدة، بدستور جديد ومع إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تحت إشراف الأمم المتحدة، هذا هو موقفنا.
ما بعد سوتشي
وقال لافروف لقد اجتمعت في سوتشي ثلاثة بلدان مشاركة في عملية أستانا، ويجدر الذكر انه في إطار عملية استانا بدأت المعارضة تتحدث مباشرة مع الحكومة وهذا لم يحدث من قبل، فالمعارضة الممثلة في أستانا هي نفسها التي تحارب ضد القوات لحكومية، وقبل عملية استانا كانت المعارضة في جنيف ممثلة بشكل رئيسي من المهاجرين الذين يعيشون في اسطنبول والرياض والدوحة وباريس ولندن، والآن تم إدراج المعارضة المسلحة والتي تشارك في عملية استانا ضمن الوفد المشارك في اجتماعات جنيف، الذي كما سبق أن ذكرت بإنها نظمت بنجاح كبير من قبل المملكة العربية السعودية.
في استانا، بالإضافة الى الحكومة السورية وقوات المعارضة وكذلك الدول الضامنة الثلاث روسيا وايران وتركيا توجد هناك بعض الدول بصفة المراقب هي الولايات المتحدة والأردن.
وتشكلت في جنيف بقيادة روسيا والولايات المتحدة المجموعة الدولية لدعم سورية، التي عقدت في إطارها عدة اجتماعات على المستوى الوزاري تم خلالها وضع قرار مجلس الأمن 2254 قبل عامين، ولم تعد هذه المجموعة تعقد جلسات عامة لكنها تضم فريقين عاملين، أحدهما بشأن وقف الأعمال القتالية والآخر يتعلق بالمسائل الإنسانية، وتجتمع هذه المجموعات أسبوعياً، لذلك تشارك معظم البلدان إن لم تكن كلها المهتمة بالتسوية السورية في اجتماعات هذين الفريقين العاملين في جنيف وتجتمع كل أسبوع ولا أعتقد أن هناك حاجة إلى إنشاء آليات جديدة ويبدو لي أن كل من يريد المساهمة يمكنه أن يأخذ الفرصة للقيام بذلك.
نريد أن نساهم في إنجاح عملية جنيف بعقد مؤتمر للحوار الوطني السوري في سوتشي وتم اعتماد إعلان ينص على أن البلدان الثلاثة ستتشاور وتتفق على قائمة المشاركين في المؤتمر، وقد أخبرنا المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في سورية السيد دي ميستورا وممثلي الأمم المتحدة عن عملنا، وسنستخدم المؤتمر القادم والتواريخ وقائمة المشاركين الذين لم يتم الاتفاق عليهم بعد من أجل دفع عملية جنيف لبدء عملية إصلاحات دستورية مستدامة والتحضير للانتخابات.
الخلاف بين إيران والسعودية
إلى ذلك، قال لافروف بأنه أثار أكثر من مرة مسألة الخلافات بين السعودية وإيران في نقاشات مفتوحة ومن خلال الحديث مع كل من هذين البلدين بشكل منفصل مشيرا إلى ضرورة بدء البلدين حوارا مباشرا مع بعضهم البعض ونحن مستعدون لتقديم أي دعم لهم في هذا الصدد ونحن نأسف كثيرا لما آل إليه الوضع في المنطقة حيث أصبح بالإمكان القول بأن العلاقات بين هذين البلدين المؤثرين تشير إلى شرخ بين المسلمين.
وذكر بأنه في العام 2004 دعا الملك عبد الله الثاني إلى اجتماع قال فيه، إنه ينبغي التعامل مع المسلمين على أنهم جميعا إخوة وأخوات، ومن المفترض أنهم متحدون تحت مظلة دين وثقافة مشتركين ومن ثم تم اعتماد وثيقة عمان، مؤكدا على أنه يجب المحاولة مرة اخرى باللجوء الى منظمة التعاون الإسلامي.
يبدو من غير الواقعي على الاطلاق ان يقول البعض انه يجب ان يتم دفع ايران الى التصرف ضمن أطر محددة، فمن المستحيل وضع بلدان مثل إيران او المملكة العربية السعودية في أطر كهذه، حيث يوجد لديهم مصالح مشروعة وإذا كانت هذه الدول تسعى لتعزيز مصالحها بصورة قانونية فمن الضروري أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار والمساعدة لتذليل التناقضات بين المصالح المختلفة للاعبين في المنطقة.
الاتفاق النووي الإيراني
وحول الاتفاق النووي قال، بانه لا يزال ساري المفعول، وقبل يومين أكد السيد أمانو رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران تفي بجميع متطلبات الاتفاق حول برنامجها النووي وقد وافق مجلس الامن الدولي بالإجماع على القرار الذي يدعم هذا الاتفاق الذي يعتبر الآن جزءا من القانون الدولي، هذا كل شيء، فلماذا علينا إصلاح ما لم يتم كسره؟
وبين لافروف اذا كانت الولايات المتحدة تريد حقا الانسحاب من الاتفاق، فاننا لن نكون قادرين على القيام بأي شيء وسيكون ذلك انتهاكا للوعود التي قطعتها الولايات المتحدة، وبالمناسبة سيكون هذا انتهاكا للضمانات التي أعطتها الادارة السابقة، لقد جرى الجزء الاكبر من المفاوضات حول هذا الاتفاق مباشرة بين واشنطن وطهران، فانها سوف تفقد الثقة امام عيون تلك البلدان التي تدعوها الآن إلى التخلي عن البرنامج النووي، مثل جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، واليوم نحن جميعا بما في ذلك الولايات المتحدة نطالب كوريا الشمالية بوقف برنامجها النووي والبدء في مناقشة أمن شبه الجزيرة الكورية وإخلاء المنطقة من البرامج النووية فماذا سيكون المثال الذي ستعرضه الولايات المتحدة على زعيم كوريا الديمقراطية إذا انسحبت أميركا من الاتفاق مع إيران؟
قد يعجبك ايضا