الدولة مسؤولة عن تطبيق القانون وإنفاذه

36

163023_22_1476772728

حصادنيوز-ردود الفعل والاستقبال الكبير الذي حظيت به الورقة النقاشية الملكية السادسة، التي طرحها جلالة الملك عبدالله الثاني، يوم أول من أمس، عكس طبيعة وحجم وأهمية ما انطوت عليه تلك الورقة التي وإن جاءت تكملة للأوراق النقاشية الخمس التي سبقتها، إلاّ انها حفلت بكثير من الافكار والعناوين والملفات التي باتت في حاجة ماسة وعاجلة الى ان تحتل المكانة التي تليق بها على جدول اعمالنا الوطني وبخاصة في الترتيب المقصود الذي عالجته الورقة الملكية لتلك الملفات بدأت بالاضاءة على ان سيادة القانون اساس الادارة الحصيفة مرورا بالتركيز على مسألة باتت محسومة في مجتمعنا الاردني وهي انه لا يمكن الحديث عن سيادة القانون في الوقت الذي لا نُقر فيه بان الواسطة والمحسوبية سلوكيات تفتك بالمسيرة النهضوية للمجتمعات، ليس فقط بكونها عائقا يحول دون النهوض بالوطن، بل ممارسات تنخر بما تم انجازه وبناؤه، الى ان تصل الورقة النقاشية السادسة الى تطوير الجهاز القضائي الذي هو اساس لتعزيز سيادة القانون، في اطار حقيقة لم يعد احد قادراً على نفيها او التقليل من شأنها وهي ان مبدأ سيادة القانون لا يمكن ان يترسخ الا بوجود جهاز قضائي، كفؤ ونزيه وفاعل، كون المواطن الاردني يلجأ الى القضاء لثقته بقدرة هذا الجهاز على انصافه والحصول على حقوقه في اسرع وقت وان غاب هذا الامر، تزعزعت ثقة المواطن بالقضاء.
ما حملته الورقة الملكية النقاشية السادسة من افكار ومن انطوت عليه مفرداتها ومصطلحاتها وعناوينها، كفيلة بايصال النقاش حولها والذي يجب ان يكون صريحا ومفتوحا ومباشرا وصادقا، الى النهاية المطلوبة وهي تكريس الحقائق والطموحات والاهداف النبيلة التي رمت اليها في حياتنا اليومية وبخاصة في ظل اليقين بان سيادة القانون هو الطريق الاسلم والانجع لتكريس مفهوم الدولة المدنية بما ان سيادة القانون هي بالفعل عماد الدولة المدنية، والتي لفتت الورقة الملكية النقاشية الى انه قد حدث لغط كبير حول مفهوم هذه الدولة، حيث بات من الواضح ان ذلك اللغط ناتج عن قصور في ادراك مكوناتها وبنائها، فالدولة المدنية كما يجب ان يعرف الجميع هي دولة تحتكم الى الدستور والقوانين التي تطبقها على الجميع دون محاباة، وهي ايضا دولة المؤسسات التي تعتمد نظاما يفصل بين السلطات ولا يسمح لسلطة ان تتغول على الاخرى، كذلك هي دولة ترتكز على السلام والتسامح والعيش المشترك وتمتاز باحترامها وضمانها للتعددية واحترام الرأي الآخر.
الدولة المدنية تقول الورقة النقاشية السادسة في وضوح ودون غموض او لبس، هي الدولة التي تحافظ وتحمي افراد المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية او الفكرية، وهي ايضا دولة تحمي الحقوق وتضمن الحريات حيث يتساوى الجميع بالحقوق والواجبات، وهي دولة يلجأ لها المواطنون في حال انتهاك حقوقهم، كما هي الدولة التي تكفل الحرية الدينية لمواطنيها وتكرّس التسامح وخطاب المحبة واحترام الآخر، وتحفظ حقوق المرأة، كما تحفظ حقوق الأقليات.
فهل يختلف اثنان على نبل وسمو فكرة الدولة المدنية المنشودة التي دعت الورقة الملكية اليها واوصت بمناقشة كل اسبابها واساليب انضاج ظروفها وجعلها عنوانا رئيسيا على جدول اعمالنا الوطني وعلى رأس الملفات ذات صفة الاستعجال التي يجب ان نوليها الأهمية والمكانة التي تستحقها.
الورقة النقاشية الملكية السادسة فتحت الآفاق على مرحلة جديدة وبأفكار حداثية وعصرية تستهدف في جملة ما تهدف اليه صيانة وتطوير القضاء وترسيخ ثقافة النزاهة وتفعيل مدونة السلوك وايضا في الالتزام بقيم السلام والاعتدال والوسطية والمساواة والحرية والرحمة والمثابرة والانفتاح.

قد يعجبك ايضا