“الفاليه”: مهنة بلا ضوابط تشغل شبابا أردنيين

26

204143_1_1474148845

حصاد نيوز – أمام الفنادق، المستشفيات، البنوك، المجمعات التجارية، المطاعم، المولات، المخابز، وصالونات التجميل، وأماكن عدة غيرها، يتواجد أشخاص يرتدون سترة مكتوب عليها كلمة “فاليه”، يتولون مهمة اصطفاف السيارة في أحد المواقف لحين عودة صاحبها، مقابل مبلغ مالي (دينار أو ديناران).

ونظرا لقلة مواقف السيارات أمام العديد من هذه المؤسسات، وعدم العثور على أماكن اصطفاف في الشوارع الداخلية القريبة من المكان المقصود، إلى جانب تخوف المواطن تعرضه لمخالفة الاصطفاف، يضطر وبشكل “إجباري” إلى اللجوء لهذه الخدمة.

هذه الخدمة التي توفرها العديد من الشركات منها المرخصة ومنها غير المرخصة، يعمل بها موظفو (الفاليه). وتنفذ أمانة عمان بشكل متواصل حملات على من يمارسون خدمة اصطفاف المركبات “الفاليه” بدون ترخيص في مناطق العاصمة كافة، وخاصة على الشوارع الرئيسية والحيوية التي تشهد كثافة في الحركة المرورية.

وتشمل الحملات الساحات التي تستخدم كمواقف للمركبات بدون ترخيص، بل وتشكل إعاقة للحركة المرورية وعدم تقديم خدمة بشكل راق ومميز.

وبحسب مدير الإدارة المشتركة في الأمانة المهندس محمد الفاعوري، فإن الحملات تشمل إزالة العوائق والاعتداءات التي توضع على جانبي الشوارع وأمام الأرصفة لحجز مكان للمركبات التي ترتاد المحال والشركات التجارية وغيرها.

وأضاف، أن الحملات تنفذ بالتعاون مع إدارة السير والأجهزة الأمنية ودوائر الأمانة المعنية، لافتا الى أن الأمانة قامت بإزالة الكرفانات التي كانت تستخدم بالساحات غير المرخصة والعوائق التي توضع بالشوارع.

وجدد الفاعوري التأكيد أن هذه الحملات متواصلة في المناطق كافة وأن حملات نفذت بنجاح في شارع الأمير محمد، حي الخالدي الطبي، شارع المدينة المنورة، شارع عبدالله غوشة، وفي أم أذينة، والصويفية وجبل الحسين.

وكانت أمانة عمان دعت أصحاب المحلات والمؤسسات والشركات والأشخاص الذين يقدمون خدمة اصطفاف السيارات للحصول على الرخص اللازمة حسب تعليمات منح ترخيص “مهنة خدمة اصطفاف السيارات” تجنباً لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المخالفين. وتهدف التعليمات الى تنظيم وتوفير البيئة المرورية وانسيابيتها في شوارع العاصمة بدون معوقات، وتنظيم العمل وتحديد المسؤوليات.

الناطق الإعلامي الرسمي في مديرية الأمن العام المقدم عامر السرطاوي، يبين أن دور الأمن العام في هذا الموضوع له جانبان (أمني ومروري)، ومن الناحية الأمنية هنالك حملات خاصة تشارك فيها مديريات الشرطة المختلفة في العاصمة وتنظمها أمانة عمان الكبرى لإزالة الاعتداءات التي تقوم بها بعض شركات الفاليه المخالفة؛ حيث يتم اتخاذ إجراءات إدارية وقانونية بحق الأشخاص الذين يمارسون العمل بشكل غير قانوني.

ويضيف السرطاوي “أن الجانب (المروري) حينما يرتكب عمال الفاليه مخالفة قانونية سواء باصطفاف المركبة بمكان غير مخصص للاصطفاف، أو وقوف مزدوج وغيرها يحررها رقيب السير”.

ومن السلبيات لخدمة الاصطفاف، وفق السرطاوي، حينما يقوم المواطن بتسليم سيارته لموظف الفاليه، ويقوم الأخير بممارسات غير قانونية مثل (التشحيط)، ويذكر أن هناك شخصا قبل عامين قام بانتحال شخصية موظف (الفاليه) وسرق مركبة سيدة، وتم القبض عليه واتخاذ الإجراء القانوني بحقه.

أحمد عوض مدير المرصد العمالي الأردني، يقول “مهنة الفاليه من المهن الجديدة التي طرأت في الأردن، ويعمل بها العديد من الشباب الذين يقدر عددهم بالمئات في عمان والزرقاء وإربد والعقبة، وهؤلاء يعملون ضمن شركات، وهم عاملون بأجر كنوع من الأعمال المؤقتة، فمنهم طلبة جامعات”.

ويضيف “تتراوح أجور هؤلاء العاملين من (8-15) يوميا حسب ساعات الدوام، لكن هذه المهنة لا يوجد بها استقرار، ساعات العمل غير محددة، لا يوجد بها أي من أشكال الحماية الاجتماعية (الضمان) رغم أنه إجباري في أماكن العمل”.

ويوضح أن هناك شركات مرخصة وأخرى غير مرخصة، ويتفق أصحاب الشركات التي توفر خدمة الفاليه مع أصحاب المؤسسات مثل (المولات، المطاعم، المقاهي، الفنادق..) بتأمين هذه الخدمة مقابل (تعهد) أو (عقد) بين الطرفين.

ويؤكد عوض أن هذا القطاع “عشوائي غير منتظم”، فهناك جانب لانتهاكات حقوق العاملين، كما أن هناك جانبا من بعض الممارسات الخاطئة والسلبية التي يؤديها العاملون ويشتكي منها الزبائن، مثل السرقة، أخذ جولة بالسيارة، وأحيانا تعريضها لحادث ما وغيرها، لذلك هذا القطاع بحاجة لتنظيم لحماية الأطراف كافة؛ العاملين أنفسهم، أصحاب السيارات (الزبائن) أصحاب المؤسسات الذين يقدمون هذه الخدمة.

يقول عوض “الأصل أن يكون هذا القطاع مسؤولا من قبل وزارة الصناعة والتجارة، والبلديات، وغرفة التجارة، وأي مخالفة تحول للقضاء، التي تدخل ضمن سوء استخدام أموال الآخرين، فحقيقة هذا القطاع يعاني من فوضى كبيرة”.

ويبين أن هذه المهنة جديدة ومطلوبة وضرورية، والشباب بحاجة للعمل لكن يجب تنظيمها والتعاون بين وزارة العمل ووزارة النقل ووزارة السياحة ووزارة الصناعة والتجارة التي تمنح التراخيص والبلديات.

جمال حمدان صاحب أحد مواقف السيارات في منطقة العبدلي، يقول “قمت باستئجار الأرض من مالكها بمبلغ عال، وإجراء جميع متطلبات تجهيز المكان، والعقد سنوي يتم تجديده كل عام، لكن للأسف هناك كراجات غير مرخصة ويقومون بتشغيل أشخاص بخدمة (الفاليه)، ولديهم العديد من المخالفات والمشاكل التي يتسببون بها للزبائن، فأين الرقابة من تلك الكراجات؟!”.

ويقول “نحن نطالب الأمانة بتكثيف إجراءاتها ومراقبتها للكراجات المخالفة، لأنهم يؤثرون على عملنا بطريقة مباشرة تماما، فالزبون لا يميز بين الموقف المرخص أو غير المرخص”.

خلدون أحمد موظف (فاليه) في موقف السيارات ذاته، يقول “نتقاضى راتبا جيدا (15 دينارا) في اليوم الواحد، وبدوام جزئي، هناك فترتان الصباحية من الساعة الثامنة صباحا وحتى الرابعة عصرا، والفترة المسائية من الساعة الرابعة عصرا حتى الحادية عشرة ليلا، مع العطلة يوم الجمعة”.

ويشتكي الموظف خلدون من معاملة العديد من الزبائن، بقوله “الزبون يريد الموقف مجانا، فمنهم من يجادل على دفع دينار ونصف، وآخرون لا يدفعون سوى دينار، ومنهم يتذرعون بأنهم مسؤولون وأصحاب نفوذ، فلا ينبغي أن يدفعوا المبلغ”.

ويعقب حمدان “نحن نوفر خدمة الاصطفاف طوال اليوم مقابل دينار ونصف، وهناك كوبون لمن يراجع أكثر من مرة بقيمة دينارين، كما أن لدينا 10 حالات مجانا لمرضى الكلى، والحالات الإنسانية المتعددة”.

عاصم أحد موظفي خدمة الفاليه أمام أحد المولات، يقول “تختلف الأجور من شركة لأخرى ومن وقت لآخر، فأحيانا يصرف لنا المسؤول في الشركة 10 دنانير يوميا، وفي بعض المرات 15 دينارا مثلا في الأيام التي تسبق حلول شهر رمضان”.

ويبين “أنا طالب جامعي وأدرس محاسبة، وهذا العمل يوفر لي دخلا جيدا، خصوصا في العطلة الدراسية، ولكن هذا العمل غير مستقر، فمثلا، أقوم بهذا العمل مع الشركة لمدة يومين وأحيانا يصل لأكثر من أسبوع في أحد الأماكن، لكنهم يخبروننا بأن المؤسسة أوقفت التعامل معهم لسبب ما”.

الطالب الجامعي ناصر (موظف فاليه)، أيضا، يؤكد أنه يقبل على هذه المهنة بهدف التسلية، موضحا “هذه المهنة لا تتطلب سوى امتلاك رخصة قيادة، ومن الجميل أن تقوم بقيادة مركبات فخمة.. تتمتع بالاطلاع على الإضافات المتوفرة داخلها، فقد لا تستطيع اقتناءها أوقيادة مثلها في المستقبل”.

وتعتبر علا داوود أن وجود الفاليه ضرورة، خصوصا في ظل افتقار العديد من الأماكن مثل المطاعم والمقاهي والمستشفيات وغيرها لمواقف السيارات، مؤكدة بقولها “وللأسف هذا تقصير من جانب أمانة عمان، مما يضطرنا للبحث عن موقف وفاليه، ودفع أجرة دينارين ثمن هذه الخدمة”.

واعتبر سمير رياض أن خدمة الفاليه أصبحت إجبارية، معللا أن الشخص يستطيع صف سيارته بنفسه، لكنهم يتذرعون بحاجة تنظيم الاصطفاف، مما يضطر المواطن للموافقة وتسليم مفتاح السيارة، وصراحة أنا لا أفضل هذه الخدمة مطلقا، وأعتقد أنها تقليعة وبرستيج فقط”.

أما راجي عبد الرحمن، فيقول “أرى أن هذه الخدمة جيدة يجب أن توفرها المؤسسات الكبيرة أمام مبانيها، وتتفق مع الشركات التي تؤمن لها موظفي الفاليه على مبلغ مالي مقابل هذه الخدمة بعيدا عن مطالبة الزبون بدفع ثمن اصطفاف مركبته”.

وتعتقد لمياء أبو الفوارس أن هذه الخدمة بلا رقابة، معللة ذلك بقولها “لحق سيارتي الضرر عندما قمت بتسليم مفتاحها لأحد موظفي الفاليه أمام أحد الكافيهات”.

وتضيف “عند خروجي والانتظار طويلا لحين وصول السيارة، لاحظت أن مرآة السيارة الجانبية مكسورة، إلى جانب نفاد كمية كبيرة من خزان الوقود، وأنكر الموظف جميع ذلك، رغم مطالبتي بمحاسبته والتعويض لكن بدون جدوى تذكر”.

رائد السلمان مدير شركة مواقف السيارات، يقول “مهنة الفاليه مطلوبة جدا هذه الأيام، تطلب المؤسسات وأحيانا بعض الأشخاص في المناسبات الخاصة بهم وفي بيوت العزاء توفير عدد من موظفي الفاليه؛ حيث ينظمون ويسهلون عملية الاصطفاف، ويتقاضون أجرا يوميا جراء هذا العمل”.

يؤكد السلمان أن غالبية الشباب الذين يعملون بهذه المهنة من الطلبة الذين يدرسون بالجامعة، ويقبلون على هذا العمل كونه يوفر لهم دخلا، إلى جانب أنهم لا يتقيدون بداوم رسمي؛ أي بما يتناسب مع دراستهم وخضوعهم للامتحانات.

ويلفت السلمان إلى أنه يسعى دائما لاختيار الشباب عن طريق المعرفة، من شاب لآخر، حتى لا يتعرض للمساءلة وخسارة التعامل مع المؤسسات التي يتم الاتفاق معها في تأمين هذه الخدمة.

قد يعجبك ايضا