خبير عسكري أردني يتنبأ بسيناريو “تقسيم سوريا”
حصادنيوز-يرى الخبير العسكري الاردني مأمون أبو نوار ان التقدم الحاصل على الارض بقيادة الروس الان لن يحقق لموسكو الانتصار، لعدم وجود “ضربة قاضية” في سوريا، خاصة ان النظام وحلفائه يفتقدون الى القوى البشرية العامل الأهم لكسر موازين القوى على الارض او لاستعادة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، إضافة الى نمو “ثقافة ومقاومة وعقيدة” لدى الشعب السوري من الصعب على اي قوة مهما كانت قدرتها ان تهزمها او تتغلب عليها .
وعدّ ابو نوار ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترجم على ارض الواقع قول المفكر العسكري الشهير “كلاوفيتز″، أن الحرب امتداد للسياسة بوسائل عديدة ومختلفة، من ضمنها تطبيقه سياسة “الأرض المحروقة” وقصف جوي عنيف غير مسبوق ومتواصل في سباق للزمن لفرض تسوية سياسية وتقليص عنصر الاستنزاف لديه؛ الامر الذي يرى ابو نوار انه قد قابله حاجة المعارضة الى دعم مستمر لمنع النظام وحلفائه من تحقيق أي نصر عسكري قد يؤثر على ميزان القوى ميدانياً.
الرئيس بوتين برأي الخبير العسكري واللواء المتقاعد من سلاح الجو الاردني ابو نوار فرض نفسه بقوة على المنطقة وتولى زمام ادارة الأزمة السورية، ومفاصل الحلول المتوقعة للظفر في ربح الحرب والتأثير على آليات التسوية السياسية، وإجبار المعارضة على المشاركة بالحُكم مع الأسد من خلال حكومة وطنية وصياغة الدستور وخوض الانتخابات مستقبلا وهي نفسها نقاط إيران الأربعة لحل الأزمة السورية.
رغم ذلك، فإن الازمة السورية معقده جدا وتحتاج الى نفس طويل وحلها ليس بالأمر السهل، من وجهة نظر ابو نوار، الذي يتساءل “كيف يمكن حل جميع هذه الخلافات العميقة وتحقيق وقف إطلاق النار وادامته؟”، متوقعا “مفاجآت استراتيجية كثيرة وعديدة ستواجه المعارضة من طروحات غير متوقعة بالنسبة اليها”.
الطروحات بالنسبة للخبير الاردني من المحتمل ان تكون ضمن اقتراح وضع إطار عام لوقف إطلاق النار على ما هو موجود الأرض بين القوى والجماعات المختلفة، بمعنى اخر تقسيم سوريا الى مناطق يقوم المسيطرين عليها بإدارة مناطقهم وحفظ الامن فيها وتكون مضمونة من قبل الدول الداعمة لهذه الجماعات، ثم البدء بتنفيذ المهام الإنسانية وإطلاق المعتقلين ووقف القصف الجوي والارضي وبناء الثقة وحسن النوايا من قبل الجميع، وبذلك تكون الفرصة أفضل للعملية السياسية. الامر الذي يبدو في المقابل ان النظام يعتبر عملية المصالحات والهدن التي يقوم بها في بعض المناطق في سوريا هي افضل ما يمكن لعمليات التسوية والمصالحة الوطنية وستكون افضل مما هو مطروح من هيئة الأمم.
“يأتي هنا دور الدول الإقليمية والدولية الداعمة لما يحصل بسوريا، بضمانة عدم خرق وقف إطلاق النار من قبل الجماعات التابعة لهم”، يضيف ابو نوار، وأن هنالك أربعة قوى رئيسية تسيطر على الجغرافيا السورية: المعارضة المعتدلة والنظام وجبهة النصرة- والتي تلعب دورا كبيرا في العمليات المختلفة وخاصة تنسيق نيران المعارضة ومن الصعب التكهن كيف سيتم التعامل معها مستقبلا-، والاكراد المتواجدون في الشمال الشرقي. اما تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” فهو خارج المعادلة، والمخطط ان يتم القضاء عليها من قبل هذه القوى ذاتها في المستقبل، برأي الخبير.
“تقسيم سوريا الى أربعة او خمسة مناطق تكون الحدود المرسومة بينها غير دائمة ومؤقتة تخدم عملية وقف إطلاق النار والاستقرار مع بقاء الحدود السورية الدولية وسيادتها كما هي على امل ان تتوحد سوريا من الداخل في المستقبل للوصول الى فدرالية او كونفدرالية كنظام حكم ومن خلال المفاوضات” يقول ابو نوار معتقدا بأن مثل هذا السيناريو سيأخذ وقتا طويلا من الزمن.
لذلك، يضيف الرجل في تصريح لـ “رأي اليوم”، ربما نشاهد اصدار قرار من مجلس الامن لعملية وقف اطلاق النار مع تشكيل مجلس لتطبيق السلام وعملية وقف اطلاق النار مستقبلا من الدول الداعمة للقتال في الداخل السوري، مشيرا الى احتمالية ان يكون هنالك مشاركة من قوات دولية واقليمية رمزية في المناطق التي تم تقسيمها للحفاظ على ادامة ووقف اطلاق النار كمشاركة قوات امريكية مع القوات الكردية في الشمال الشرقي، وقوات من تركيا مع المعارضة المحاذية لحدودها وخاصه منطقة اعزاز، وقوات روسيا المنتشرة حاليا في سوريا ربما أيضا تشارك بعض من دول الإقليم المجاورة كالأردن والخليج في الجنوب السوري .
لذا يرى ابو نوار ان فرص نجاح جنيف3 ستكون ضئيلة واي سلام لا يحقق طموح الشعب السوري سيبقي سلام عنف، مشيرا الى ان الذهاب الى جنيف شيء طبيعي لإنهاء الصراع لكن لابد من المحافظة على استمرارية المقاومة والحفاظ على موازين القوى على الارض، معتبرا ان “الدول الداعمة للمعارضة لن تقبل عكس ذلك”.
وذكّر الخبير العسكري ان مبادرات عديده فشلت سابقا قام بها كل من الجنرال مود والجامعة العربية والأخضر الإبراهيمي وكوفي عنان لعملية وقف إطلاق النار، وجميع هذه المبادرات لم تدم أكثر من ساعة، معتبرا ان “جنيف 3″ ليست استثناء وخاصة بعد ما تسرب من مكتب المبعوث الاممي دي مستورا من عدم قدرة الأمم المتحدة في فرض او مراقبة عمليات وقف إطلاق النار، “وهذا صحيح حيث أثبتت التجارب التاريخية ضعفها في مثل هكذا عمليات او في تحقيق الاستقرار والسلم الدائم.”
وختم ابو نوار بقوله “نتفهم ان لبعض دول المنطقة مصالح مختلفة مرتبطة وتتحكم بها في بعض الظروف والاحيان مصالح دول اقليمية ودولية اخرى، والتي قد تؤثر على امنها ومصالحها الاستراتيجية، لكن السماح لإيران بتوسيع نفوذها بسوريا يهدد جميع هذه الدول”، معتبرا ان ذلك يتطلب” دعم المعارضة لوجستيا ودبلوماسيا وسياسيا” فالحل السوري اذا تحقق سيكون سلاما متسلسلا ومتدرجا سوف يستغرق اساسا سنوات من الزمن”.