(الجلوة) دفعت الأبرياء لاستجداء الحاجة

23

163126_1_1452985793

حصاد نيوز – حوّلت (الجلوة) العشائرية (…) إلى متسولٍ يستجدي الناس ، بعد خروجه من منزله مُكرهاً. وأصبحت عائلته مهددة بالطرد من منزل مستأجر تراكمت عليه الأقساط، فيما اضطر لتأجيل دراسة ابنائه الخمسة في الجامعات.

حالة الإستجداء هذه أصبحت الخيار الوحيد بعد إصابته (بالديسك)، الذي منعه من مزاولة العمل، فأصبح عالة على المجتمع، لجريمة ارتكبها قريب له .

ما لحق بصاحب (الجلوة)، مشهد يتكرر ، رغم المحاولات الجادة للتخفيف من أعداد المشمولين بها، لتقتصر على الجدّ الثالث بدلاً من الخامس ، حفاظا على الذين تعطّلت أحوالهم، وشرّدتهم في اماكن شتى . أحد الجالين عن بلدته في احدى قرى الكرك، يقول: لي عدة سنوات ممنوع من دخول بلدتي رغم الصلح بين الطرفين، إثر جريمة نفذها احد أفراد العشيرة قبل سنوات، علماً بأن بيتي تم حرقه .

ينتظر الفرج في أن يصبح بمقدوره الذهاب لمنزله المحترق، فقد سئم التنقل والتشرد، فتقطعت أوصال أسرته، وفقد الكثير من أمواله، وتوقف نشاطه في مجال المقاولات في محافظته.

يتساءل؛ إلى متى سيبقى الحال كذلك؟ نريد حلاً من الجهات الرسمية والشعبية، فليس ذنبي أن احد اقاربي، اقترف جريمة ما، لماذا لا يتم الاكتفاء بمعاقبة الجاني؟ نحن نُعاقب على جريمة لم نقترفها .. قالها بحرقة المظلوم .

هذه المشكلة لا تختلف كثيراً عن مشكلة أبن محافظة جرش، فبعد حادثة ذهب ضحيتها رجل على يد قريب له منذ سبع سنوات، ما يزال ممنوعاً من دخول قريته ، ورغم الوساطات العشائرية، إلا أن إصرار ذوي المغدور حال دون عودته لأسرته.

وجهاء وشيوخ حاولوا اقتصار الجلوة على الجاني وإخوته فقط، فيما ذهب آخرون الى إتساعها للجد الخامس، وهناك من اقتصرها على الجد الثالث، في الوقت الذي اعتبرها فريق آخر بالعقاب الجماعي غير المبرر.

وفي هذا الصدد يصف رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز في معرض حديثه لبرنامج «وسط البلد» الذي يبث على شاشة التلفزيون الاردني، أن الجلوة لثالث جد لا يمكن أن يتصورها عقل، مشيراً ألى أن طقوسها لا تتماشى مع الظروف الحالية ، ففي السابق البيوت من الشعر يسهل هدمها ونقلها، اما اليوم فهي من الحجر، وثمة قواسم مشتركة بين الناس تتمثل في الخدمات، كالمدارس والمستشفيات وغيرها.

رغم أن الإتفاق الذي أيده مجلس شيوخ العشائر في المملكة باقتصار الجلوة على الجد الثالث، الا أن ذلك ما يزال عبئاً على الناس، ويشكل لهم كابوساً ثقيلاً، حين يهجرون منازلهم ويتركون أموالهم، خوفاً من ردة فعل أهل المجني عليه، وهي التي يُطلق عليها عشائرياً (فورة الدم). وهذا ما يؤيده الحكام الاداريون للحفاظ على أمن المواطنين وحياتهم ودمائهم وكرامتهم.

عشرات الجلوات العشائرية التي نفذها ذوو قتلة خلال خمس سنوات، شملت في معظمها إجلاء اكثر من مائة عائلة في الجريمة الواحدة، ورغم الغاء القانون العشائري عام 1976 فان الحكام الاداريين يلجأون الى قانون منع الجرائم للحفاظ على أمن المواطنين، وبالتالي فإن رجال الامن يشرعون بأخذ عطوة أمنية عقب وقوع الجريمة مباشرة.

وثائق عشائرية وقعت، للتسهيل على الناس ومن أهمها وثيقة على مستوى المملكة اقتصرت الجلوة على أقرباء الجاني حتى الجد الثالث، وتطبق في جريمتي العرض والقتل ، لكن ذلك لم يطبق في نطاق واسع.

بعض العشائر ترى أن الجلوة ضرورة لحقن الدماء، لكنها تسعى لتخفيفها على الناس، وقد تمثل ذلك بوثيقة وجهاء عشائر الكرك عام 2011 التي تمثلت بحصر الجلوة في الأب وابنائه الذكور في حال هو الجاني، واعتبرت الوثيقة أن الاماكن العامة خارج اللواء حق للجميع كالمستشفيات والدوائر الحكومية والمدارس والجامعات ووسائل النقل.

مواطنون يرون بأن المعني هو القاتل، وعلى اهله أن يتبروا من فعلته، ويقدموه للقضاء لاعدامه دون إبطاء، او خلق مسببات، لأن ذلك يكون رادعاً من جهة، وتهدئة لنفوس ذوي المغدور من جهة ثانية..

قد يعجبك ايضا