وشدد جلالته، خلال لقائه وفد مجلس حكماء المسلمين الذي تأسس في شهر رمضان من العام 2014 بهدف تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة وتجنيبها عوامل الصِّراع والانقسام، وبحضور سمو الأمير غازي بن محمد، كبير مستشاري جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية، والمبعوث الشخصي لجلالته، “أننا نقوم بواجبنا تجاه القدس بكل الوسائل المتاحة، ولن تثنينا مشاكل المنطقة وأزماتها عن القيام بذلك”.
واستعرض جلالته، خلال اللقاء، عدداً من التحديات الإقليمية وسبل التعامل معها، بما في ذلك محاربة الإرهاب والتطرف وعصاباته الإجرامية، وما يتطلبه ذلك من استراتيجية شمولية وتنسيق مكثف بين جميع الأطراف المعنية لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة، إضافة إلى إيجاد حل لمشكلة اللاجئين السوريين.
وأكد جلالته أن التحديات التي تواجه الشرق الأوسط اليوم هي تحديات دولية تستوجب العمل على المستوى الأمني والعسكري والاقتصادي لمواجهتها، لافتا إلى ضرورة توحيد الجهود لبناء استراتيجية دولية ضد الإرهاب والتطرف، وحماية الدين الإسلامي الحنيف، ومواجهة ظاهرة الكراهية المتصاعدة ضد الإسلام والمسلمين.
وبين جلالته، خلال اللقاء، أن تحقيق ما تقدم يتطلب موقفا قويا من قبل الجميع في الدفاع عن الإسلام وصورته الحقيقة، والتي يتم تحريفها وتشويهها من قبل الخوارج والانتهازيين.
من جانبهم، شكر أعضاء وفد مجلس حكماء المسلمين جلالة الملك على دوره في تعزيز السلام على المستوى العالمي والإقليمي، مؤكدين “احترامهم ومحبتهم لآل البيت”.
كما قدموا، خلال اللقاء، شكرهم للأردن، بقيادة جلالة الملك، على حماية المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف، مؤكدين ضرورة توحيد الموقف العربي، والمضي في رؤية مشتركة لدعم قادة المنطقة في مواجهة مختلف التحديات.
وتطرق اللقاء إلى سبل تعزيز دور مجلس حكماء المسلمين في التعامل مع قضايا المنطقة والتحديات التي تواجهها، من غرب إفريقيا إلى جنوب شرق أسيا، خصوصا في التصدي للإرهاب والتطرف، وبناء المجتمعات على أسس فكرية صحيحة مبنية على إسلام المحبة والسلام، ومواجهة الأفكار الإرهابية وعناصر التطرف والتكفير، والتي تسللت إلى العقيدة الإسلامية السمحة تحت قناع الدين.
وشدد شيخ الأزهر الشريف الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، خلال اللقاء، على أهمية الدور الذي تقوم به المؤسسات الدينية، وفي مقدمتها الأزهر الشريف، في توضيح الصورة الحقيقة للإسلام والدفاع عنه، إستنادا إلى مبادىء الدين الحنيف واعتداله وسماحته ووسطيته.
كما أعرب عن التقدير العالي والكبير الذي يحظى به الدور المهم لجلالة الملك في الدفاع عن الدين الإسلامي في وجه من يحاولون تشويه صورته وارتكاب الإرهاب بإسمه.
يشار إلى أن رؤية مجلس حكماء المسلمين، الذي يضم نخبة من علماء وخبراء ووجهاء الأمة الإسلامية، وهو هيئة دولية مستقلة، تستند إلى السعي للوصول إلى مجتمعات آمنة توقر العلم والعلماء، وترسِّخ قيم الحوار والتسامح واحترام الآخر وتنعم بالسلام، عبر رسالة تهدف إلى إحياء دور العلماء واستثمار خبراتهم في ترشيد حركة المجتمعات المسلمة، والإسهام في إزالة أسباب الفرقة والاختلاف، والعمل على تحقيق المصالحة.
ويضم وفد مجلس حكماء المسلمين كلا من: رئيس مجلس أمناء مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي في الأردن سمو الأمير غازي بن محمد، وسماحة العلامة السيد علي الأمين من لبنان، والرئيس الأسبق لجمهورية السودان، رئيس مجلس الأمناء لمنظمة الدعوة الإسلامية المشير عبدالرحمن سوار الذهب، وصاحب كرسي الملك فيصل في الفكر الإسلامي وثقافته في جامعة جنوب كاليفورنيا الأستاذ الدكتور شارمون جاكسون، ورئيس مؤتمر العالم الإسلامي في السعودية الأستاذ الدكتور عبدالله نصيف، والأستاذ المساعد في معهد دراسات العالم الإسلامي في جامعة زايد في الإمارات العربية المتحدة الدكتور كثلم عبيد المجيد، وفضيلة كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي الدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد، ورئيس جامعة الزيتونة في تونس سابقاً أستاذ التعليم العالي بجامعة الإمارات الاستاذ الدكتور أبو لبابة الطاهر صالح حسين، وسماحة رئيس هيئة الإفتاء والمجلس الإسلامي النيجيري الشيخ الشريف إبراهيم صالح الحسيني، وفضيلة عضو هيئة كبار العلماء بالازهر الشريف ورئيس مجمع اللغة العربية حسن الشافعي، ووزير الشؤون الدينية الأسبق في أندونيسيا محمد قريش شهاب، ووزير الأوقاف المصري الأسبق محمود حمدي زقزوق، ورئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الشيخ عبد الله بن بيه، وفضيلة الامام الاكبر، شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب.
وحضر اللقاء رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومدير مكتب جلالة الملك.
وعبر شيخ الأزهر الشريف الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، في مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية، عن شكره وتقديره لجلالة الملك على اللقاء، “الذي أطلعنا خلاله على ما يمر به العالم الإسلامي من مشاكل وتحديات تمثل منعطفا خطيرا في حياة الأمة”.
وقال “كان يهمنا كثيرا أن نطلع على جهود جلالته لإحلال السلام في العالم، وسبل مكافحة الإرهاب والتطرف، الذي شوه سمعة الإسلام والمسلمين”.
وبين أن دور العلماء هو دور فكري وينصب على حماية الشباب من أن يصدقوا الإرهابيين أو ينخرطوا في مخططاتهم أو أن يجندوا في صفوف الإرهاب، مبينا أن مجلس حكماء المسلمين قام بدور متواصل في مجال توعية الشباب والمسلمين بخطر هذا الفكر، الذي لا يمثل الإسلام إطلاقا.
وفيما يتعلق بالانتهاكات الإسرائيلية في القدس، قال شيخ الأزهر “أطلعنا جلالة الملك على الجهود الكبيرة التي يقوم بها لوقف هذه الانتهاكات”، مؤكدا أن المسجد الأقصى المبارك، ورغم كل ما يمر به العالم العربي من تحديات، إلا أنه، كما أكد جلالة الملك، “في قلب مليار ونصف مليار مسلم في العالم، وان الله سيحرسه ويحفظه”.
من جانبه، قال الرئيس السوداني الأسبق المشير عبدالرحمن سوار الذهب، رئيس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية، “أطلعنا جلالة الملك على التحديات التي تواجه العالم الإسلامي والعالم العربي جراء الحروب وما تقوم به الفئات الضالة التي انتشرت في أوساطه”.
ونوه بجهود جلالة الملك وتحركاته الإيجابية والواسعة في الأمم المتحدة، وعقده لقاءات مع قادة وزعماء دول العالم من أجل التوصل إلى حلول تخرج الأمة مما تعانيه من مشاكل غير مسبوفة.
وقال المشير الذهب “إننا على ثقة وأمل بنجاح جهود ومساعي جلالة الملك بالتعريف بما يحيط بالدول الإسلامية من أخطار جسيمة على الإسلام والمسلمين، وما يمكن أن تقوم به هذه الامة من جمع الصف وتوحيد الكلمة للقضاء على فئة الإرهابيين الضالة، والتي دخلت في جسم العالم الإسلامي”.
وبين أن ما يحمله جلالة الملك من أفكار ومبادرات “تدعونا للأمل رغم هذا الظلام الكبير في حياة الأمة الإسلامية”.
وعن الدور المطلوب من الهيئات والمؤسسات الإسلامية وعلماء الأمة لمحاربة الفكر الإرهابي المتطرف، قال المشير الذهب إن هناك دورا واسعا لهذه المؤسسات في توحيد كلمتها وحل القضايا التي تعاني منها الأمة، والتصدي للفئات الضالة، وتبصرة المسلمين بهذا الواقع المؤلم الذي يعيشون فيه.
وحول ما يجري في القدس من انتهاكات إسرائيلية، قال “نحن منزعجون مما يجري في المسجد الأقصى جراء الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية عليه، مستغلة الوضع المأساوي الذي تعيشه الأمة الإسلامية”.
وأضاف، في هذا الصدد، “ما استمعنا إليه اليوم من جلالة الملك أثلج صدورنا، وأدعو الجميع للتعاون مع جلالته في المسار الذي يسعى إليه”.