”الجزيرة”… جهاديو الأردن ندموا بعد فوات الأوان
حصاد نيوز – على بعد بضعة كيلومترات من الحدود السورية الأردنية، يرابط المقاتل السلفي “أبو محمد الشامي” على أمل العودة إلى بلده، بعد انخراطه أشهرا طويلة في صفوف جبهة النصرة لقتال نظام الرئيس بشار الأسد الذي يصفه بالنصيري.
والشامي من مواليد 1980 بمحافظة الزرقاء شرقي العاصمة عمّان، وهي المحافظة التي توصف بأنها الخزان الرئيسي للتيار السلفي الجهادي بالأردن، فهي مسقط رأس زعيم تنظيم القاعدة السابق في العراق أبو مصعب الزرقاوي.
ومن الزرقاء؛ تسلل مئات الشباب السلفي للانخراط في الجماعات السلفية المقاتلة داخل سوريا، وفي مقدمتها تنظيم الدولة الإسلامية.
وبنبرة بدا عليها الندم، يقول الشامي “أريد العودة إلى أهلي، لا أريد أن أبقى هنا أكثر من ذلك”. ويوضح سبب انضمامه لجبهات جهادية: “جئت إلى سوريا لمقارعة نظام مجرم كافر، وليس لقتل المسلمين”.
لكنه يضيف: “لم نقاتل النظام بقدر ما قاتلنا أنفسنا.. كثيرا ما كان يطلب منا الانقضاض على معسكرات الفصائل الإسلامية الأخرى، وفي المقابل كنا نتعرض لهجوم مماثل داخل معسكراتنا ومناطق نفوذنا”.
انحراف ففرار
ويتابع: “تأكد لي أننا لا نسير على الطريق الصحيح، فقررت الفرار والعودة بأقل الخسائر، لكن السلطات الأردنية لم تمنحني إذن الدخول”.
ويؤكد الشامي أن هناك عشرات السلفيين الأردنيين الذين يحاولون العودة لبلدهم، ومن بينهم زوجات وأطفال تقطعت بهم السبل بعد أن فقدوا معيلهم في الحرب.
وقد تمكن بعض هؤلاء بالفعل من دخول الأردن بعد وساطات بذلت من قبل ذويهم، لكن كثيرين منهم أحيلوا إلى المحاكم العسكرية بتهم “الإرهاب”.
وفي محافظة معان الجنوبية التي تعتبر أيضا من أهم معاقل السلفيين، اجتمع عدد من الأهالي في أحد بيوت الشعَر التي نصبت كخطوة احتجاجية.
ويطالب هؤلاء الحكومة بإطلاق أبنائهم ممن استطاعوا العودة إلى الأردن، ووُضعوا وراء القبضان.
الناطق باسم الأهالي عبد الله صلاح، قال للجزيرة نت: “هناك أبناء لنا عادوا من خلال التنسيق مع الجهات المسؤولة، لقناعتهم التامة عندما كانوا في أرض المعركة بأن ثمة أمورا غير سليمة كانت تجري فقرروا العودة، لكنهم يواجهون اليوم اتهامات الإرهاب”.
وأضاف أنه بعد تحقيق استمر أشهرا في دائرة المخابرات العامة، تم تحويلهم إلى سجن الموقر الصحراوي “وجُهزت لهم تهم غير صحيحة، ليواجهوا حكما بالسجن لسنوات”.
وثمة محاكمات أخرى تجري أسبوعيا بالأردن لا تخص العائدين من سوريا، وإنما تخص شبانا سلفيين يواجهون تهمة التعاطف مع تنظيم الدولة على وجه الخصوص.
ففي محكمة أمن الدولة العسكرية وقف عدد من مناصري التنظيم قبل أيام خلف قفص حديدي، وأصدر القاضي أحكاما بحقهم تراوحت بين السجن ثلاثة و15 عاما مع الأشغال الشاقة.
الكساسبة يلاحقهم
وكانت التهم على النحو التالي: تجنيد عناصر وتهريب أسلحة ورجال للقتال في صفوف الجماعات المتشددة في سوريا، الترويج لفكر جماعة إرهابية من خلال فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي، مبايعة أبو بكر البغدادي ودعوة الآخرين لذلك.
وازداد اهتمام القضاء العسكري بملف التيار الجهادي بعد أن أقدم تنظيم الدولة على إحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حيا في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وقال عبد القادر الخطيب -وهو محام لدى محكمة أمن الدولة- إن أعدادا متزايدة “أحيلت على المحاكم العسكرية، منذ أن قام تنظيم الدولة بحرق الطيار الكساسبة”.
وأضاف أن هناك أكثر من مائتي شخص يحاكمون الآن بتهم الإرهاب، وعددا منهم ما يزال معتقلا لدى جهاز المخابرات، دون إحالته على القضاء.
ويرفض المسؤولون الأردنيون المزاعم بوجود خروقات، ويقولون إن كثيرا من المحالين للمحاكمات اعترفوا بمشاركتهم في القتال بسوريا أو تأييدهم لتنظيم الدولة.
ويبرر مسؤول أردني عدم السماح بعودة بعض الأشخاص أو إحالة آخرين على القضاء بـ”الخشية أن يكونوا جزءا من خلايا نائمة تعتزم شن عمليات إرهابية في البلاد”.
ويقول: “جيشنا وأجهزتنا الأمنية تتوخى اليقظة الشديدة على الحدود. نحن متحسبون لأي طارئ، ومن الطبيعي أن نفرض إجراءات مشددة”.
ويضيف “المتعاطفون مع الإرهابيين والموجودون بالفعل داخل الأردن، لا يقلون خطرا، ومن حقنا الدفاع عن أمننا الوطني”.
وتشير تقديرات أمنية إلى أن هناك أكثر من 2500 أردني قاتلوا في سوريا، وأن هناك ما بين ستة وسبعة آلاف متعاطف مع الجهاديين داخل المملكة.