الدكتور عبدالله النسور..بيروقراطي «قوي جدا» في الأردن و «لغز» من الصمود في مواجهة تكدس الانتقادات والخصوم
حصاد نيوز – يظهر رئيس الوزراء الأردني القوي الدكتور عبدالله النسور قدرا من «المرونة» تجاه الكتل البرلمانية التي تراكم غضبها وتسعى لاستعادة هيبتها عبر مضايقة الاتجاه الاقتصادي للحكومة في الوقت الذي يمتنع فيه الرجل عن تقديم «تنازلات» حقيقية وبصورة تحيله وسط النخب إلى «لغز من الصمود» في وجه جملة متراكمة من المشاغبين والمناكفين.
في تقدير بعض السياسيين النافذين لم يعد من الممكن ترسيم أو تحديد تلك «الميزات الاستثنائية « التي ينتج عنها مساحة من النفوذ غير مسبوقة لرئيس الوزراء الذي يتبع في المسألة الاقتصادية تحديدا خطوات «عنيدة» هدفها في رأي البعض تسجيل توثيق تاريخي غير مسبوق في الامتناع عن «ترحيل الأزمات والمشكلات» وفي تحقيق أقل عجز ممكن في الميزانية المالية.
بالخصوص اشتبك النسور بعناد مع كثيرين في طبقة النخبة وتمكن حتى اللحظة من تجاوز الملاحظات التي تثار ضد حكومته في ملفين هما رفع أسعار الكهرباء خصوصا على القطاع الصناعي وتعديلات قانون الضريبة الجديد التي تضايق كبار العاملين في أموال السوق.
حتى القطاع الخاص بدأ يحشد قواه لمواجهة «لغة غير مسبوقة» تطرحها حكومة النسور في القضايا ذات الاحتكاك المشترك والمواجهة هنا حصريا تنشط في الكواليس وخلف الستارة فيما يظهر النسور بصفة «البيروقراطي المخضرم» الذي يكشر عن انياب حكومته في مواجهة بؤر نافذة في القرار السياسي على خلفية مالية أو اقتصادية.
حصل ذلك عندما وجه النسور خلال العاصفة الثلجية اتهامات مباشرة لقطاع المقاولين واعدا بمعاقبة من تجنب منهم مساعدة الدولة وتحريك الآليات لفتح الطرق وعندما أصر على رفع أسعار الكهرباء على المستهلكين في قطاع الصناعة مما سيؤدي للإضرار بنحو 400 مصنع حسب عضو البرلمان خميس عطية.
وحصل أيضا عندما اتسم النسور بخبرته في مواجهة ملاحظات نقدية قيلت أمامه من أعضاء كبار في مجلس الأعيان وأمام الملك شخصيا حيث عبر رئيس الأعيان عبد الرؤوف الروابدة عن الامتعاظ بسبب اضطرار الأعيان لإقرار سريع لقانون الضريبة الجديد تجنبا لتهمة إعاقة الحكومة في الوقت الذي كان يتهم فيه الاقتصادي الكبير وعضو الأعيان رجائي المعشر الحكومة بالتضليل في الأرقام والمعطيات.
بالنسبة لعضو برلمان بحجم النائب خليل عطية لو رفع الغطاء الأمني والمرجعي عن حكومة النسور لأخفقت في الحصول على ثقة النواب ودعمهم. لكن بالنسبة لأوساط مقربة من رئيس الوزراء يقترح الأخير على المرجعيات المضي قدما بسياسات وقرارات «موجعة» تهربت منها غالبية الحكومات ويمررها الرأي العام بأقل ضجة ممكنة.
حتى عندما فكر مجلس النواب بإسقاط حكومة النسور قيل لرئيسه عاطف طراونة بوضوح بأن البرلمان سيرحل مع الحكومة لو أصر على موقفه مما يؤشر على ان برنامج النسور لا زال يحمل مبررات ومسوغات البقاء وعدم الرحيل رغم أن شائعات التغيير الوزاري تعود للواجهة بين الحين والآخر وتستهدف النسور كشخصية بيروقراطية متقدمة تتصرف وتتحدث بجرأة بين الحين والأخر وتتجنب الالتفات للانتقادات أو مشاريع الإعاقات.
النسور يبلغ في نقاشات خاصة جدا كبار السياسيين من أبناء جيله بأن فرصته في العودة لرئاسة الحكومة منعدمة، وبالتالي يتوقع الجميع بأن الرجل يسعى لبصمات في الحياة العامة والإدارة تسجل لصالحه تاريخيا يعتقد على نطاق واسع انها تتعلق بالحفاظ على استقرار مالي في ظرف اقتصادي ومالي معقد جدا.
حتى عندما يتعلق الأمر بالاجتهادات الخاصة يجترح النسور تعليقات في بعض الأحيان تبدو خارج السياق المألوف تماما بما في ذلك توجيه رسائل ملغزة لدول الخليج أو انتقادات لأدائها تجاه بلاده أو التحدث بسلبية عن نظرة الدول الغربية للإسلام والمسلمين واهتمامها بصراع الحضارات.
كثيرون هذه الأيام يتكدسون في المنطقة المخصصة لانتظار رحيل حكومة النسور التي تقادمت وقاربت على عامها الثاني وعديدون يقولون بأن مهام الرجل التي يقدمها بكفاءة حتى اللحظة لم تقف بعد بالرغم من بعض الأخطاء الصغيرة التي يمكن احتمال كلفتها هنا وهناك.
مؤخرا، وفي ضوء تعالي الضجيج، المقاربة السياسية أصبحت واضحة الملامح فالانتهاء من تمرير الموازنة المالية حكوميا عبر البرلمان يضع النسور في مستوى مواجهة الاستحقاق المتمثل بإجراء التعديل الوزاري الثاني على فريقه أو مغادرة الساحة وانتهاء المهمة. التعديل يعني أن طول عمر الحكومة سيمتد ويلازم مجلس النواب الحالي وهنا حصريا تكمن مشاعر قلق الخصوم.
بسام البدارين