خفايا تحرشات الجنرال السوري بهجت سليمان بالأردن..«درعا» و»جبهة النصرة» ما زالتا مشكلة المملكة والعيون تراقب «الرمثا»

28

100960_1_1421188526

حصاد نيوز- بسام البدارين: عودة السفير السوري السابق النشط الجنرال بهجت سليمان للعزف على وتر اتهام عمان برعاية الإرهاب الذي يستهدف بلاده، لا يمكن حمله على الأجندة الشخصية فقط بسبب طرده قبل أشهر من عمان، بل يمكن الاستدلال من خلال هذه العودة على حجم «التعقيد والارتباك» الذي ما زالت تعايشه خطوط الاتصال بين دمشق وعمان.

في قراءة الغرفة السياسية الأردنية لتحرشات السفير سليمان المتكررة والموسمية تبرز نظرية تتصور بأن دمشق خصصت خبيرها الأبرز في الوضع الأردني الداخلي والإقليمي، وهو السفير سليمان، للمشاغبة والمناكفة بين الحين والآخر، والأهم لقول وترديد ما لا تستطيع قوله بصفة رسمية.

من هنا يحضر السفير الجنرال بين الحين والآخر لمشاغلة الأردنيين واتهامهم، كما حصل قبل عدة أيام حينما أعاد التذكير بأن الحكومة الأردنية تدفع اليوم ثمن «تآمرها» على سوريا الأسد عبر استقطاب اللاجئين وغيرهم لأغراض سياسية وعبر المساهمة في تدريب «الإرهابيين».

عندما استفسرت الخارجية الأردنية بصورة دبلوماسية عن تعليقات السفير سليمان قيل لها إنه لا يحمل صفة رسمية وأن ما قاله يمثل رأيه الشخصي.

لكن هذا الجواب الدبلوماسي بامتياز لا يعجل في قناعة الأردنيين بأن النظام السوري يتقصد بين الحين والآخر إعاقة أي محاولة أردنية للمصافحة والتواصل ما دامت خيارات المصالحة بكل الأحوال بعيدة المدى.

خطوط الاتصال بين عمان ودمشق تعمل ببطء شديد وسط درجة عالية التشويش وضغوط واعتبارات معقدة، لأن دمشق لا تزال تعمل مع الأردن وفقا لاستراتيجية «درعا واللاجئين، مشكلة أردنية بامتياز».

مؤخرا فقط وفي ظل الإصرار العنيد الذي تعتمده دمشق رسميا بعدم التجاوب مع أي محاولة لإيجاد حلول أو معابر آمنة لعودة اللاجئين السوريين او حتى لتجديد وثائقهم السورية، بدأت مستويات القرار الأردنية «تقلق» وتطرح تساؤلات حرجة عن الاضطرار ماليا واجتماعيا وأمنيا وسياسيا للتعامل مع نحو مليون ونصف مليون سوري يبدو أنهم «علقوا فعلا» في الحلق الأردني.

في قياسات سياسي أردني مخضرم من وزن الدكتور ممدوح العبادي، السياسة الحكومية في موضوعة اللاجئين السوريين كانت خاطئة جدا وتفتقد للحكمة، وكان ينبغي إغلاق الحدود كما فعلت تركيا.

وفي قياسات مستويات التفكير الاستراتيجي الأردني زادت حادثة الطيار الأردني الأسير معاذ كساسبة الذي سقطت طائرته في محافظة الرقة السورية من مستويات التعقيد في موقف تشابكي ومعقد أصلا لأن واحدا من سيناريوهات العمل في قضية الطيار الأسير تتعلق بالاشتباك عملياتيا أكثر مستقبلا في حيز جغرافي وبدون قبول النظام السوري للتعاون المعلوماتي أو التنسيق حتى العملياتي.

امتناع دمشق عن تقديم معلومات مفيدة للأردنيين أو عن تقبل فتح نطاق الرسائل السياسية المتبادلة معهم يقرأ على أساس أنه محاولة متجددة لبقاء كل مشكلات الحدود المشتركة أمنيا وعسكريا «أردنية فقط»، هذه الاستراتيجية تنجح حسب مسؤول بارز تحدث لـ»القدس العربي» في إرهاق مجسات الاستشعار الأردنية.

مشكلات الحدود في الواقع تتعدى العبء الكبير الذي تفرضه مسألة اللاجئين السوريين الذين يحتاجون عبئا إضافيا لمراقبة كل نطاقاتهم الأمنية، سواء أكانت اجتماعية الطابع أو على شكل خلايا نائمة يمكن ان يستثمرها «جهاديون» سوريون يقاومون نظام الأسد او نظام ومؤسسات الأسد نفسه، وهنا يكمن الشيطان في التفاصيل حسب مسؤول أمني أردني.

وقد عبر رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور في وقت مبكر أمام «القدس العربي» عن مخاوف بلاده من جنوح التطرف السوري وانحيازه الجغرافي المحتمل عندما تحدث عن خيارين سيئين على أساس اشتباك نظام الأسد مع المنظمات الجهادية في سوريا، فلو انتصر عليهم لبحثوا عن «ملاذ آمن» جنوب درعا، ولو ضايقهم سيبحثون جغرافيا عن الملاذ نفسه وقد يضطر الأردن للاشتباك معهم.

مؤخرا وبعدما شارك الأردن في التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا توسعت رقعة الاشتباك لتشمل في غارات التحالف أيضا «جبهة النصرة» التي تعتقد عمان اليوم بأن في إضعافها مصلحة لها، الأمر الذي يزيد في الواقع الموقف الأردني تعقيدا.

لذلك يتم التركيز حاليا على الاحتمالات والسيناريوهات التي تضع مدينة الرمثا الأردنية المحاذية لدرعا في نطاق الرقابة الأمنية التفصيلية للحرص على عدم دخولها في وضع خطر من ناحية اتجاه «جبهة النصرة» نحوها أو إيجاد موطىء قدم فيها للجهاديين السوريين، خصوصا مع حصول تعقيد ديمغرافي فيها جراء الوجود السوري الكبير فيها.

ما تقوله ضمنيا تحرشات السفير سليمان أن مدينة الرمثا شمالي المملكة أصبحت تحت كل الأضواء بفعل سياسات التحصين الذاتي الأردنية.

قد يعجبك ايضا