أسبوع الطيار الأردني الأسير لدى تنظيم الدولة الإسلامية: التحالف «متهم» من الطرفين.. الحكومة والشارع
حصاد نيوز – ظروف وملابسات وتداعيات إسقاط الطائرة الأردنية في عملية قتالية في مدينة الرقة السورية والتمكن من أسر طيارها الشاب معاذ الكساسبة تطلب في الأردن تشكيل أوسع وأعمق «خلية أزمة» تعمل في صمت لكنه شكل في كل الأحوال «محنة» حقيقية وضعت دور الأردن المحوري في التحالف الدولي في إمتحان معقد جدا.
في طبيعة الحال لا أحد يعرف ولا ينبغي أن يعرف ما الذي تفعله أو تعمل عليه هذه الخلية بسرية وتكتم وسط خيارات صعبة وفي بعض الأحيان «شبه مستحيلة « يقابلها شغف لدى الرأي العام يتكثف عند نقطة واحدة تتمثل في رؤية الطيار الشاب معاذ الكساسبة الذي تعلقت مشاعر الأردنيين به حرا بين ذويه وأهله.
لكن الجميع بات يعرف الآن ان التساؤلات تتصاعد على المستوى الشعبي في البلاد ليس في إطار البحث عن معلومات فقط بل على مستوى «مناقشة» اعتقدت الحكومة والسلطات ان الشارع تجاوزها تماما في اللحظة التي رفعت فيها شعارات «هذه حربنا».
التمكن من أسر الطيار الشاب صدم صناع القرار الذين إضطروا لإبتلاع الدعوات المتصاعدة التي رفعت شعار «ليست حربنا» سواء صدرت عن عائلة وعشيرة الأسير الشاب خصوصا بعد مقابلته الشهيرة على مجلة «دابق» أو على صعيد الرأي العام ونخب البرلمان حيث صدرت مذكرة وقعها ثمانية نواب رفعت هتاف»ليست حربنا».
الأردن الرسمي تمهل في قياس دوره في محيط قوات التحالف بسبب موقعه وموقفه الجيوسياسي وأول من صدم الرأي العام بمقولة «هي حربنا» كان رئيس الوزراء الأسبق الدكتور معروف البخيت في محاضرة شهيرة له قبل أن تعلن السلطة رسميا بأنها حرب أردنية دفاعا عن «الإسلام الحقيقي» وبسبب الإنفلات الأمني بالحدود الشرقية في الأنبار العراقية والشمالية في محيط درعا.
وحصل مستجد أعاد خلط الأوراق فعمان التي تعمل بصمت رسميا تريد التوثق مرحليا من كلفة إعتبار الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية «أردنية» ما دام التحالف نفسه عبارة عن إطار سياسي لا يسعى في رأي الغرف العميقة «لحسم» المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية ولديه حسابات تخطط لبقاء المنطقة في حالة عدم الإستقرار لأغراض سياسية بحتة.
وسط مجتمع الدبلوماسيين الغربي والعربي في العاصمة الأردنية إستمعت «القدس العربي» مباشرة لآراء وتعليقات وإجتهادات تتحدث عن «حيوية» جديدة بثت في الدور الأردني على المستوى الإقليمي بعد «دور متقدم» في ترتيبات التحالف أو عن فاتورة أسعار على حساب دول الخليج التي تدفع كلفة الحرب على «داعش» لثلاث سنوات على الأقل.
اليوم وبعد حادثة إسقاط الطائرة الأردنية تحول التحالف نفسه من مساحة تكتيكية إستراتيجية تساهم في تحسين الوضع التفاوضي الإستراتيجي للأردن إلى سؤال وإستفسار عن «جدية» الشراكة مع دول التحالف عندما يتعلق الأمر بإشتباكات الميدان وعلى الأرض.
هنا حصريا يصر المحلل الإستراتيجي الدكتور عامر سبايلة على طرح تساؤلات محددة حول «مسؤولية « التحالف ليس فقط عن سقوط الطائرة الأردنية ولكن عن متابعة وتأمين حياة الطيار الأردني الذي سقطت طائرته. وهنا أيضا يستفسر نواب كبار في البرلمان بينهم مخضرم من وزن خليل عطية عن «الثمن المقبوض» سياسيا وإقتصاديا جراء مخاطر الإنضمام للتحالف وخوض معركة هي ليست معركة الأردنيين.
وعطية عندما يتحدث عن الثمن يقول أنه يريد في الحد الأدنى أن يشطب المديونية إقتصاديا وان توقف إسرائيل سياسيا سلوكها العدواني ضد الشعب الأردني مما يوحي ضمنيا بأن المساهمة في التحالف قد تكون «عبثية».
تحاجج السلطة بأن الإعتبار الأمني الإستراتيجي فوق كل الإعتبارات وبأن تنظيم الدولة يقترب في المحيط من الثوب الأردني وبان المواقف «مبدئية» مع «الإرهاب» وبالتالي مع التنظيم وشقيقاته على أساس ان الإشتباك بدأ مع تفجيرات فنادق عمان بأمر مباشر من مؤسسه الأول أبو مصعب الزرقاوي.
وزير الإتصال الناطق الرسمي الدكتور محمد مومني صرح بان الحكومة لن تأل جهدا في متابعة قضية الطيار الأسير ورسميا تم تحميل قيادة التنظيم مسؤولية الحفاظ على حياة الأسير والإفراج عنه والإتصالات بدأت بصورة معقدة عبر أطراف في الانبار وتركيا. «هي حرب « يقول مسؤول بارز لـ «القدس العربي»- وفي الحروب تسقط الطائرات ويقع أسرى.
وحده المزاج الشعبي لا يريد التعاطي مع المسألة على هذا الأساس والحسابات الرسمية لا تناسب إتجاهات الرأي العام الذي إتخذ من قضية الأسير الكساسبة قاعدة لإطلاق السؤال المتأخر: لماذا شاركنا أصلا في هذه الحرب وهل هي حربنا فعلا؟
الحرب برمتها في المنطقة مفروضة على الجميع وفي هيكل تنظيم الدولة الإسلامية نفسه ثمة أردنيون في مواقع متقدمة يتخذون مواقف متشددة من النظام وحتى من قضية الأسير الكساسبة.
أكثر هؤلاء ظهورا في الأزمة الأخيرة كان الشيخ الدكتور سعد الحنيطي الذي أصر على وصم الطيار والنظام بوصف «المرتد» خلافا لتقدير النشطاء في التيار السلفي الجهادي الأردني المتعاطفين مع تنظيم الدولة الإسلامية أو حتى المختلفين معه والذين يدركون بحكم الواقع المحلي كلفة وعواقب المساس بالأسير الكساسبة على شكل ثورة شعبية ترفض التنظيم وتطالب بالحرب عليه إذا ما إصر على التعامل بقسوة وغلاظة مع قضية الأسير.
التحالف بعد تأثيرحادثة الطيار في وجدان المزاج الشعبي الأردني متهم الآن بـ»التقصير» والمشاركة فيه بدورها «متهمة» الآن بعدما كانت صاعدة والنقاش ضدها محصور في نخبة من السياسيين والآراء فقط.