الوزني: عدد من فرضيات موازنة 2015 غير منطقي
حصاد نيوز – قال الخبير الاقتصادي/ مدير شركة اسناد للاستشارات، الدكتور خالد الوزني، إنّ السلطة التشريعية في الأردن على مدى العامين الماضيين “رفضت أن تمارس دورها في الرقابة على الموازنة”، فيما ارتكبت الحكومة مخالفة دستورية في 2013 بعدم ارسال الموازنة في الوقت المحدد.
وأوضح الوزني، خلال محاضرة ألقاها أول من امس في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أنّ الحكومة في 2013 خالفت الدستور بأن أرسلت الحسابات الختامية للموازنة في تشرين الثاني (نوفمبر) وليس في حزيران (يونيو)، وهذا مخالف للدستور المعدل، الذي اشترط على مجلس النواب أن يطلع على الحسابات الختامية في موعد أقصاه الشهر السادس من العام الذي يلي انتهاء الموازنة، مشيرا الى أنّ هذه الحسابات لم تفتح ولم تدرس ولم تناقش.
وقال إنه في 2014 التزمت الحكومة بالنص الدستوري وأرسلت الحسابات الختامية في شهر حزيران (يونيو) من هذا العام لكن السلطة التشريعية لم تناقش هذه الموازنة، مشيرا إلى أنّ أهمية الحساب الختامي تكمن في إنه بمثابة رقابة على التزام الحكومة بما قدمته لمجلس النواب من آليات الصرف المختلفة؛ حيث أن قانون الموازنة يحتوي بعض المواد التي تسمح باستحداث النفقات الطارئة وتسمح لبعض الجهات بمناقلة في نفقاتها وهي لا تظهر إلا في الحسابات الختامية.
وأوضح الوزني، في المحاضرة التي ناقشت موازنة 2015 وواقع الاقتصاد الأردني، انّ موازنة 2015 لم تكن موازنة تنموية وفيها الكثير من العيوب.
وأشار الى انّ موازنة 2015 بنيت على أساس أنّ النمو الحقيقي سيكون 4.5 %، و “هذا مرتبط باتفاقيتنا مع صندوق النقد الدولي، وكانت موازنة 2014 بنيت على أساس النمو الحقيقي المتوقع 3.5 %، وإذا عكسنا ذلك على النمو في الايرادات في 2014، وكان توقع نمو الايرادات 12 % في 2015، لكن الايرادات نمت بـ 9 %، وبالتالي واضح أنّ هذه الارقام “قص ولصق” وليست مبنية على أعمدة الموازنة.
وأضاف أنّ موازنة 2015 بنيت على طريقة تقليدية هي بتخفيض النفقات وزيادة الايرادات 9 % من خلال قانون ضريبة الدخل الذي سيزيد الايرادات 130 مليون دينار من زيادة الضريبة وهي فرضية غير حقيقية وغير قابلة للتطبيق؛ حيث أنه عندما تتحقق ايرادات 2015 ستدفع في 2016 وليس في 2015، وبالتالي ما يتحقق من 130 مليونا هي من اقتطاعات الموظفين في 2015 وهي لا تزيد على 30 مليون دينار والجزء الثاني، ما تجبر عليه المؤسسات الكبيرة التي تدفع ضريبة مقدما؛ حيث أنّ هناك بندا في القانون يعطي لوزارة المالية الحق في أن تطلب من المؤسسات أن تدفع 50 % من ايراداتها المتوقعة.
وأضاف أنّ الفرضيات التي بنيت عليها الموازنة ليست من المنطق بمكان أن تبنى عليها موازنة باستثناء أسعار التضخم لأنها جاءت بعد انخفاض أسعار النفط والمواد الاساسية، مشيرا إلى أن هناك إصرارا حكوميا على رفع أسعار الكهرباء بنسبة 15 %، وهو قرار مجحف وغير منطقي في ظل انخفاض أسعار النفط لما يزيد على 40 %.
وأشار إلى أنه ليس من المنطق أن تفترض الحكومة تراجع المستوردات 1.6 % في ظل أسعار النفط التي بنيت عليها الموازنة وهي 100 دولار للبرميل.
كما وأشار الى انّ الحكومة خرجت بتصريحات بأنّ عجز الموازنة في الاردن 2.5 % من الناتج المحلي الاجمالي، فهذا يعني “تزيينا لواقع غير حقيقي” وهو “غير دقيق” والحقيقة هي أنّ عجز الموازنة بعد المساعدات من منح وقروض هو 6.1 % من الناتج المحلي الاجمالي.
وأوضح بأنّ موازنة الحكومة الأردنية هي عبارة عن موازنة الحكومة المركزية وموازنة الوحدات المستقلة فإذا أردنا معرفة حقيقة الوضع المالي للمالية العامة في الأردن علينا أن نقرأ الموازنتين معا.
وأشار الى انّ الحكومة المركزية ستستدين العام المقبل 6.2 مليار دينار، ستسدد منها 5.2 مليار، لكن إذا ذهبنا الى موازنة الوحدات المستقلة نجد أنّها ستستدين العام المقبل 1.8 مليار دينار، ما يعني أنّ الحكومة ستستدين العام القادم 8 مليارات جديدة تسدد منها حوالي 5.5 مليار دينار ما يعني تراكم المديونية.
وقال إنّه كلما استطاعت الموازنة الرفع من مستوى الاعتماد الذاتي شكلت بذلك قوة للاقتصاد الوطني، وهذا لا يتم فقط عن طريق ضبط النفقات لأنّ الحكومة استنفدت كل سبل ضبط النفقات هذا العام، مشيرا الى أنّ الحل الوحيد لتغطية الفجوة الداخلية من خلال توسيع نطاق الايرادات وذلك عن طريق تحصيل ايرادات جديدة من خلال منافذ جديدة وليس من خلال زيادة التحصيل من نفس الفئات، وهذا يعني أن لا نزيد الضرائب بشكل متكرر على الفئات التي تدفع الضرائب أصلا، لأن رفع الضريبة عليهم يعني أنّ إيراداتهم ستقل، وبالتالي فإنهم لن يستطيعوا دفع الضرائب المترتبة عليهم، فالأصل أن أزيد من عدد دافعي الضرائب من خلال خلق فرص عمل والتشغيل وبالتالي يتم السيطرة على الفجوة الداخلية.
وأشار الى انه لا بد من توسيع نطاق الايرادات وترشيد النفقات وليس تخفيضها، مشيرا الى أنه ليس المطلوب دائما أن تخفض النفقات بل أحيانا أن تزيد الانفاق من أجل أن تحقق إيرادا أكبر.
وأضاف الوزني أن المقوم الأساسي للموازنة هو الوضع الاقتصادي، ففي وضع الانكماش لا بدّ على الحكومة أن تتخذ سياسة توسعية إما عبر زيادة الانفاق أو تخفض من ايراداتها، أما اذا كان الوضع الاقتصادي في حالة ازدهار وانتعاش فعليها أن تتبع سياسة انكماشية لتحتفظ ببعض المال.
الموازنة في وضعنا الحالي، بحسب الوزني، ليست تنموية وفيها عيوب كثيرة؛ حيث أن الانفاق الرأسمالي في الموازنة يبلغ 1.7 مليار، منها 60 مليونا مشاريع جديدة، وهذا يشير الى أنها ليست موازنة تنموية بأي شكل من الأشكال.
خطورة العجز المالي تكمن في سببه، فإذا كان العجز المالي سببه مشاريع استثمارية رأسمالية تخلق ايرادات مستقبلية فهذا لا يخيف أي اقتصاد.
وأشار الى أنّ خطورة المديونية تكمن في مصدرها فـ 95 % من المديونية اليوم مصدرها تجاري، وسببها نفقات جارية، فهي من الخطورة بمكان بحيث يصعب تسديدها في أي وقت، مشيرا الى أنّ الديون الجديدة التي يحصل عليها الأردن ومنها الـ”يورو بوند” خطورتها تكمن في أنها غير قابلة للجدولة إلا بفوائد اضافية وغير قابلة للاعفاء ولا للمبادلة كما كانت عليه الديون في السنوات السابقة، مشيرا الى أنّ وضع المديونية خطير،و90 % منها يغطي نفقات جارية 95 % منها من مصادر تجارية.
وأشار إلى أنّ المديونية حاليا خطيرة، وتصل بالصافي إلى حوالي 23 مليار دينار وبالإجمالي 27 مليار دينار، ولا يمكن تسديدها إلا بدعم كبير.
وأكد على ضرورة أن تكون المساعدات التي تقدم للأردن مرتبطة بمشاريع استثمارية، مشيرا الى أنّ هناك 1.128 مليار منح ومساعدات خارجية معظمها كان جهدا من جلالة الملك وليس من جهود السلطة التنفيذية ومرتبطة بالوضع الاقليمي للمنطقة ودور الأردن المهم في المنطقة.
ودعا الى ضرورة وضع خطة تتعلق بكيفية تحويل المنح ليس الى ايراد للموازنة، لكن يجب أن ترتبط بمشاريع أساسية تنفذ أو تؤجل في تأخرها لا أن تصبح من الايرادات الموازنة وكبند حقيقي قائم في الموازنة، مشيرا الى أنها أصبحت توازي بين 15 الى20 % من إجمالي الإيرادات.
وأشار الوزني إلى أن اتباع سياسات جانب الطلب وضبط النفقات لم تعد كافية وقد وصلت إلى أقصى ما يمكن عمله اليوم والمطلوب سياسات تحفيز جانب العرض وتحريك عجلة الاقتصاد، اضافة إلى تحصيل ايرادات اضافية غير مرهقة للمواطنين عبر تعزيز البيئة التنافسية وعبر الاستثمار الأفقي في قطاعات الصناعة والزراعة.
ودعا الحكومة إلى العمل على تحويل المواطن متلقي الدعم العاطل عن العمل الى دافع للضرائب عبر توسيع حركة الاقتصاد وجذب الاستثمار وتمويل المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، كما دعا الى إعادة الهيكلة عبر دراسة الحاجة الحقيقية للوزارات والمؤسسات المستقلة التي تخدم نفس الغرض وتقوم بنفس الدور.
وأكد على دور القطاع الخاص والقطاع العام، وتنشيط الاقتصاد عبر مشاريع صغيرة ومتناهية الصغر لتحويل فئة كبيرة من المجتمع من متلقي للدعم والمعونات الى منتجين ودافعي ضرائب.
وقال إن هناك حاجة إلى سياسات تنموية لا مركزية تجعل من العاصمة مركز إشعاع وتخطيط لتنمية باقي المحافظات وليس المحور الوحيد للتنمية بهدف تحويل العديد من المحافظات من متلقية للدعم إلى مساهمة في الايرادات الضريبية وتحريك عجلة الاقتصاد.
وأشار الى ضرورة إصلاح التعليم والحاجة إلى برنامج إصلاح اقتصادي حقيقي تشاركي مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والمأمول أن تكون الخطة العشرية التي تعدها الحكومة هي الوثيقة المرجعية لذلك الإصلاح.
وأضاف أنّ القطاع الخاص هو محرك الاقتصاد والتنمية، مشيرا الى أنّ الاقتصاد إذا أراد التحليق بأمان فلا بدّ أن يكون القطاعان العام والخاص متكاملين؛ بحيث يكون القطاع الخاص هو المحرك للاقتصاد والآخر منظم ومراقب ومشرع، مشيرا الى أنه إذا عجز أي من الجناحين عن العمل لن يحلق هذا الاقتصاد.
وأشار الى أنّه في الخمس سنوات الماضية كان هناك تعثر في الاقتصاد بسبب عدم قدرة القطاع الخاص على التحرك بشكل سليم داخل الاقتصاد الوطني بسبب القوانين والاجراءات والضرائب الزائدة والتضييق في الاستثمار، مشيرا الى أنّ تقارير التنافسية تشير الى انّ هناك مشكلة في التعامل مع القطاع الخاص وفتح الآفاق أمامه ليتحرك داخل الاقتصاد.
وتحدث الوزني عن الموارد البشرية في الاقتصاد والتي تتصف بأنها تحوي طاقات شابة وهناك نسبة جندرية متوازنة وراغبة في أن تكون جزءا فاعلا في الاقتصاد، اضافة إلى مستوى تعليمي مرتفع اضافة الى مستوى تواصل تكنولوجي عال خاصة في مجال وسائل التواصل الاجتماعي وانفتاح على العالم الخارجي، مشيرا الى أنّ هناك طاقات كامنة في الاقتصاد الأردني غير مستغلة.
وأكد على ضرورة استغلال الفرصة السكانية بالشكل الصحيح بحيث لا يبقى الاقتصاد الوطني “اقتصادا رعويا”.
وتحدث عن البنية التحتية في الاقتصاد، مشيرا الى أنّه بالنظر الى المؤشرات في هذا المجال فإنّ المملكة تعتبر من الدول المتقدمة في هذا المجال، لافتا إلى أنّ 99.9 % من المساكن في المملكة تصلها الكهرباء و90 % تصلها المياه.
أما العمود الخامس للاقتصاد فهو قطاع الخدمات المساندة؛ حيث أشار الى أن ثلثي الاقتصاد الوطني هو قطاع خدمات، وهو الوحيد القادر على تحريك أي قطاع اقتصادي آخر، وخصوصا الزراعة والصناعة.
ودعا الوزني في هذا السياق الى ضرورة توسعة ودعم قطاع الخدمات لدوره الكبير في دعم القطاعات الأخرى وفي توظيف أيد عاملة وبالتالي توسعة فئة دافعي الضرائب.
وأشار الى أنه ليس من العيب أن يسيطر قطاع الخدمات على الاقتصاد ولكن لا بدّ من التركيز على النوعية وليس على الكم.
وقال إن الاقتصاد يواجه عدة تحديات منها اقليم مضطرب ينعكس على قدرتنا على التوسع خارجيا، مشيرا إلى ضرورة بحث آفاق خارج منطقة الإقليم.
ومن ضمن التحديات، ذكر الوزني التبعات المرهقة للأزمة السورية حيث أنّ كلفة اللاجئين السوريين وصلت الى 5 مليارات دينار خلال الثلاث سنوات الماضية وهناك ما يزيد على 325 ألف فرصة عمل تم استخدامها من قبل العمالة السورية في الاقتصاد الوطني، ما يشكل تحديا آخر وعندما ننظر الى أنّ البطالة في الأردن حوالي 180 ألف عاطل عن العمل.
وأشار الى أن المهم في معالجة البطالة “كيف أحول العاطل عن العمل الى دافع للضرائب”؛ حيث أن كل عاطل عن العمل هو متلق للدعم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وبالتالي من المهم أن يتم تحويل ذلك المتلقي للدعم الى دافع للضرائب بحيث يكون جزءا من ايراد الدولة.
وأضاف على التحديات وجود اقتصاد عالمي يحاول التعافي؛ حيث أشار الى أنّ العالم يرى بأنّ 2014 هو نهاية النفق و2015 هي سنوات النمو في الدول الأوروبية مع الاشارة الى أنّ اقتصاد الولايات المتحدة بات يتعافى من خلال خلق فرص عمل كبيرة.
وأضاف الى التحديات بأنّ الاقتصاد الوطني يعمل بأقل من طاقته الكامنة رغم النقلة الكبيرة في أرقام النمو خلال السنوات الماضية، مشيرا الى أنّ الاقتصاد الوطني قادر على أن يصل الى 100 مليار بناتجه المحلي الاجمالي إذا أدير بطريقة مختلفة عن طريق شريكي الانتاج وهو القطاع الخاص والقطاع الحكومي، اضافة الى تحديات واختلالات في المالية العامة والطاقة والمياه، والفقر والبطالة.
وألمح الوزني الى مشكلة البطالة التي تعتبر إحدى تحديات الاقتصاد الوطني وذلك رغم الحديث عن انخفاض هذه النسب، موضحا أنّ الأرقام الصادرة عن دائرة الاحصاءات العامة سليمة، مشيرا الى أن العديد ممن لا يدخلون ضمن أرقام البطالة هم ممن أحبطوا في البحث عن وظيفة والذين خرجوا من حسابات البطالة وليس لأنهم وجدوا فرص عمل داخل الاقتصاد، ولا يمكن أن نقتنع بأنّ رقم البطالة المعلن عنه رقم حقيقي للبطالة.
وأشار الوزني الى أن أرقام النمو في المملكة تعتبر “نموذجا في المنطقة” برغم كل التحديات التي يواجهها الاقتصاد، مشيرا الى أنّ الارقام المعلنة تشير الى أنّ نسب النمو وصلت الى 3.5 %، فيما بنيت ارقام الموازنة للعام 2015 على أنّ النمو سيكون 4.5 %، مشيرا الى أنّ فرضيات موازنة 2015 ليس لها أي علاقة بأي شكل من الأشكال ببناء الموازنة سواء للعام 2015 أو للأعوام الثلاثة الماضية، وذلك لأنه ليس من المنطق بناء هذه الموازنة بناء على الأرقام المعلنة.