الأردن قلق من التحول إلى «مملكة لاجئين» وأزمة «الرقم» تتلاعب بملف اللجوء السوري
حصاد نيوز – يضيء وزير التخطيط الأردني الدكتور إبراهيم سيف الأنوار كلها على أضيق مساحتين تثيران الحساسية السياسية والاقتصادية والأمنية عندما يتعلق الأمر بملف اللاجئين السوريين في الأردن.
الوزير سيف عبر عن قناعة الحكومة على الأرجح بأن أزمة اللاجئين ستطول مما يؤكد أن المزاج الرسمي الأردني لا يفترض بالأساس نهاية وشيكة أو قريبة لأزمة اللجوء السوري التي وصلت لحد أن بعض القرى في الأردن يزيد عدد ضيوفها السوريين بكثير عن عدد سكانها الأصليين مما ينتج أزمة متعددة الأضلاع كما يلمح الوزير.
المساحة الثانية التي خضعت للأضواء تتعلق بالاستدراك البرامجي الآن لعدم وجود حيثييات رقمية نهائية فالأردن سيبدأ قريبا بعملية إحصاء اللاجئين السوريين والفروق كبـــــيرة بين أرقـــــامه وأرقام الأمم المتحدة والإجراءات الإحصائية ستشمل صرف بطاقـــات أردنيـــــة لكل لاجىء سوري مع توثيق بصـــمة العـــين لأســباب إحصائية وأخرى أمنية.
بلغة تقترب من الحيرة تحدث وزير التخطيط الأردني الأسبوع الماضي أمام جمهرة من الباحثين والإعلاميين ضمن المؤتمر المخصص للجوانب الإعلامية لأزمة اللجوء بتنظيم من المعهد الأردني للإعلام.
اللافت قبل أي شيء آخر وأثناء تجول «القدس العربي» في كواليس المؤتمر هو بروز أزمة رقم فخلال نصف ساعة فقط في جلسة واحدة أطلقت وزارة التخطيط تقييماتها بناء على رقم يختلف عن الرقم الذي اعتمدته وزارة الصحة في الوقت الذي بدا واضحا فيه ان وزارة الداخلية تتعامل مع رقم ثالث.
قبل ذلك تجلت هذه الأزمة في أكثر من موقع فخلال اجتماع رسمي في القصر الملكي لاحظ المستوى القيادي وجود روايات حكومية متعددة حول الأرقام والإحصاءات التي تخص العدد الحقيقي للاجئين السوريين في الأردن.
أحيانا ولأغراض التمويل والتسييس يجمع عدد السوريين الذي كان في الأردن قبل الثورة السورية باللاجئين بعدها، وفي كل الحوارات مع ممثلي المنظمات الأممية يتحدث الجميع عن تعامل دولي مع كل لاجىء مسجل أصلا فقط مما يخلق أزمة لصانع القرار الأردني عندما يتعلق الأمر بطلب المساعدة سواء المباشرة للاجئين أو للقطاعات التي تخدمهم مثل الماء والكهرباء والطعام والصحة والبنية التحتية والتعليم.
الوزير سيف تحدث في المؤتمر المنعقد في البحر الميت عن وثيقة مرجعية تعكف الدولة على إعدادها لوضع تعريفات وبيانات تحدد مسار هذه القضية التي أثارت في الماضي ولازالت تثير أنماطا من الجدل في كل المستويات.
عمليا توجد شكوك مبكرة في ان تجيب هذه الوثيقة على التساؤلات أو تضع بين يدي الدول المانحة أساسا يمكن الاعتماد عليه في مساعدة اللاجئين أو الحكومة الأردنية جراء استضافتهم.
وسط أجواء المؤتمر الذي انتهى مساء الاربعاء كانت الفرصة مواتية في الكواليس بين المشاركين والمواطنين لإظهار الامتعاض من وجود روايات حكومية غير موحدة في مسألة الرقم ومن التركيز في الخطاب الرسمي على البعد العاطفي وتوسل المساعدة باعتبار ملف اللاجئين ارتقى إلى مستوى الكارثة الوطنية الحقيقية.
صالح الكيلاني منسق دائرة اللاجئين السوريين في وزارة الداخلية الأردنية عبر عن التفكير البيروقراطي والإداري والسياسي والأمني القلق عندما تمسك بحق الأردن في ان يواجه أي محاولة للعبث بهويته الوطنية، مشيرا إلى ان جمع حاصل كل اللاجئين في بلاده يدلل على ان عددهم ومن كل الجنسيات يصل اليوم إلى 45 ٪ من السكان.
هذا الرقم مقلق ويهدد الهوية الوطنية الأردنية خصوصا وان العالم يهتم جدا باللاجئين السوريين دون الاهتمام الحقيقي بمساعدة الأردن حتى ان مخيم الزعتري للاجئين السوريين أصبح مزارا تحت اللافتة السياحية لكل من يزور المملكة.
ردا على سؤال مباشر لـ «القدس العربي» حول الفارق بين الخطاب العاطفي والمصلحي شدد الكــــيلاني على ان الدولة الأردنـــية تتفــــهم كل المعطيات الإنسانية لكن ذلك ينبغي ألا يقود إلى الاستهانة الدولية بالعبء الكبير الناتج عن ملف اللاجئـــين السوريين في الأردن، خصوصا وأنهم أكثر فقرا وأقل تعليما من اللاجئين العراقيين مثــــلا على حد تعبير الدكتـــور ابراهـــيم ســـيف الذي شـــرح بدوره للمــؤتمـــرين ملامح ما يمكن تسميــته بخطـــوات أولى لبناء استراتيجية وطنية أردنية شاملة على أمل التفاعل بصورة منتجة مع تداعيات أزمة اللجوء الإنساني السورية.
وزير الإعلام الأردني الأسبق الدكتور نبيل الشريف عرض في المؤتمر دراسة مقارنة مختصرة حول أداء الإعلام الأردني في مواجهة أزمة اللاجئين السوريين. النقطة الفارقة في الدراسة هي تلك المتعلقة برأي بعض اللاجئين السوريين أنفسهم وهم ينتقدون الأردن ويعبرون عن تقصيره الشديد معهم رغم الخدمات التي تقدم لهم وهي بالمناسبة خدمات غير موحدة وتفتقر للتنسيق.
الشريف أشار أيضا للانقسام الملموس في مواقف الرأي العام الأردني من أزمة اللاجئين ما بين مرحب ومتضامن أو محذر وقلق وهو حصريا ما يتحدث عنه سياسي كبير من حجم الدكتور ممدوح العبادي الذي يصر عبر نقاش مع»القدس العربي» على ان أزمة اللاجئين في بلاده نتجت عن خطيئة كبيرة بدأت من فتح الحدود على مصراعيها لأغراض سياسية صغيرة لم تتحقق في الواقع.
بسام البدارين