BBC: الاردن وداعــش والحــرب على جبهتيــن
حصاد نيوز – اثار التمدد السريع للتنظيم الذي يطلق على نفسه اسم “الدولة الاسلامية” (داعش) في سوريا والعراق هلع دول الجوار مثل الاردن الذي يشعر بقلق من وجود مؤيدين لهذا التنظيم داخل حدوده.
التقرير التالي لمراسل بي بي سي كوينتين سومرفيل من مدينة معان الاردنية الجنوبية.
خرج العشرات من مؤيدي “الدولة الاسلامية” (داعش) الى شوارع معان في يونيو / حزيران الماضي في مظاهرة اعلنوا فيها دعمهم للتنظيم الاسلامي المتشدد، مؤكدين ان معان هي “فلوجتهم الجديدة” في اشارة الى المدينة العراقية التي يسيطر عليها التنظيم.
ورغم ان اعلام داعش اختفت من شوارع معان الآن، فإن الدعم الذي يتمتع به التنظيم ما زال قويا. وفي غضون ذلك، يتواصل تمدد داعش على حدود الاردن الشمالية والشرقية.
وفي حقيقة الامر، فإن داعش لا يشكل تهديدا للاردن فحسب، بل انه يشكل تهديدا لجارة الاردن الغربية – اسرائيل.
عقب صلاة الجمعة، التقيت باحد مؤيدي داعش يدعى عمر، وسألته عن الكيفية التي يستطيع ان يبرر بها تصرفات هذا التنظيم بما فيها قتل الرهائن الامريكيين والبريطانيين.
اجاب عمر “الرد البسيط هو انه كان من الصحيح تعذيبهم واعدامهم، فهذه هي الطريقة التي سنسترد بها حقوقنا. لن نلجأ الى الامم المتحدة التي لا دين لها لأن ذلك سيكون كفرا. نحن نعتمد الشريعة الاسلامية، والقرآن هو مرجعنا.”
تجمع حولنا عدد لا بأس به من المارة يستمعون الى النقاش، ولكن عمرا لم يشعر بحاجة الى اخفاء هويته او تخفيف حدة آرائه.
وتابع “هذه ليست الا البداية، والآتي سيكون اسوأ.”
وقال “إن الدولة الاسلامية لا تشعر بحاجة لتبرير سلوكها للكفار إن كانوا صحفيين او عسكريين، فولائنا ليس لهؤلاء الكفرة. هم الذين بدأوا الحرب وهم الذين سيدفعون ثمنها.”
عقوبات مشددة
ويشهد الاردن حملة تستهدف مؤيدي داعش وغيرها من المنظمات المتطرفة، ففي الاشهر الاخيرة اعتقل اكثر من 600 من هؤلاء، واحيل الى القضاء 150 شخصا بتهمة اعلان تأييدهم لداعش او جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وقد صدرت احكام بحق 15 شخصا. يذكر ان رسالة واحد مؤيدة لداعش ترسل عبر مواقع التواصل الاجتماعي كافية لسجن كاتبها لمدة قد تصل الى خمس سنوات.
يقول موسى عبدالله، وهو محامي ترافع عن عدد من المتهمين، إن موكليه لوحقوا قضائيا لأن المحاكم تبالغ في استخدام تعديل ادخل مؤخرا على قانون مكافحة الارهاب الاردني.
وقال “إنهم يمنعون اجراء محاكمات عادلة في هذه القضايا، فالاحكام مشددة وغير منصفة للمتهمين.”
العمل في الخفاء
ولكن رغم التأييد الذي يتمتع به تنظيم داعش في بعض الاوساط الاردنية، لا يبدو ان حدود هذا البلاد ستقتحم قريبا من جانب مسلحي التنظيم.
فقد نشرت القوات المسلحة الاردنية تعزيزات على الحدود مع العراق. ولكن مع ذلك يبقى التهديد الذي تمثله داعش تهديدا حقيقيا، كما يقول وزير الداخلية الاردني حسين المجالي.
فقد توجه الآلاف من الاردنيين للقتال في صفوف داعش في سوريا، ويأتي عدد هؤلاء ثانيا بعد التونسيين في ترتيب الاجانب الذين يحاربون في صفوف التنظيم.
من جانب آخر، نشرت فرنسا في الاسابيع الاخيرة فقط ثلاث من طائراتها الحربية في الاردن للمشاركة في الجهد العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش.
وكان الاردن واحدا من 10 بلدان عربية قالت إنها على استعداد للمساهمة في قتال داعش، الامر الذي اثار حفيظة المتشددين في البلاد.
وقال المحلل السياسي الاردني مروان شحاده معلقا “لقد زاد التهديد الذي يستهدف الاردن بلا شك. ففي السابق، كان مؤيدو داعش يتحدثون الى الاعلام او يعبرون عن آرائهم عن طريق الانترنت، اما الآن فهم يعملون في الخفاء. إن مخاطر وقوع هجمات انتحارية في الاردن قد ازدادت ما لم تقم الحكومة باجراءات احترازية.”
إغراء للشباب
ولكن الاردن له خبرة في التعامل مع هذا النوع من التهديد. ففي عام 2005، قتل 57 شخصا في هجمات نسبت الى تنظيم القاعدة استهدفت ثلاثة فنادق غي العاصمة عمان.
يقول الوزير المجالي فيما يخص التهديد الراهن إن داعش لا تشكل خطرا على الاردن فحسب بل على العالم اجمع.
وقال “ولكن قربهم الجغرافي يعني ان التهديد الذي يشكلوه لنا يفوق ذلك الذي يشكلوه لغيرنا من الدول.”
يذكر ان الذين تجتذبهم داعش في الاردن هم صغار السن والفقراء.
وكان رجل الدين الاردني الشيخ محمد شلبي – المعروف بأبي سياف – قد شجع الاردنيين الشباب على التوجه الى سوريا للقتال. وابوسياف، المقرب من تنظيم القاعدة، يقول إنه يؤمن بالجهاد ولكنه يصر على ان داعش لا تمثل الاسلام.
وقال “إن الذين يحبون الجهاد يريدون ان يمارسوه في كل انحاء العالم، ولكن سوريا تبدو جذابة اكثر من غيرها لأنها مجاورة للاردن. ولكننا نقف بوجه كل ما يناقض تعاليم ومبادئ الاسلام. إن هدف الجهاد ليس القتل او قطع الرؤوس، بل نشر الاسلام فقط.”
الاردن، الذي انضم الى الحرب الدولية ضد داعش، يحارب الآن على جبهتين: الاولى ضد خطر وقوع هجمات على اهداف داخل البلاد، والثانية ضد الافكار والايديولوجيات التي بدأت بالانتشار بين الشباب والمهمشين.
وكالات