حصاد نيوز- لاقى تحذير أردني، غير مسبوق، لإسرائيل، اطلقه سفير المملكة لديها أول من امس، حول تهديد استمرار البناء الاستيطاني في الضفة الغربية واي تغير للوضع الديني في الحرم القدسي لاتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية، اهتماما كبيرا، على المستوى المحلي والإسرائيلي والعالمي.
السفير الأردني في تل أبيب وليد عبيدات كان قال أول من أمس إن ‘اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية ستكون مهددة بسبب استمرار البناء الاستيطاني اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأي إجراء لتغيير الوضع الديني لساحة في الحرم القدسي’.
ورأى مسؤول سابق أن ما جاء في كلمة السفير، في احتفال جرى في مركز رابين بتل أبيب أول من أمس، بمناسبة الذكرى العشرين لتوقيع اتفاقية ‘وادي عربة’، هو ‘رسالة مهمة وتطور في الموقف الأردني تجاه الوضع في الداخل’.
وفيما لم يسبق مثل هذا التصريح، سوى التهديد الرسمي بإلغاء الاتفاقية، الذي قام به الملك الراحل الحسين بن طلال، عند محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل على الأراضي الأردنية، عنونت بعض الصحف الإسرائيلية امس الخبر، بصورة لافتة بقولها ‘الأردن في مركز رابين: استمرار البناء قد يعرّض الاتفاقية إلى الخطر’.
وبينما يبدو أن الأردن أراد من خلال كلمة السفير، فتح باب علني للتلويح بورقة الاتفاقية، إثر الانتهاكات المتصاعدة الجارية في ساحات ‘الأقصى’، والغضب الشعبي الكبير تجاهها، فإن السفير عبيدات اعتبر في كلمته، وفق ما نقلته وكالة’ رويترز’، ان ‘كل مثل تلك الافعال لا تتوافق مع القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وإذا سمح باستمرارها فستعرض الاتفاقية للخطر في نهاية الأمر’.
وكان عبيدات يشير إلى جهود إسرائيليين من اليمين المتشدد لتغيير وضع منطقة قرب المسجد الأقصى، وإلى تقارير عن خطط لبناء مزيد من المستوطنات في أراض فلسطينية محتلة.
من جانبه، رأى الرئيس الأسبق للديوان الملكي عدنان أبو عودة، في تصريح السفير توجها دبلوماسيا جديدا، ‘وهو أن تقف أمام التوسع الإسرائيلي في الاستيطان’، كما انه رسالة جيدة من السفير.
ولكن، يتابع ابوعودة، متسائلا: ‘من يقول هذا لا بد يكون لديه سلاح موجود في جرابه’، وإن ‘هذا السلاح سيتم استخدامه في حال لم يتم الاستجابة للمطالب الأردنية في هذا الصدد’.
واعتبر أبوعودة أن هذا التصريح ‘تطور أردني تجاه الوضع في الداخل، وأنه عندما يتحدث السفراء في العادة، فانه يكون في جرابهم شيء ما’، وتابع موضحا ‘بمعنى أنه لو لم يلتزم الطرف الآخر، وواصل عمله.. فماذا سيفعل الأردن؟’.
وعن ماهية هذا الأمر، الذي قد يقدم عليه الأردن في حال لم تلتزم الحكومة الإسرائيلية، يقول ابوعودة ‘لا اعرف، ولكن لا بد أن هنالك أمرا ما، وعبيدات كسفير يعرف ما لدى الحكومة من إجراءات’.
ونفى رجل الدولة المخضرم أبوعودة، ان يكون هذا التصريح مجرد ‘بالون اختبار’، بل رأى فيه ‘امرا خطيرا وكلاما رسميا مسؤولا’.
كما اعتبر أنه ‘توجه إيجابي’، وأنه كمواطن أردني يود أن يطمئن، ان مثل هذا القول له رصيد من العمل، اذا لم تلتزم إسرائيل، بما عليها ان تلتزم به، لا سيما أن ‘هذه هي المرة الأولى التي يتكلم بها سفير أردني في إسرائيل بهذه اللغة’.
‘إسرائيل لديها برنامج طويل عريض، وما يفعلونه بالقدس هو عبارة عن تعويد الناس على إمكانية تشارك إسرائيل في الأقصى، وهم يأملون ان لا يأتيهم رد على ذلك’، لذلك فإن تصريح عبيدات هذا ‘ضروري، لكي تفهم إسرائيل ان موقفنا جاد’، بحسب أبو عودة.
وحتى نثبت الجدية ‘لا بد ان يكون هناك اجراء في حال كررت إسرائيل فعلها، لأنه ان لم يكن هناك اجراء، فإن كلام السفير حينها يكون بلا رصيد، وهذه إساءة وتنقلب فيها المنفعة إلى اساءة’.
وفي ذات السياق، وفيما يدلل على انزعاج إسرائيلي من كلمة السفير، اعتبرت صحيفة ‘تايمز اوف إسرائيل’ في تقرير لها امس، ان عبيدات ‘كان يقرأ ملاحظات محضرة مسبقا’، وان ‘لهجته كانت دبلوماسية، وانما باردة وغير ودية، في المناسبة الأولى التي يلقي بها خطابا امام حضور إسرائيلي، منذ تقديمه اوراق اعتماده للرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز’، بحسب عبارات الصحيفة.
اما وزير الخارجية الأسبق كامل ابوجابر، فرأى في التصريح الأردني ‘امرا في غاية الأهمية’، وعبّر عن اعتقاده ان هذا تلميح و’دق جرس الخطر، بأن ما تفعله إسرائيل، من تجاهل للقانون الدولي، واعتداءاتها على المقدسات الاسلامية والمسيحية، وبالذات الاعتداءات المتكررة على الأقصى، والتي تبدو انها تجري تحت نظر وسمع دولة إسرائيل، وبموافقة منها، تعرّض الاتفاقية للخطر’.
كما التقط ابوجابر في هذه التصريحات، ما يبدو وكأنه ملامح نحو تغيير سياسي جذري، خصوصا حول ما يشاع عن قانون للتقسيم الزماني والمكاني للأقصى، وهو ما عدّه ‘غاية في الخطورة، ويجب على إسرائيل والعالم الغربي قاطبة ان يتنبهوا لتعنت إسرائيل في هذا الصدد’.
‘هذه الكلمة من السفير الأردني موجهة لإسرائيل بالدرجة الأولى، ولأميركا وروسيا بالدرجة الثانية، بصفتهما راعيا مؤتمر مدريد للسلام لغاية الآن، وللدول الأوروبية قاطبة’، كما أنها رسالة إلى ‘العالم العربي والاسلامي، اللذين يتجاهلان ما يجري في القدس’، بحسب ابو جابر، المدير السابق للمعهد الملكي للدراسات الدينية.
وأخيرا، يذكر ان حلفاء يمينيين لنتنياهو يضغطون لسن تشريع يسمح بصلوات يهودية قرب المسجد الأقصى، فيما تصاعد التوتر مؤخرا، اثر زيارات شخصيات دينية إسرائيلية للموقع.
يذكر ان إسرائيل والأردن وقعتا اتفاقية سلام في العام 1994 لتصبح ثاني اتفاق سلام بين إسرائيل ودولة عربية، بعد الاتفاقية مع مصر العام 1979، وهي الاتفاقية التي يرفضها أغلب الشارع الأردني وتطالب قوى شعبية بشكل مستمر بإلغائها.
قد يعجبك ايضا