حصاد نيوز-أكد باحثون أن الأردن مَرّ بمحطات استراتيجية، خلال العقود الماضية أثرت على خياراته وأزماته، مشيرين إلى أنه استطاع تجاوز وطأة تلك التحديات بفضل قيادته الديناميكية ووعي أبنائه.
جاء ذلك خلال مؤتمر “التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الأردن: 1984– 2014″، الذي نظمه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، وانطلقت أعماله أمس.
وفي جلسات اليوم الأول ناقش المؤتمر عدة أوراق عمل، تناولت التحولات السياسية والأمنية من منظور دولي وإقليمي، وتحولات الاقتصاد الأردني.
وفي ورقته النقاشية استعرض الباحث للدكتور رضا البطوش التحولات في البيئة الأمنية والتهديدات القائمة، في جلسة ترأسها وزير الخارجية الأسبق كامل أبو جابر.
ورأى البطوش أن الأردن مر بمحطات استراتيجية خلال العقود الماضية، انعكست على خياراته وأشكال التهديد والأزمات التي تعرض لها، من أبرزها عام 1980، حيث حسم خياراته القومية بـ”دعم العراق” في حربه مع إيران، ما تسبب بتوتر العلاقات مع سورية، وفي العام 1987 بدأ الأردن تحركاً استباقياً، بإعادة مصر للصف العربي، بعد قطيعة كامب ديفيد، ثم “قمة الوفاق والاتفاق” في عمان، وما شهدتها من مصالحات عربية، لمواكبة تحديات وتحركات دولية تتعلق بالقضية الفلسطينية.
وقال إن العام 1990 الذي شهد احتلال الكويت، أدى إلى اساءة فهم موقف الأردن، وما ترتب على ذلك من أزمة في العلاقات الأردنية الخليجية، وعقد مؤتمر مدريد، العام 1991 بمشاركة الأردن، ثم معاهدة السلام العام 1994، مسبوقةً باتفاقيةِ اوسلو العام 1993.
وفي جلسة حول التحولات في الاقتصاد الاردني من منظور وطني واقليمي التي ترأسها رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي، بين أن القطاع التجاري في ورقته التي ألقاها رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة عمان عيسى حيدر مراد، مدى سعي القطاع إلى تحقيق التوازن بين أطراف الميزان التجاري (التصدير والاستيراد).
وأشار مراد إلى أن التصدير في قطاع التجارة يعد من أهم محركات الاقتصاد، وان تصدير المنتجات والسلع الوطنية أمر ضروري لدعم ميزان المدفوعات للحصول على عملات أجنبية تغطي تمويل استيراد السلع من الدول الأخرى، معربا عن أمل القطاع التجاري بانتهاج سياسات تقوم على تعزيز جانب التصدير المحلي.
وأوضحت الورقة هذا الجانب من خلال تطور التجارة الخارجية بين العامين (1940 و 2014)، والتحديات التي تواجه تطور قطاع التجارة، والسياسات الواجب اتخاذها لمواجهتها.
وعرض مراد مبادرات أثرت على حجم وقيمة التبادل التجاري بين مختلف دول العالم ودراسات من شأنها تحسين فرص الاستثمار داخل الأردن، والمساهمة في تعديل بعض التشريعات الخاصة بالنشاط التجاري مثل المواصفات والمقاييس والتعريفات والرسوم الجمركية وإنشاء المعارض للتعريف بالفرص الاستثمارية والتجارية في الأردن.
إلى ذلك، أشار مدير عام غرفة صناعة الاردن الدكتور ماهر المحروق في ورقته عن قطاع الصناعة، إلى أنه خلال الثلاثين عاماً الماضية حقق الإنتاج الصناعي بالأسعار الجارية معدل نمو سنوي يقارب 11 %، وارتفعت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لنحو 25 % بعد أن كانت العام 1984 ما يقارب 15.8 %.
وقال المحروق إن القطاع الصناعي استحوذ على ما يزيد على 65 % من اجمالي الاستثمارات المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار خلال العقد المنصرم، موضحا ان هذا القطاع هو الأكثر تشغيلاً للعمالة والأكثر قدرة على توفير فرص العمل، إذ يوظف حوالي 240 ألف عامل وعاملة جلهم من الأردنيين (18 % من مجموع القوى العاملة الاردنية)، وهو قادر على استحداث اكثر من 10 آلاف فرصة عمل سنوياً.
واوضح انه خلال العقد المنصرم شكلت نسبة التسهيلات الممنوحة للقطاع الصناعي حوالي 13 % من اجمالي التسهيلات الممنوحة من قبل البنوك التجارية لكافة القطاعات الاقتصادية، مبينا انه على مدار العقود الماضية شكلت الصادرات الصناعية ما يزيد على 90 % من إجمالي الصادرات الوطنية، وبلغت العام 2013 حوالي (4938) مليون دينار.
ومن التحديات التي تواجه القطاع الصناعي فضلاً عن “الربيع العربي”، أوضح المحروق أنها مشاكل متعلقة بالعمالة، وارتفاع تكاليف الطاقة، ونقص السيولة وصعوبة الحصول على التمويل وخاصة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
وفي الجلسة الرابعة حول التحولات الديموغرافية والسكانية، تطرقت الورقة الاولى التي أعدها الدكتور عيسى المصاروة من الجامعة الاردنية ومدير عام دائرة الاحصاءات العامة السابق فتحي النسور، إلى التغيرات الديموغرافية والعمرانية في الأردن خلال ثلاثة عقود (1984-2014).
وتناولت الورقة التغيرات التي حصلت في الخصائص الديموغرافية والحالة العمرانية خلال العقود الثلاثة الأخيرة في الأردن، مستعينة بالإحصاءات التي أسفرت عنها النشاطات الإحصائية الرسمية التي نُفذت خلال الفترة موضوع الاهتمام.
واشتمل ذلك على تتبع التغيرات التي عرفها حجم السكان وتركيبهم وتوزيعهم، اعتمادا على اتجاهات المسببات المباشرة التي أحدثت هذه التغيرات، وهي الإنجاب والوفاة والهجرة.
وفي ورقة الهجرة الدولية والداخلية لمستشار المجلس الأعلى للسكان كمال صالح، اعتبر أن ظاهرة الهجرة بشقيها الداخلية والدولية من الظواهر المهمة لما لها من تأثير على منطقتي الإرسال والاستقبال.
واكد صالح ان تأثير الهجرة في منطقة الإرسال كبير، وخاصة في حالات هجرة الأيدي العاملة الماهرة والمدربة والأفراد ذوي التعليم العالي الذين يميلون عادة إلى الهجرة بحثا عن العمل لتحسين أوضاعهم المادية والمعيشية.
وأكد أن وتيرة الهجرة الدولية القسرية، ممثلة بنزوح اللاجئين في كثير من الدول، ازدادت نتيجة لنشوب النزاعات السياسية وما صاحبها من عمليات نزوح كبيرة للأفراد والأسر عبر الحدود الدولية، الأمر الذي شكل ضغوطا على الدول المستضيفة التي هي في معظمها دول محدودة الإمكانات والموارد، وأصبحت تعاني من تزايد سكاني كبير غير مخطط له.
أما ورقة العمالة الوافدة والمهاجرة للدكتور غازي عساف من الجامعة الاردنية، فتقصت الاتجاهات العامة في حجم العمالة الوافدة الى الاقتصاد الاردني، إضافة الى العمالة المهاجرة من خلال دراسة تطور التحويلات المالية لكل منهما.
وقال عساف ان الاقتصاد الأردني شهد العديد من التغييرات الكبيرة في حجم وتركيبة العمالة الوافدة، إضافة الى التأثيرات المتعاقبة والناتجة عن الظروف السياسية الأخيرة في المنطقة، الأمر الذي يستدعي دراسة واقع هذه التغييرات وتأثيراتها المحتملة على سوق العمل الأردني، وتسليط الضوء على أهمية التحويلات المالية للعمالة الأردنية المهاجرة بخاصة العاملة منها في دول الخليج العربي.
وأكد أن المتتبع لوضع التحويلات المالية للعمالة الوافدة والمهاجرة في الأردن يجد أن مقدار ما يتم تحويله سنوياً من قبل الأردنيين العاملين في الخارج يفوق وبشكل كبير مقدار ما يتم تحويله من قبل الوافدين للخارج.
السابق بوست
قد يعجبك ايضا