قــرارات اقتصاديــة حكوميـــة مثــيرة للإعــجاب
حصاد نيوز-تتلقى حكومة الدكتور عبد الله النسور منذ يومها الأول انتقادات لاذعة نالت وتنال من قراراتها وسياساتها ومختلف اجراءاتها السياسية والاقتصادية. مع الاعتراف بأن جزءا من تلك الانتقادات جاء في محله، يجدر بالمراقب والمحلل بين الحين والآخر تسليط الضوء على الجانب الايجابي من أداء الحكومة، حتى يكون الانتقاد بناء، ويكون دور الصحافة متكاملا في نقد الأخطاء وتشجيع الانجاز.
خلال الفترة الماضية، صدرت مجموعة من القرارات الحكومية المثيرة للاعجاب على المستوى الاقتصادي، وهو ما سيتم تسليط الضوء عليه، وتبيان آثاره الايجابية على الاقتصاد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام.
آخر هذه القرارات، توجه الحكومة لحصر اقتراض شركة الكهرباء الوطنية محليا من البنوك الاسلامية، وهي نصيحة قدمت سابقا لعديد من المؤسسات ومن بينها أمانة عمان الكبرى من دون آذان مصغية.
التوجه الى البنوك الاسلامية يخفض من فائدة اقتراض شركة الكهرباء الوطنية، كون هذه البنوك لا تملك خيار ايداع سيولتها الفائضة لدى البنك المركزي على فائدة 2.75 %، كما هو الحال بالنسبة للبنوك التجارية.
أي أن سعر فائدة الاقتراض من البنوك الاسلامية يجب أن يقل “نظريا” عن الاقتراض من البنوك التجارية بنحو 2.75 %، وبما ينعكس انخفاضا على فاتورة الدين العام المترتبة على خزينة الدولة.
من جهة أخرى، يخفف التوجه نفسه من الضغط على سيولة البنوك التجارية، ما يسمح بالنتيجة بالحفاظ على سعر الفائدة المنخفض على سندات الحكومة الأردنية خلال الفترة القادمة.
قرار آخر مثير للاعجاب، يتمثل بتجديد الحكومة لرخصة شركة الكهرباء الأردنية استنادا الى معايير العائد على رأس المال والوزن الترجيحي لعائد رأس المال، عوضا عن الأسلوب القديم الذي عادة ما كان يعتمد على الربح المطلق أو هامش العائد عن التكلفة.
ينطوي تحت القرار السابق وعي مالي استثنائي، وتجاوز لاخفاقات الخصخصة في السنوات الماضية، التي نتج عنها تحقيق بعض شركات الكهرباء عائدا على رأسمالها وحقوق مساهميها يتجاوز الـ 20 %، برغم أن ربحيتها مضمونة ومخاطرتها تقترب الى الصفر.
كما أن الاعتماد على المؤشرات المرتبطة برأس المال تحدد حجم توزيعات الأرباح، وتدفع الشركة على المدى المتوسط والطويل الى رفع كفاءتها التشغيلية، وصيانة آلياتها و منشآتها.
من القرارات الأخرى المبطنة للحكومة، ضبط عملية امتحان الثانوية العامة وتخفيض نسب النجاح في الأفرع التقليدية، اذ إن هذا القرار يحمل في ثناياه تجاوبا اقتصاديا مع حقيقة أن أعداد خريجي الجامعات بات يناهز ضعف فرص العمل المستحدث سنويا في المملكة.
كما أن لهذا القرار المبطن بخامة اقتصادية أن يزيد من توجه الطلبة نحو تخصصات الثانوية العامة المهنية و الصناعية والفندقية، علما بأن هذا التوجه محور رئيسي لتحقيق الاصلاحات الاقتصادية في المملكة.
قرار آخر مثير للاعجاب هو القرار السيادي للحكومة بمحاربة سرقات المياه في محاولة لفرض العدالة بين المستهلكين النهائيين وتحقيق الوفر المالي المطلوب بغية التدرج في رفع تعرفة المياه.
القرار السابق وعلى الرغم من عدم توفر احصاءات رسمية عما حققه من وفر على الخزينة، يستحق الدعم والتشجيع من الجميع على أمل نقل التجربة الى ضريبة المبيعات وضريبة الدخل، بالاضافة الى فواقد شبكة الكهرباء.
قرار آخر يستحق التقدير، برغم أنه لا يزال تحت دراسة المطبخ الاقتصادي للحكومة، يتعلق بانشاء وحدة مالية متخصصة لدراسة الأثر الضريبي، لتعنى بدراسة القرارات الحكومية قبل اتخاذها ومتابعة أثرها مستقلا، وفي هذا علاج ذو أهمية لما تبين مؤخرا من قرارات ضريبية انعكست سلبا على خزينة الدولة.
القرارات السابقة بمجملها مثيرة للاعجاب وتستحق تسليط الضوء عليها ودعم استمرارها، والأهم من ذلك اسقاطها على مواطن الخلل الأخرى في اجراءات الحكومة وأعمالها.
دعم القرارات الصحيحة لا يختلف عن انتقاد تلك المشوبة بالعيوب والاخفاقات، فالنتيجة واحدة اذا ما كان الهدف في جميع الأحوال تحقيق مصلحة الوطن والمواطن.