الاتجار بخمر العنب منزوع الكحول .. حرام

196

ناصر لافي2

حصاد نيوز – ناصر لافي

بدأت أوساط غربية تشكك في قدرة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على تحقيق مكاسب في حربه ضد تنظيم الدولة بالعراق وسوريا، فبعد نحو شهرين من الغارات الجوية، لا نتائج تذكر لصالح التحالف، في حين يستمر تمدد التنظيم ويوشك على بسط نفوذه على بلدة “عين العرب” الاستراتيجية المتاخمة للحدود التركية. أكثر من ذلك، فقد رجح محللون عسكريون غربيون ومن بينهم وزير الدفاع الأمريكي السابق ورئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية، سي أي أيه أن يتسع خطر تهديدات تنظيم الدولة إلى بلاد أخرى، وأن تستمر الحرب 30 عاما.
وبصرف النظر عن الجدل حول أهداف بعض دول التحالف من الحرب، وما إذا كان هنالك من يسعى إلى إدامة الصراع وتوظيفه لتحقيق مكاسب استراتيجية في المنطقة أو توريط وابتزاز منافسيه أو خصومه، فإن السؤال هنا عن مصير من اختاروا اللحاق بركب التحالف في حال أخفقت الحرب في تحقيق أهدافها، وظهر بشكل جلي عدم قدرة أمريكا على حسمها كما حدث سابقا في أفغانستان والصومال والعراق وسواها من البقاع، عندها أي مستقبل ينتظر الأردن مثلا عندما سيبقى في مواجهة الفوضى العارمة العابرة للحدود، شمالا وشرقا وهو الأقرب إلى اللهيب.
بالتأكيد، فالتساؤل يشير إلى صوابية قرار المشاركة المعلنة للأردن في حرب معقدة وغامضة وتتقاطع فيها الأهداف وغير مضمونة النتائج، لكن الأخطر وقد اتخذ القرار هو سؤال المستقبل، بمعنى هل لدى صناع القرار خطة بديلة في حال آلت الأمور إلى زيادة غول التطرف ، وخرجت التفاعلات الإقليمية عن السيطرة.
الإجابة جاهزة بالنسبة لعدد كبير من دول التحالف في حال فشلت الحرب، فالبديل هو الانسحاب كما جرى في تجارب سابقة، لكن ماذا يفعل من ستكون أيديهم في النار، هل بوسعهم الانسحاب وإلى أين؟، وكيف سيواجهون وحدهم وقتها ما عجزت عنه قوات التحالف.
قد يناقش مدافعون عن القرار بالإشارة إلى حيثيات اتخاذه، مؤكدين بأن الأردن الرسمي لا يمكن له أن يتخلى عن مسؤوليته الأخلاقية في مواجهة التطرف، ودوره الأمني الاستخباري الإقليمية والدولي في هذا الملف بالذات، ويلفتون إلى مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية لقرار المشاركة، وربما يتطرق الحديث إلى أن البلد ما كان له ان يغرد منفردا عن قرار أمريكا وحلفها الواسع بما فيه فريق دول النفط ومحور ما يسمى بدول الاعتدال أو تلك التي تتخذ موقفا من ربيع الشعوب. وأيضا، سيشير من يبررون القرار إلى جملة من الخسائر أو المخاطر المترتبة على عدم المشاركة في الحرب، وليس أقلها عزل الأردن سياسيا واختناقه اقتصاديا، ويحاججون بأن مخاطر فشل الحرب ستكون ذاتها في حال لم يشارك الأردن فيها.
بالمقابل، فان من يرفضون قرار المشاركة يؤكدون بأن الأردن قادر على المناورة، بدليل موقفه من الملف السوري منذ بدايته، فقد قاوم ضغوطا متنوعة وروج موقفه بشكل جيد واستطاع في النهاية أن يحشد لرؤيته بدل أن يكون مجرد منفذ لإرادة الآخرين، أما بشأن المكاسب السياسية والاقتصادية، فالأكثر جدوى أن ينظر إلى الأمور برؤية طويلة المدى ، وبخصوص مآلات فشل الحرب فالأرجح بأن المخاطر ستكون أقل على كل الأحوال في حال لم يكن الأردن طرفا مباشرا، وفي هذا الملف بالذات فالأردن لديه من الخطوط للتفاهم حتى مع المتطرفين ذاتهم وقد حصل هذا في أكثر من مناسبة آخرها التفاهم على إدارة منفذ طرابيل الحدودي بين الأردن والعراق.
الأكثر خطورة، أن تضطر دول في التحالف وتحت ضغط الفشل المشهود على الأرض إلى الضغط على الأردن لتنفيذ ما يمكن وصفه بـ”المهمة القذرة”، بمعنى إرسال قوات إلى الميدان لدعم الضربات الجوية، وهو ما تحاول أمريكا فعله حاليا مع تركيا التي يبدو أنها لا تزال تمانع أو تحاول فرض شروطها.
ما يحققه “تنظيم الدولة” من تقدم يشي، برأي محللين إلى تقاطع أهداف المشاركين في الحرب، ومحاولة بعضهم توظيف تمدد التنظيم لتفزيع خصومه أو ابتزازهم، ولا شك بأن أولويات الأطراف المختلفة بالتحالف متفاوتة وساعاتهم غير مضبوطة على موعد واحد ، وأيضا لا يشعرون كلهم بذات التهديد، ولا يستبعد تنكر بعضهم أو انقلابه، أو انسحابه لتوريط غيره.
وبالنتيجة، فمشاركة الأردن تحتاج إلى إعادة تقييم، لجهة حصرها أو وقفها ، وليس تصاعدها وامتدادها، ويجب أن تحفز التطورات الدراماتيكية نخبة القرار هنا إلى إعادة الحسابات باستمرار، فاتخاذ قرار مبكر برفع اليد عن المشاركة في الحرب أو وقف المشاركة المباشرة فيها، سيكون أفضل بألف مرة من انتظار قرارات الآخرين، وعلى كل الأحوال يجدر بنخبة القرار التفكير مليا في الخطة (ب) و محاولة تحصين المجتمع الأردني من الطوفان، وتفكيك العناصر المشجعة لتغلغل التطرف فيه .
ومن المهم الاستذكار بأن المستوى الرسمي اتخذ قرار المشاركة في الحرب -على الرغم من خطورته- بمعزل عن الإرادة الشعبية، وهذا لا يعني بأن الأردنيين يعارضون القرار بالضرورة، لكن لماذا لا يتحمل الشعب مسؤولية قراراته، كي يدافع عنها .
أخيرا وقد باتت مجتمعات قريبة بفعل هشاشة وحدتها الداخلية محاضن للتطرف، يجب التركيز على كيفية تمتين وحدة المجتمع الأردني وتحصينه من الاختراق، فالوصفة الناجعة وفي كل الظروف تكمن في إعادة السلطة إلى الشعب ليرى هو ذاته مصيره ، ويتحمل مسؤوليته الوقوف بإرادته الكاملة أمام المخاطر التي تحدق بالأردن. وكم سيكون دور صناع القرار عظيما بالفعل لو استطاعوا إقناع شركائهم بتغيير البيئة المشجعة على التطرف، بمعنى منح الشعوب المضطهدة بعض حقوقها من خلال وقف الاستبداد والاضطهاد والتنكر لخيارات الصندوق والتطاول على حقوق إنسان هذه المنطقة وحريته وكرامته. كم سيكون جميلا، أن يخرج الأردن الرسمي وهو صاحب التجربة الممتدة في التعامل مع ما يسمى بالجهاديين ، بنتيجة مفادها بأن حرب هؤلاء تضخ الدماء في عروقهم وتزيد غول التطرف، وبان العلاج الناجع تمكين الشعوب واحترام نتائج الانتخابات واطلاق الحريات وتعزيز الإسلام الوسطي بدلا من محاربة التدين بكل أشكاله.

قد يعجبك ايضا