لقاء “المأزومين”بين الامير سعود ونظيره الايراني ظريف هل يؤدي الى تحالفها ضد “داعش”؟

30

News-1-111308

حصاد نيوز – في الماضي القريب، كانت الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للامم المتحدة الفرصة الذهبية لعقد لقاءات جانبية بين القادة العرب والمسؤولين الاسرائيليين، في السر او العلن، وكان رجال الاعلام العرب يحاولون رصد مثل هذه اللقاءات خاصة لوزراء خارجية دول مجلس التعاون مع نظرائهم في الجانب الاسرائيلي.

الامور تطورت في منحى آخر في الدورتين الاخيرتين للجمعية العامة، حيث تراجع الاهتمام بالاسرائيليين ، ولم يعودوا محور الاهتمام مثلما كان عليه الحال في الماضي، وحل محلهم الايرانيون ولقاءاتهم مع نظرائهم الامريكيين.

فالمحادثة الهاتفية بين الرئيس الامريكي باراك اوباما مع الرئيس الايراني حسن روحاني احتلت العناوين الرئيسية، واللقاءات التي تبعتها بين محمد جواد ظريف وزير الخارجية الايراني مع جون كيري وزير الخارجية الامريكي اصبحت من الامور العادية، بعد كشف الغطاء عن اللقاءات السرية بين الطرفين الامريكي والايراني في العاصمة العمانية مسقط التي توجت باتفاق بين البلدين حول حل سلمي لازمة الطموحات والمنشآت النووية الايرانية.

المفاجأة الابرز حتى الآن التي سادت اروقة الامم المتحدة، وسيطرت على معظم اللقاءات الجانبية طوال اليومين الماضيين، تمثلت في الاجتماع غير المسبوق بين الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي ونظيره الايراني محمد جواد ظريف.

السلطات الايرانية اهتمت بهذا اللقاء ووصفته بأنه “الفصل الجديد” في العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن السيد ظريف قوله “ان اللقاء يأتي في اطار ارساء الامن والسلام الدوليين ومصالح الامة الاسلامية” مضيفا “نأمل ان يشكل هذا الفصل الجديد فصلا مثمرا في مسار ارساء السلام والامن الاقليمي والعالمي وصون مصالح جميع الشعوب الاسلامية في العالم”.

الغريب في الامر ان وكالة الانباء السعودية لم تشر الى هذا الاجتماع، وكذلك الصحف ومحطات التلفزة السعودية، ولم تنقل تصريحات الامير الفيصل التي ادلى بها لوكالة الانباء الايرانية وقال فيها “ان للسعودية وايران نفوذا كبيرا في المنطقة وان التعاون بينهما سيؤدي الى تأثيرات لا تنكر في ارساء السلام والامن الاقليمي والعالمي”.

تجنب الحديث عن هذا اللقاء الهام الذي قد يكون مقدمة للقاءات اوسع في المستقبل يعود الى عدم رغبة السلطات السعودية في خلق بلبلة داخلية بسبب ادراكها لوجود “حساسية خاصة” في اوساط الرأي العام السعودي تجاه ايران، وهي حساسية تتسم بطابع طائفي الى جانب كونه سياسي.

السلطات السعودية رفضت اي تعاون مع ايران لمواجهة خطر “الدولة الاسلامية” ورفضت توجيه اي دعوة لوزير الخارجية الايراني للمشاركة في اجتماع جدة الذي رأسه جون كيري وزير الخارجية الامريكي قبل اسبوعين لتأسيس تحالف جديد لاضعاف هذه الدولة تمهيدا للقضاء عليها، مثلما رفضت اي مشاركة ايرانية في مؤتمر باريس للغرض نفسه الذي شاركت فيه اربعون دولة على مستوى وزراء الخارجية، وبحضور جميع الدول الاحدى عشر التي شاركت في اجتماع جدة (دول مجلس التعاون الست الى جانب الاردن وتركيا ولبنان والعراق وامريكا).

ايران رحبت بالمشاركة في التحالف الدولي لانها تعتبر “الدولة الاسلامية” خطرا عليها مثلما هو خطر على حلفائها في سورية والعراق، وسارعت الى ارسال طائرات الى حكومة نوري المالكي قبل استقالتها، واسلحة حديثة متطورة لقوات البيشمرغة الكردية، وشاركت ميليشيات شيعية عراقية تحظى بتأييدها ودعمها الى جانب قوات الجيش العراقي لاستعادة مدينة امرلي التي استولت عليها قوات “الدولة الاسلامية”، ولكن الترحيب الايراني لم يلق آذانا صاغية لدى العراب الامريكي وبتحريض سعودي.

ما يلتقي عليه البلدان السعودية وايران هو ضرورة القضاء على خطر “الدولة الاسلامية” والقضاء عليه كليا، وما يختلفان عليه هو مصير النظام في سورية بزعامة الرئيس بشار الاسد، فالسعودية تريد زوال هذا النظام باعتباره اولوية بالنسبة اليها، وايران ترى العكس تماما وتعتقد ان مشاركته، اي نظام الرئيس الآن حتمية في اي جهود للقضاء على ارهاب “الدولة الاسلامية”.

من غير المعتقد ان يؤدي اللقاء “الغامض” بين وزيري خارجية البلدين في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة الى الوصول الى حلول للملفات الساخنة بين البلدين، ولكن من غير المستبعد ان يكون اللقاء في حد ذاته وجها لوجه نقطة تحول في العلاقات، خاصة ان مبادرة ايران بارسال حسن امير عبد اللهيان نائب وزير الخارجية الايراني الى جدة لكسر الجمود في العلاقات، ومحاولة ايجاد ارضية للتعاون بينهما ضد “الدولة الاسلامية” لم تلق اي تجاوب من القيادة السعودية.

ومن المفارقة ان اللقاء في نيويورك تزامن مع سيطرة قوات “انصار الله” الحوثية على العاصمة اليمينة صنعاء وكل المؤسسات والمقرات الاعلامية والعسكرية والامنية فيها، الامر الذي شكل في نظر الكثير من المراقبين انتكاسة كبيرة للنفوذ السعودي التاريخي في اليمن ولو مؤقتا.

الدولتان، السعودية وايران، تعيشان حالة من القلق ليس من جراء صعود قوة “الدولة الاسلامية” فقط، وانما من التدخل الامريكي والاهداف التي يريد تحقيقها على المديين القريب والبعيد، والنتائج التي يمكن ان تترتب على نجاح او فشل هذا التدخل عليهما والمنطقة بأسرها، وربما يكون هذا القلق المشترك هو الدافع لمثل هذه اللقاءات “الخجولة” بين الجانبين، والخجل في الجانب السعودي وليس الايراني.

من الصعب اعطاء احكام متسرعة حول ما يمكن ان تتوصل اليه هذه اللقاءات من نتائج، او اتفاقات، ولكن ما نستطيع ان نجزم به ان الطرفين يعيشان ازمة حقيقية، وان كنا نعتقد ان ازمة الجانب السعودي اكثر حدة وتعقيدا من نظيرتها الايرانية بسبب وجود تعاطف كبير لـ”الدولة الاسلامية” في اوساط شبابها، وتزايد احتمالات وصولها الى اليمن خاصرتها الجنوبية الضعيفة.
“راي اليوم”

قد يعجبك ايضا