“ذي إنترسبت”: جامعات أمريكية تستعين بشركات ذكاء اصطناعي لمراقبة طلاب مؤيدين لفلسطين
حصادنيوز – إعداد وتحرير أيمن الراشد – نشر موقع “ذي إنترسبت” تقريرًا مطوّلًا أعدّته الصحافية ثيا شاتيل يكشف فيه عن لجوء عدد من الجامعات الأمريكية إلى شركات مراقبة خاصة وتقنيات ذكاء اصطناعي لجمع معلومات استخباراتية حول النشاط الطلابي المؤيد لفلسطين، في خطوة تُثير مخاوف واسعة بشأن الحريات الأكاديمية وحرية التعبير داخل الحرم الجامعي.
مراقبة عبر “داتامينر” في جامعة هيوستن
يشير التقرير إلى أن جامعة هيوستن كانت قد تعاقدت مع شركة “داتامينر Dataminr”، وهي شركة معروفة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد المحتوى المفتوح على الإنترنت، وذلك بهدف تتبّع أنشطة الطلاب المؤيدين لفلسطين.
واستُخدمت أداة الشركة المعروفة باسم “التحذير الأول First Alert” في مراقبة منشورات الطلاب على وسائل التواصل الاجتماعي، وجمع بيانات من سجلات دردشة وقنوات شبه خاصة — من بينها قناة على “تلغرام” تحمل اسم “أشباح فلسطين”.
هذه البيانات كانت تُرسل مباشرة إلى إدارة الجامعة، التي بدورها قامت بتحويلها إلى شرطة الحرم الجامعي.
ويصف التقرير هذه العملية بأنها أول وثيقة مفصّلة حول استخدام جامعة أمريكية لتقنيات ذكاء اصطناعي في مراقبة احتجاجات طلابها، في سياق متصاعد من التعاون بين جامعات حكومية وشركات خاصة لملاحقة الحركة الطلابية المؤيدة لفلسطين خلال احتجاجات 2024.
وثائق تكشف نظامًا رقابيًا واسعًا
أكثر من 20 ألف صفحة من الوثائق – حصل عليها “ذي إنترسبت” عبر طلبات السجلات العامة – تكشف أن جامعات عديدة في الولايات المتحدة انتهجت أساليب ممنهجة في مراقبة طلابها خلال شهري نيسان/أبريل وأيار/مايو 2024.
ومن بين ما تكشفه الوثائق:
• جامعات حكومية في كاليفورنيا استخدمت أموالًا مخصصة للطوارئ الطبيعية لقمع الاحتجاجات.
• جامعات في أوهايو وكارولينا الجنوبية تلقت إحاطات من مراكز دمج المعلومات الاستخباراتية.
• مسؤولو جامعة كونيتيكت راقبوا الطلاب حتى أثناء نومهم داخل المخيم الاحتجاجي.
كما أثارت احتجاجات طلاب كونيتيكت، الذين أغلقوا مدخل منشأة لتصنيع الطائرات العسكرية على بعد 25 ميلًا من الحرم، قلقًا لدى الإدارة من ردود فعل الشركات العسكرية المتعاقدة.
مخاوف حقوقية وتآكل الثقة
قال روري مير، المسؤول في مؤسسة الحدود الإلكترونية، للموقع إن أنظمة المراقبة هذه تمثل “انتهاكًا مباشرًا لواجب الجامعة في حماية طلابها”، معتبرًا أنها تخلق بيئة غير آمنة وتقوّض الثقة بين المجتمع الأكاديمي والإدارة.
وتتورط شركة داتامينر في قضايا مشابهة سابقًا، أبرزها مراقبة احتجاجات Black Lives Matter عام 2020 ومظاهرات حقوق الإجهاض عام 2023، إضافة إلى تعاونها مع شرطة لوس أنجليس في استخدام أداة “التحذير الأول”.
خصخصة التعليم العالي وتضخم النفوذ الشركاتي
أشارت إميلي تاكر، مديرة مركز الخصوصية والتكنولوجيا في كلية جورج تاون للحقوق، إلى أن ما يحدث هو جزء من “خصخصة متسارعة” للجامعات، معتبرة أن المؤسسات التعليمية أصبحت تُعامل الطلاب كمصادر بيانات ضمن منظومة “الرأسمالية الرقمية”.
أثر مباشر على الطلاب وحركتهم الاحتجاجية
الطلاب الذين شاركوا في الاحتجاجات قالوا إنهم اضطروا لتعزيز أمنهم الرقمي، واستخدام هواتف رخيصة ومنصات مشفّرة لتجنّب المراقبة.
وقال الطالب كيرك وولف من جامعة فرجينيا، والذي هُدّد بالطرد بسبب اعتصام فردي:
“الحرم الجامعي يراقب كل شيء. المراقبة جعلت الكثيرين يخشون الانضمام للاحتجاج”.
ما بعد المراقبة: مشاركة ملفات الطلاب مع إدارة ترامب
ويوضح التقرير أن هذه الممارسات وقعت في عهد إدارة بايدن، إلا أن الأمر تصاعد لاحقًا مع عودة ترامب إلى السلطة، حيث بدأت الجامعات بمشاركة ملفات طلابية وأكاديمية مع الإدارة الجديدة ضمن تحقيقات حول “الحوادث المعادية للسامية”.
ويُخشى أن تُستخدم هذه الملفات لتبرير سحب التمويل من الجامعات أو استهداف الطلاب عبر محاولات ترحيل غير قانونية.