تحذيرات من المعسل المغشوش
حصاد نيوز -اكد اختصاصيون على خطورة خلطات المعسل المحضّرة دون رقيب للمواد والكميات والنسب المحددة , وقد تستخدم فواكه فاسدة وسكر وعسل منتهية الصلاحية، وقد يتم تحضيرها في ظروف غير صحية.
واجمعوا على ان ظاهرة انتشار تدخين الارجيلة بين النساء تتزايد في ظل العروض المجانية المقدّمة لهن من قبل بعض (المحلات والكوفي شوبات) ، اذ وصلت النسبة الى 10 بالمئة بحسب مسوحات السكان والصحة الاسرية لعام2012، وبين المتعلمات بنسبة اعلى من غيرهن.
رئيسة قسم الوقاية من التدخين في وزارة الصحة الدكتورة فاطمة خليفة قالت ان خطورة تدخين الارجيلة تكمن في اعداد خلطات المعسل دون رقيب للمواد والكميات والنسب المحددة وقد تستخدم فواكه فاسدة وسكر وعسل منتهية الصلاحية ، وقد توجد بعض الامور غير القانونية خاصة انه لا توجد رقابة على طرق التحضير والاواني التي يتم فيها التحضير والتخمير , كما ان الصبغات قد تتجاوز النسب المسموح بها وقد يتم تحضيرها في ظروف لا تتوافر فيها شروط السلامة العامة ما يؤثر على صحة الفرد.
واشارت الى ان واحدا من بين عشرة من الاردنيين البالغين هم مدخنو ارجيلة ، وغالبية الشباب يرتادون المقاهي والمطاعم الشعبية لغايات الحصول عليها .
وقالت خليفة ” ان تدخين الارجيلة يعادل تدخين عشر سجائر على الاقل ، خاصة ان الارجيلة تحتوي على كميات كبيرة من المواد السامة والمسرطنة بسبب اضافة مواد اخرى على التبغ مثل المعسل والذي يتكون من مزيج من الجلسرين والعسل الاسود والفواكه المختمرة والتي يؤدي وجودها وهي مختمرة الى تحولها الى مادة كحولية تسبب الخمول وعدم التركيز.
واضافت ان الارجيلة تحتوي على مادة الجلسرين التي يؤدي حرقها عن طريق الفحم الى تكوين مادة الاكرولين وهي مادة سامة تسبب سرطان المثانة، كما تحتوي على النشادر الذي يجعل النيكوتين اكثر قدرة على الذوبان في الفم وبالتالي يعمل على التسريع في عملية الادمان، وان الماء داخل زجاجة الارجيلة يعمل على فلترة بعض الصبغات الموجودة في التبغ ولا يفلتر المواد السامة والمسرطنة الموجودة في التبغ والمعسل.
وقال مصدر في امانة عمان الكبرى ان تراخيص محلات الارجيلة داخل حدود الامانة في تزايد حيث وصل الى 374 ترخيصا لمقاه شعبية ومطاعم سياحية و(كوفي شوبات)، فيما بلغ عدد محلات بيع لوازم التدخين والمعسل والتبغ 333 .
وفيما يتعلق بمعادلة التصنيع أوضحت مهندسة التقييس في مؤسسة المواصفات والمقاييس نسمة شنك ان التعاون بين المؤسسات الحكومية بما فيها ضريبة الدخل عضو اللجنة الفنية لتعديل المعسل أوصت بضرورة تعديل المعادلة التصنيعية القديمة بحيث يتم إدراج المعادلة الفعلية للتصنيع لإلزام المصنعين بالإعلان عن الكميات الحقيقية للمعسل المنتج وعدم التهرب الضريبي.
وقالت ان المواصفة الجديدة اشترطت منع بيع المعسل (الفرط ) المنتشر في المحلات المخصصة لبيع المعسل لقيام العديد منها بإضافة الوان ممنوعة ومواد تعسيل بكميات إضافية مخالفة للمواصفة لزيادة كميات المعسل وما ينتج عن ذلك من غش وضرر .
ونوهت شنك إلى انتشار العديد من المواد المشابهة في استخدامها للمعسل مثل حجارة الشيشة , وأعشاب مجففة للشيشة , وفواكه مجففة للشيشة , ولا يطلق على هذه المنتجات مصطلح “معسل”, مبينة اهمية منع استخدام أي عبارات تضليلية على هذه المنتجات توحي للمستهلك بانها صحية مثل عبارة “صحي” و “طبيعي”.
وبحسب مسوحات السكان والصحة الاسرية لعام 2012 فان 10 بالمئة من السيدات يدخنّ الارجيلة، ما يشير الى ارتفاع عن العام 2009 اذ كانت نسبتهن 6 بالمئة ,كما تشير البيانات الى ان النساء الاصغر سنا يفضلن الارجيلة مقارنة بالسيدات الاكبر سنا .
وتوضح البيانات ان نمط تدخين الارجيلة يختلف باختلاف تعلم السيدة ، حيث ان 3 بالمئة فقط من السيدات غير المتعلمات يدخن الارجيلة مقارنة مع 9-12 بالمئة من السيدات ذوات التعليم الاعدادي او أعلى.
احد اصحاب محلات بيع الارجيلة قال ان نسبة اقبال الفتيات على المعسل تصل الى 90 بالمئة مقارنة بالسجائر اذ تصل الى 25 بالمئة، وهناك الكثير من المحلات تقوم بالغش في مادة المعسل كإضافة مادة الجلسرين ما يزيد من وزن المعسل وبما يؤثر على صحة المدخن.
فيما قالت العضو المؤسس لجمعية لا للتدخين دكتورة طب الاسنان لاريسا الور ان المشكلة تكمن في انه لا توجد ضوابط على الاراجيل ومادة المعسل ولا حتى على الاضافات الموجودة بها , وهي في غالبيتها غير قانونية ، مشيرة الى ان التبغ الموجود بالارجيلة يؤدي الى الادمان كما ان الفواكه (المعفنة) والعسل عند الاحتراق يتحول الى مواد سامة.
ونوهت بوجود عروض خاصة لاسعار الاراجيل يتم الترويج لها بلافتات اعلانية و(مسجات عبر الموبايل) وصفحات شبكات التواصل الاجتماعي، اذ يقوم البعض بتخصيص يوم مجاني للفتيات لتدخين الارجيلة لديهم.
واوضحت ان العديد من الفتيات المدخنات يعتقدن ان تدخينها اشارة الى تحرر المرأة ، ولشدة تعلقها بها فان البعض منهن يحملن ارجيلة صغيرة للتدخين ان سنحت لهن الفرصة بذلك ,وان تدخين الارجيلة يؤثر على قدرتهن الانجابية وظهور تجاعيد وخطوط حول الفم وتلون الاسنان وامراض في الجهاز التنفسي وتسبب مرض السل ، كما يؤثر على النمو الدماغي وبالتالي على التحصيل العلمي ، والتدخين السلبي امام الاطفال هو محفز على التدخين .
وقالت الور ان (البربيش) الصحي للارجيلة لا توجد فيه فتحات لخروج الدخان وليس مأمونا , ذلك ان بعض المحلات تقوم باعادة غسل البربيش وتنظيفه بدلا من رميه بعد استهلاكه ، كما ان عامل الارجيلة قد لا يكون حاصلا على شهادة خلو من الامراض .
وقالت احدى المدمنات على تدخين الارجيلة, سارة 29 عاما, انها تدمن على الارجيلة هروبا من مشكلاتها وواقعها، فهو المتنفس الوحيد لها منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات قضتها في غرفتها وشرفتها تدخن الارجيلة بخلطاتها، وهي حريصة على شراء المكونات واعداد خلطة المعسل بنفسها ، معتقدة ان تلك المتوفرة في السوق قد تكون مغشوشة ، فهي تستهلك راسا او رأسين من الارجيلة يوميا وبالرغم من معرفة مضارها فهي تدمن عليها , وتعاني حاليا من ضيق في الصدر وصداع ودوخة دائمة واسوداد شفتيها وجفاف بشرتها وتلون اسنانها .
ولا تحلو الارجيلة وفقا لها الا بجمعة البنات ، مشيرة الى اعلانات احد المقاهي المستمرة في ادراج يوم مجاني في الاسبوع للبنات فقط لتدخين الارجيلة ، ما يشهد اقبالا متزايدا من الفتيات وتلك اللاتي منهن على مقاعد الدراسة.
استاذ علم النفس التربوي في الجامعة الاردنية الدكتور يوسف قطامي ارجع اسباب تدخين الفتيات للاراجيل الى : اساليب التنشئة التقليدية وحب الفضول في تجريب اي شيء مخالف ، وكثير من البنات يدخنّ الارجيلة لاغراء الشباب في سبيل الحصول على سلوك الزواج ، ولذلك فان الكثير منهم يتزوجها لهذه الغاية , لكن في نهاية المطاف تكون الارجيلة سببا للطلاق، لانها تفضل تدخين الارجيلة في الخارج امام مجموعة من الناس لجذب الانتباه او الاستثارة او الاعجاب بها .
ومن بين الاسباب ايضا حب البعض للظهور بمظهر ال(برستيج) ، وعدم وجود المرجعية الحقيقية للافكار المثالية ، فالكثير من الشباب يتعلم دوافعه من الشارع، وبالتالي يفقد توجيهات الاسرة والمدرسة والجامعة والمجتمع ، فليس لديه اطار مرجعي للسلوك، بالاضافة الى غياب الاطر المعرفية والسلطة الوالدية والدينية والمجتمعية ، ما يجعل الافراد تائهين يلتقطون الحلول دون اعتبار للنتائج ، فهم يتحملون النتائج بعناد.
واعتبر قطامي الارجيلة اشباعا فمّيا، كما هو سلوك ذكوري استحوذ عليه الرجال وتفوقوا بذلك باعتباره مظهرا من مظاهر القوة ، مشيرا الى ان من تقوم بتدخين الارجيلة ستنحى منحى السلوك الذكوري، مستغربا من انتشار وتزايد محلات الارجيلة باسعار تتفاوت بين 35 -300 دينار للارجيلة.
وقال استاذ علم الاجتماع الدكتور علاء الرواشدة ان المجتمع الاردني فتي يعاني من الفراغ والبطالة ، وهذه من اسباب الدوافع نحو تدخين الارجيلة ، فهو سلوك منحرف عما هو متعارف عليه في المجتمع.
وعن انتشار الظاهرة لدى الاناث وتطورها بشكل علني قال ان الارجيلة يتم اعتبارها حرية فردية ، لكن المشكلة تقع على عاتق المجتمع ، اذ ان الامر بحاجة الى تكاتفى المجتمع واطفاله .
واشار الى دور الاهل في ضبط السلوك من خلال الرقابة جهود جميع مؤسسات التنشئة من اسرة ومدارس ودور عبادة ووسائل اعلام ، فالظاهرة اصبحت تشكل خطرا عل، فخطر الارجيلة على حياة الفتاة أكثر من الرجل فهي تكون زوجة واما وتدخينها للارجيلة يؤثر على صحتها وصحة طفلها ومن الممكن ان يتأثر الاطفال بسلوكها.
وبين ان التدخين ليس هو المبرر في الهروب من المشكلات الاجتماعية والاعباء الاقتصادية كما يتصوره البعض، ومن الضروري العمل على اعادة بناء الضوابط الاجتماعية والانظمة والتعليمات والقوانين والتي يتبعها عقوبات رادعة ، للتقليل من هذه الظاهرة.