الفوسفات الأردنية.. من خسائر الأمس إلى أرباح قياسية تجاوزت 458 مليون دينارصافي بعد الضريبة في 2024

12٬600

   ***  الفوسفات الأردنية.. من خسائر الأمس إلى أرباح قياسية تجاوزت 458 مليون دينار في 2024

  ***  ثماني سنوات تحوّلت فيها الشركة من عبء مالي إلى رافعة وطنية بأرباح تراكمية تفوق ملياري دينار

 

حصادنيوز – بقلم أيمن الراشد – من شركة كانت تُسجّل خسائر قاربت تسعين مليون دينار عام 2016، إلى مؤسسة وطنية تُعلن في نهاية 2024 عن أرباح صافية بلغت أربعمئة وثمانية وخمسين مليون دينار، هي قصة نجاح شركة مناجم الفوسفات الأردنية التي باتت اليوم إحدى أهم قاطرات الاقتصاد الوطني ومصدراً أساسياً للعملة الصعبة. خلال ثماني سنوات فقط تحوّلت الشركة من مرحلة إنقاذ عاجل إلى مسار نمو مستدام، لتسجّل أرباحاً تراكمية منذ عام 2018 وحتى نهاية 2024 تجاوزت ملياري دينار أردني، وهو إنجاز غير مسبوق في تاريخها الممتد منذ عقود.

التحوّل لم يكن صدفة، بل ثمرة استراتيجية واضحة قامت على ثلاثة أعمدة رئيسة: ضبط التكاليف الداخلية، وتعزيز القيمة المضافة من خلال التوسع في صناعة الأسمدة وحمض الفوسفوريك، وفتح أسواق جديدة بعقود طويلة الأجل تضمن استقرار المبيعات. فمن حيث العمليات، أعادت الشركة تنظيم سلاسل الإمداد ورفعت إنتاجية المناجم وحسّنت نسب الاستخلاص من الخامات، ما انعكس مباشرة على انخفاض تكلفة الطن وزيادة الربحية. وعلى صعيد الاستثمار، توجهت نحو تعظيم القيمة عبر مشاريع كبرى مثل مجمع الشيدية لتعويم الفوسفات بكلفة تقارب مئة وعشرين مليون دولار، وهو مشروع يَعِد بزيادة الكميات القابلة للبيع وتثبيت تنافسية الشركة في السوق العالمية.

وفي الأسواق الخارجية، عززت الشركة حضورها في الاسواق ، وتنويع منتاجتها . وبناءا وتقليل اعتمادها على تصدير الخام وحده. هذه الشراكات أسهمت في تحويل الفوسفات الأردني من مجرد مادة أولية إلى مدخل صناعي عالي القيمة في صناعة الأسمدة العالمية، وهو ما رفع إيرادات الشركة وحصّنها ضد تقلبات الأسعار الدولية.

الأرقام وحدها تكفي لرواية القصة. ففي عام 2018، بعد عامين من الخسائر، سجلت الشركة صافي ربح بلغ نحو سبعة وأربعين مليون دينار، ومنذ ذلك التاريخ لم تنقطع مسيرة الصعود. ومع نهاية 2024 وصلت الأرباح السنوية إلى ذروتها التاريخية بواقع أربعمئة وثمانية وخمسين مليون دينار، فيما بلغ مجموع الأرباح الصافية خلال الفترة 2018–2024 ما يزيد على ملياري وخمسة ملايين دينار. وخلف هذه الأرقام انعكاس مباشر على الاقتصاد الوطني، إذ أسهمت الشركة في رفد الخزينة بالضرائب والرسوم وزادت من حجم الصادرات الأردنية بما يعزز الميزان التجاري ويوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لآلاف الأردنيين.

إن قصة الفوسفات الأردنية هي درس إداري واقتصادي بليغ، يوضح أن المؤسسات الوطنية قادرة على النهوض من كبوة الخسائر إلى فضاء الأرباح متى ما وُجدت الإدارة الواعية والخطة المتكاملة والإرادة الحقيقية. اليوم تقف الشركة كواحدة من أبرز شركات التعدين في المنطقة، مدرجة ضمن قائمة أكبر مئة شركة في الشرق الأوسط، وتؤكد أن الاستثمار في الموارد الطبيعية ليس رهينة لأسعار السوق وحدها، بل رهين بالقدرة على تحويل المورد الخام إلى قيمة مستدامة. لقد أثبتت الفوسفات الأردنية أن الإرادة مع التخطيط تصنع المعجزات، وأن قصة نجاحها هي في جوهرها قصة نجاح الاقتصاد الوطني بأكمله.

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا