منسف عبد الرؤوف الروابدة وملوخية بســام البدارين

34

72877_1_1402168454

حصاد نيوز

كلما مرت فترة زمنية ونعتقد أن مدير مكتب جريدة “القدس العربي” في عمان قد حُلّت عقدته وتجاوز الهاجس الذي يحاول وعلى الدوام أن يجد له علاجا في كتاباته التي لا تخلو من الإثارة والإستفزاز وإثارة القلاقل والإزعاج للدولة الأردنية والأردنيين من مختلف منابتهم وأصولهم, نجده مازال يعاني من هذا المرض المزمن الذي يرافقه أينما حل وارتحل. نسال الله أن ينعم على صاحبنا براحة البال ويمتعه بالتفكير الواقعي الذي به شفاء من ذلك الهاجس المقلق.
وصاحبنا, بسام البدارين, الذي يمثل جريدة لها قراؤها من النخبة الأردنية خصوصا والعربية عموما, لا بد وأن يترك أثرا لدى القارئ مغايرا للواقع والحقيقة ويعكس صورة سلبية عن الدولة الأردنية لا نقبل بها بل نحاربها ونحارب من يروج لها. ولا يعني, حسب اعتقادي, أن هامش الحرية المتوفر حاليا يبيح له تجاوز أصول الطرح الصحفي والخوض بقضايا وهمية يبالغ بوصفها حتى أصبحت متلازمة لا يستطيع الفكاك منها.
فهو دائم اللعب على وتر عقدة “فلسطيني/أردني” ويحاول تجيير الكثير من الطروحات الرسمية والفردية لصالح عقدته وهاجسه ويوظف أية كلمة تقال من هذا المسؤول أو ذاك ويجعل منها قميص عثمان للترويج “للمظلومية” التي تقع عليه وعلى المكون الذي ينتمي إليه.
لقد كتب صاحبنا عما ادعاه أحدهم “الحقوق المنقوصة” ونفخ بها مستغلا أنها جاءت من شخص تقلد أرفع المناصب وأخطرها حتى كادت أن تخلق مناخا قابلا للتصادم. وقد خاض أيضا بموضوع الأرقام الوطنية ومنحها وسحبها حتى ظننا أن لا شغل ولا شاغل لهذا الصحفي إلا الدخول بدهاليز هذا المنزلق وقد رأيناه كيف أدمن على الإنتاج الغزير بهذا الموضوع حتى لقبه الكثيرون بكاتب الحقوق المنقوصة والأرقام الوطنية.
لكن طرحه لا يخلو من الذكاء الذي يحاول به التغطية على مكنوناته الداخلية عندما يجبر قلمه على الإسهاب أحيانا وحسب المقام بالإشادة بالأخوة الفلسطينية الأردنية لكي يقنع الرسميين والقراء “أصحاب الحقوق غير المنقوصة” بأن ما يشكل لديه في الحقيقة هاجسا بعيد كل البعد عما يمكن أن تحمله القرائن والعبارات التي يضمنها في كتاباته. لكن هناك إسقاطات تصل لحد الإسفاف تكشف الحقيقة وتظهر القلق والتوجس اللذان لهما نصيب الأسد بالسيطرة على نمطية تفكيره.
فمثلا بمقالته “الملوخية شقيقة المنسف” وهو عنوان ذو رمزية ودلالة يعرفهما كل حاملي الجواز الأردني استقاه من السيد عبد الرؤوف الروابدة بمحاضرة ألقاها بمخيم البقعة. لقد أسهب صاحبنا وتوسع بتفسير هاتين الكلمتين ليدخلنا بمتاهات هاجسه ومتلازمته (ولو بأسلوب فكاهي مدبر أحيانا) وليخلق مبررا لنفسه بالكتابة عن ما يسكن بقرارة نفسه وذهنيته. وللحقيقة فهو مثابر ودائم البحث عن علاج شافي يريحه من تلك المتلازمة.
السيد الروابدة يتحدث بلسان المسؤول الذي يحمل هم الوطن ويقلق عندما يرى أو يستشعر خطرا يحيق بالأردن. فقد أراد توصيل رسالة لمستمعيه وهم من المكون الفلسطيني بأن ما كان يوما يشغل الناس قد ذهب أدراج الرياح وهناك الأهم والأجدر بالإنشغال به فإن كان خيرا جميعنا ينعم به وإن كان شرا, أبعد الله عن الأردن كل شر, فجميعنا أيضا سنكتوي به. إذن هي دعوة من السيد الروابدة بالإبتعاد عن صغائر الأمور وعوامل التفرقة ودعوة للتوجه نحو الأهم والأخذ بعوامل التلاحم.
وبنفس المقالة يتطرق صاحبنا لابنه عندما يدافع عن القيادة الأردنية وأي رمز من رموز الأردن بحال تعرض أحدها للإنتقاد أو التجريح, يقول:”…..يتصرف الولد تلقائيا كأردني لأنه يشعر بهويته الوطنية الأردنية رغم ان والده ألقيت عليه مئات الإتهامات المعلبة بعنوان “الفلسطنة.” ثم يتابع ليقول:” بالتأكيد تسرب هذا الشعور من جهة خارج نطاق تأثير المنزل وانحيازات العائلة…..”. وهذا يعني بمنتهى الصراحة والوضوح أن انحياز العائلة لغير ما ذهب إليه الولد أي أن الولد نهجه وقناعته تختلفان عن ما صرح به الوالد من نهج وقناعة العائلة المختلفين.
نقول للسيد البدارين: “مئات الإتهامات المعلبة” التي ادعيت بها هي من صنع ما يخطه قلمك ويسكن بذهنيتك ونتيجة لطرحك اللاهث خلف الهاجس المقلق والذي لا تنفك من أن تغمز وتلمز من جانبه بمعظم كتاباتك. وما يقلقك يا أخي في الحقيقة, والحقيقة مرة وهي كالنحلة تعطينا عسلا لكن ما بداخلها يلسع وهي مرة عند الذين لا تتسع صدورهم للحق والحقيقة ولا يتقبلوها بروح الصحفي والكاتب الذي من حق القراء أن يحاكموا طروحاته للوصول للحقيقة الحقة. ما يقلقك هو أنك لم تستطع ان ترسي على بر يريحك من تبعات هاجسك الذي يذهب بك يمنة ويسرة بين فلسطينيتك كمنبت وبين واقعك الذي أنت لست راض عنه.
وهنا لا ننكر عليك مشاعرك وانتماءك وانحيازك فنحن متيقنون منها وهي من حقك الشخصي والمكتسب, لكن ما ليس من حقك أن تشغل الآخرين وتحاول زرع أوهامك بأذهان الآخرين مما ينعكس على الوطن سلبا. لذا حقَّ الرد علينا ووجب لأن وقف الخسارة مكسب.
لقد ملأت الدنيا صراخا ولطما عندما يتعرض حامل جواز أردني من أصل فلسطيني لموقف معين بدائرة حكومية وكأنك لا ترى أو تتعامى متعمدا عن الأردنيين الذين يتعرضوا لنفس الموقف. فيبدو أنك تتعمد رؤية الجزء الذي يريحك من الصورة وبالتالي حكمك لم يكن عادلا وهذا ما يعطيك المبرر والدافع لتطلق العنان لقلمك ليكتب على هواه بعيدا عن الواقع والحقيقة بخلفية أكذوبة “المظلومية والحقوق المنقوصة” وأنت من أشد المؤمنين والمصدقين لها. وهي أكذوبة لأن الواقع والتاريخ ينبآنا بعكس ذلك. وسأعطيك نزرا يسيرا من الأسماء التي تقلدت أرفع المناصب: عائلة الرفاعي كلها رؤساء حكومات, باسم عوض الله الذي باع وخصخص وكأن الأردن جزء من مزرعته, عدنان أبو عودة مخرج ” الحقوق المنقوصة” والقائمة تطول. وهذا يدل قطعا أن الواقع يختلف عما تذهب إليه دائما.
أما التجنيس والأرقام الوطنية وأبناء الأردنيات وما يتفرع عنها من إفرازات فبها تحاول تحريك المياه الراكدة التي لن تغير من حقيقة الأمر شيئا لأن ما يتمتع به شبابنا وكهولنا وشيوخنا من وعي وإدراك ودراية لكفيل أن يجعلهم متجاوزين عقد وصغائر الماضي التي يبدو ما زالت تسكن وجدانك وتجد لديك تربة خصبة لها.
دعك أخي من النبش الذي والله تفوح منه رائحة تزكم الأنوف. هناك أخطار محدقة بنا وأخرى قادمة لا يعلم إلا الله مدى خطورتها هي أولى بالمعالجة والإهتمام وتكاد ريحها أن تذهب بالمنسف قبل الملوخية ولا تجعل هذين الشقيقين مطيتك وابتعد عن الإثارة والإستفزاز فهناك الأهم والأخطر الذي يحتاج منا جميعا التصدي له والإنتباه والتحوط والحذر.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
قد يعجبك ايضا