خرق جدار الصوت.. حرب إسرائيلية على نفسية اللبنانيين (تقرير)

35

 

– لبنان تقدم بشكوى ضد إسرائيل لمجلس الأمن جراء خرقها المتكرر لجدار الصوت فوق المدن ومنها بيروت
– طبيبة نفسية للأناضول: خرق جدار الصوت يذكر اللبنانيين بالحرب الأهلية وحرب تموز 2006
– منذ تكرار خرق جدار الصوت زاد زوار عيادتي لا سيما كبار السن لأخذ نصائح نفسية
– سائح مصري: مؤسف أن لبنان وصل إلى هذا الوضع من الخوف والذعر

 

حصادنيوز – بشكل شبه يومي، يخرق الطيران الحربي الإسرائيلي جدار الصوت فوق الأجواء اللبنانية، محدثا دويا قويا يشبه أصوات انفجارات الغارات الجوية، ما يتسبب بحالة من الذعر بين المواطنين.

والاثنين، قالت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان إن “بعثة لبنان الدائمة في نيويورك وجهت شكوى لمجلس الأمن، بناء على توجيهات وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، تناولت انتهاكات الطيران الحربي الإسرائيلي للأجواء اللبنانية، بما في ذلك اختراق جدار الصوت فوق العاصمة بيروت”.

وأدان لبنان في الشكوى المُقدّمة “هذه الخروقات بوصفها انتهاكا صارخا لسيادته ولقرار مجلس الأمن رقم 1701 الصادر عام 2006″، وفق البيان.

واعتبرت الخارجية اللبنانية في بيانها هذه الأعمال “مخالفة للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر العقاب الجماعي والترهيب النفسي، خاصة تلك الممارسات التي تهدف إلى بث الذعر بين المدنيين، مما يزيد من معاناة الفئات الأكثر ضعفا مثل الأطفال”.

الأناضول حاورت خبراء نفسيين وعددا من اللبنانيين والسياح، قالوا إن الغارات الوهمية أو خرق جدار الصوت تدخل في إطار حرب نفسية، على سكان العاصمة بيروت والمدن الأخرى.

تذكير بالحرب الأهلية

بدورها، قالت المعالجة النفسية رهام منذر للأناضول، إن جوارح الإنسان حساسة، وخاصة عند سماع أصوات قوية بشكل مفاجئ، ما يتسبب بشعور الصدمة.

بينما يكون تأثيرها على الأطفال مرهونا بردات فعل الأهل على سماع خرق جدار صوت الذي تفتعله الطائرات الحربية الإسرائيلية، بحسب منذر.

وأوضحت أن خرق جدار الصوت يذكر اللبنانيين بـ”قلة الأمان التي عشناها فترة طويلة من حياتنا، وكأنه يأتي ليزعج الناس ويجعلها تخاف وتفكر ما إذا كانت قادرة على البقاء في لبنان أو المغادرة”.

وأشارت المعالجة إلى أن “خرق جدار الصوت يخلق الخوف، ويعيد أيضًا للشعب اللبناني في ذاكرته الأحداث التي مرت على البلاد خلال الحرب الأهلية التي شهدها لبنان بالفترة 1975-1990، كما يذكرهم بحرب 2006 (بين حزب الله وإسرائيل)، وانفجار مرفأ بيروت في 2020″.

وحرب 2006 بين إسرائيل و”حزب الله” اندلعت في 12 يوليو/ تموز واستمرت 34 يوما، وأسفرت عن مقتل نحو 1200 لبناني، وأكثر من 120 إسرائيليا، وخلفت دمارا ماديا واسعا في لبنان.

المعالجة النفسية أكدت أن تلك الأحداث السابقة “لها ذكريات سيئة مثل الموت والدمار والخوف وغيرها، وهذا ما يسترجعه اللبنانيون لدى سماعهم خرق جدار الصوت”.

وعلى مدار 15 عاما، شهد لبنان حربا أهلية طاحنة، قدر عدد ضحاياها بـ 150 ألف قتيل و300 ألف جريح ومعوق و17 ألف مفقود، فضلا عن هجرة أكثر من مليون شخص وخسائر مادية فاقت 100 مليار دولار.

وتوقفت الحرب عقب توافق النواب اللبنانيين في مدينة الطائف السعودية، على اتفاق عُرف بـ”اتفاق الطائف”، الذي كرس معادلة اقتسام السلطة على أساس المحاصصة الطائفية، فتوزعت المناصب الرئيسية بين المكونات الأساسية الثلاثة: المسيحيين والسنة والشيعة.

وعن تأثير خرق جدار الصوت على الأطفال وكيفية التعامل معها، قالت المعالجة النفسية إن “الأطفال يتصرفون أيضا وفقا لرد فعل الأهل تجاه جدار الصوت، والخوف الذي يعيشه الكبار ينعكس بشكل مباشر على الأطفال، ويزيد من خوفهم، فعادة يشعر الأطفال بقدر كبير من القلق بسبب الصوت القوي “.

وأشارت منذر إلى أن هناك مخاوف منذ فترة طويلة بين المواطنين، حول ما إذا ستندلع حرب شاملة، وإنهم يتصلون بها حول إمكانية التصرف حال حصل ذلك، خاصة أن الأمراض النفسية كانت سببا لكثيرين بالإصابة بنوبات قلبية وسكتات دماغية.

ولفتت منذر إلى أنه في الفترة الأخيرة وبعد ازدياد خرق جدار الصوت ووصوله فوق بيروت، زاد زوار عيادتها من كبار السن والأطفال، لمعرفة إذا ما كان الخوف الناتج عن سماع تلك الأصوات مرضا نفسيا، وهل هم بحاجة إلى معالجة أو متابعة.

أطفال خائفون

وبشأن مدى تأثير ذلك بشكل مباشر على اللبنانيين، قالت المواطنة دنيا محمد (45عاما) للأناضول: “عند سماعي لخرق جدار الصوت أشعر بالخوف والتوتر، حيث كنت في إحدى المرات داخل سيارة أجرة، وحصل خرق لجدار الصوت، فشعرت بالرعب والخوف، لدرجة أن سائق السيارة توقف وأعطاني قارورة ماء لالتقاط أنفاسي”.

من جهتها، قالت الطفلة تالا (14عاما)، إنها لم تسمع بخرق جدار الصوت من قبل، ولكنه بات مؤخرا يحصل بشكل مستمر، ويشعرنا بالخوف”.

وأضافت تالا: “عندما سمعناه لأول مرة شعرنا أنها غارة وقصف حقيقي، وخاصة أنه لا يمكننا التميز بين الوهمي والحقيقي في القصف، لأن الصوت واحد”.

أما أبو أحمد (68 عاما)، وهو من سكان العاصمة بيروت، فقال للأناضول إنه اعتاد على خرق جدار الصوت منذ وقت طويل لأنه عايش الحرب الأهلية وحرب 2006، لكنه خائف جداً لأن الجيل الجديد والأطفال لم يعتادوا على هذا الوضع.

وأكد أبو أحمد أن “أنظار الأطفال تتجه نحو الكبار أثناء خرق جدار الصوت، فإذا شعر الكبار بالخوف والذعر، فإن الأطفال أيضاً يشعرون بنفس الخوف”.

وفيما يتعلق بتأثير ذلك على السياحة، قال السائح المصري عبد الله مسيط، الذي جاء إلى بيروت لقضاء عطلته، إنه شعر بتوتر شديد مثل أي شخص آخر عندما يسمع انفجار، ورأى الناس خائفين ويبكون.

وأضاف مسيط للأناضول: “جئت إلى لبنان من مصر، ولم أتوقع أن يصل الوضع إلى هذا المستوى …محزن جداً أن لبنان وصل إلى هذا الوضع”.

من جانبها أشارت مايا كريم التي جاءت إلى لبنان قادمة من إثيوبيا عام 2021 وتعمل خادمة في أحد المنازل، إلى أنها كانت خائفة للغاية وترتجف لأنها لم تسمع انفجارًا صوتيًا من قبل.

يأتي الخرق الإسرائيلي لجدار الصوت فوق مدن لبنانية، وسط مخاوف من اندلاع حرب واسعة، حيث تتأهب إسرائيل لصد هجوم محتمل قد تنفذه إيران و”حزب الله” ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وتبني تل أبيب اغتيال القيادي العسكري البارز بالحزب فؤاد شكر في بيروت نهاية يوليو الماضي.

ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراض لبنانية في الجنوب، وتتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها “حزب الله”، مع الجيش الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر الماضي قصفا يوميا؛ ما خلّف مئات القتلى والجرحى معظمهم بالجانب اللبناني.

وتطالب هذه الفصائل بإنهاء حرب مدمرة تشنها إسرائيل بدعم أمريكي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر؛ ما أسفر عن أكثر من 132 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود.

قد يعجبك ايضا