قبل موعدها بـ6 أشهر.. رئاسيات تونس ترفع سخونة المشهد السياسي
– محمود بن مبروك أمين عام حزب مسار 25 يوليو: باعتبارنا حزبا داعما للمسار فمرشحنا هو الرئيس سعيّد، والمعارضة همها الكراسي وليس مصلحة البلاد
– وزير حقوق الإنسان الأسبق والناشط اليساري العياشي الهمامي: الانتخابات يمكن أن تفتح آفاقا جديدة للخروج من الوضع الرديء الحالي ونسعى لتوحيد أغلب المعارضة الرافضة لوضع “الاستبداد” الراهن
– الباحث بعلم الاجتماع هشام الحاجي: أطراف معارضة ترى أن المشاركة في انتخابات الرئاسة هي السبيل الوحيد لتغيير هذا المسار، وكل عملية تجميع للقوى السياسية يمكن أن تطرح تحديا أمام سعيّد
حصادنيوز-على الرغم من أن 6 أشهر لا تزال تفصل التونسيين عن الانتخابات الرئاسية في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، فإن المشهد السياسي بدأ يتحرك استعدادا لهذا الاستحقاق، وهو ما يتضح في استطلاع للرأي وتحركات لتوحيد المعارضة.
وأرسلت شركة “تونس-مترز” (خاصة) للصحفيين، قبل أيام، نتائج استطلاع للرأي أجرته بشأن نوايا التصويت، أظهرت تقدم الرئيس الحالي قيس سعيّد بـ23.9 بالمئة من الأصوات، يليه المرشح المستقل لانتخابات عام 2019 صافي سعيد بـ11.2 بالمئة، ثم منذر الزنادي، الوزير في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، بـ7.1 بالمئة.
وفي 13 أكتوبر 2019، جرى انتخاب سعيّد لفترة من 5 سنوات. وخلال اجتماع مع رئيس هيئة الانتخابات، منتصف فبراير/ شباط الماضي، أكد سعيّد إجراء الانتخابات في موعدها.
ومتحدثا عن المعارضة، قال سعيّد آنذاك إن مَن دعوا إلى “مقاطعة انتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب (البرلمان) والجهات والأقاليم، يعدون العدّة للموعد الانتخابي القادم، فلا همّ لهم سوى رئاسة الدولة، متناسين ماضيهم الذي لم ينسه الشعب”.
وتعاني تونس أزمة سياسية حادة، منذ أن بدأ سعيّد في يوليو/ تموز 2021 فرض إجراءات استثنائية تضمنت: حل مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات “انقلابا على دستور الثورة” (دستور 2014) و”تكريسا لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيّد “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بنظام حكم زين العابدين بن علي (1987-2011).
** مرشح المسار
الأمين العام لحزب مسار 25 يوليو (مؤيد لسعيّد) محمود بن مبروك، قال للأناضول: “باعتبارنا حزبا داعما للمسار فمرشحنا هو قيس سعيّد”.
وتابع أن “الرئيس قيس سعيّد هو المرشح الوحيد لحزب مسار 25 يوليو وفق دستور 25 يوليو 2022 ووفق إجراءات 25 يوليو 2021. انطلقنا مع الرئيس في الاستفتاء والانتخابات التشريعية والمجالس المحلية، وسنواصل”.
بن مبروك مضى قائلا: “لا يمكن أن نتراجع عن هذا المسار، وإذا صارت انتخابات في 2024، فسنعتبرها العهدة الأولى للرئيس”.
وأوضح: “عندما قلنا انتخابات رئاسية في 2027 (5 سنوات منذ دستور 2022) كان من بين أسباب الطرح أنه من غير المعقول أن تصير انتخابات في منتصف الطريق”.
** “العشرية السوداء”
ولم تقرر المعارضة بعد ما إذا كانت ستشارك أم تقاطع الانتخابات الرئاسية، بعد أن قاطعت كل الاستحقاقات منذ بدء الإجراءات الاستثنائية، معتبرة إياها غير دستورية.
وقال بن مبروك: “لا نخشى المعارضة التي تبين أنها معارضة من أجل الكرسي، ولو كانت مصلحة البلاد تهمهم لانخرطوا في هذا المسار ودعموه.. الانتخابات مفتوحة للجميع في إطار الدستور والقانون الجديد.
وأردف: “هم (المعارضة) قاطعوا الانتخابات التشريعية وانتخابات المجالس المحلية، ولكن عندما تصبح انتخابات رئاسية يقولون نشارك. إذن همهم الكرسي والرجوع إلى الوراء، ونحن ضد العودة إلى الوراء”.
وبشأن تلميح الزنايدي، عبر منشور منسوب له على فيسبوك، إلى اعتزامه الترشح، قال بن مبروك إن “أي وزير في حكومة بن علي، حتى ولو ظاهريا ليس له فساد، فقد ساهم في الفساد، والسيد منذر الزنايدي كان وزيرا للتجارة”.
واستطرد: “ترشح وزراء بن علي لا يلائم اللحظة التي تعيشها تونس، والرئيس (سعيّد) قال إن منظومة العشرية السوداء وما قبلها (2011-2021) كلها منظومة فساد. ونحن نرفض كل مَن ساهم في تلك المنظومة وكل مَن ساند تلك السلطة”.
** توحيد المعارضة
والانتخابات الرئاسية المقبلة، وفق وزير حقوق الإنسان الأسبق والناشط اليساري العياشي الهمامي، “يمكن أن تفتح آفاقا جديدة لتونس كي تخرج من الوضع الرديء الحالي”.
وبخصوص مبادرة أطلقها قبل أسبوعين لتوحيد المعارضة، قال الهمامي للأناضول إنها “ليست دعوة للمشاركة ولا دعوة للمقاطعة، بل هي دعوة لخوض مسار نضالي يتوج بقرار المشاركة أو المقاطعة حسب تطور الأحداث”.
وأوضح: “نطرح أن تدخل المعارضة في حلقة مثمرة وتقدم نفسها بصفة إيجابية تقول للشعب إن المعارضة الوطنية مستعدة لدخول الانتخابات ولها برنامج اجتماعي واقتصادي وقراءة نقدية للمسار السابق، وهذا مهم، وتشترط توفر شروط انتخابات ديمقراطية وتنافسية لتشارك”.
وعن تشتت المعارضة حاليا، اعتبر الهمامي أن “مسألة التوحيد (المعارضة) صعبة، وعلينا مواجهة الصعوبات. جميع شعوب العالم تمر بأزمات وتعثرات وثورات مرت بعدها الشعوب بانكسارات خطيرة، ولكنها قامت من جديد”.
وأردف أن “الدعوة ليس لتوحيد كل المعارضة، فهذا مستحيل، ولكن السعي لتوحيد أغلب ما يمكن من الأطراف الرافضة للوضع الحالي، الذي هو وضع بؤس واستبداد وليس فيه آفاق ممكنة من طرف السلطة الحالية”.
وتابع الهمامي: “نتفق حول الحد الأدنى الديمقراطي الاجتماعي، ونتقدم بصفة إيجابية، أي ليس النقد فقط بأن نقول إن الحكم سيئ والظروف لا تسمح والحريات غير موجودة، ونحن مقاطعون”.
واستطرد: “بل نقول إن الحكم سيئ والسلطة ذاهبة في مزيد الانغلاق، ولنا بديل ونقدم وجوها جديدة وليس الوجوه القديمة، ونخوض الصراع، وهذا هو الطريق، وليس هناك طريق آخر”.
** حالة جمود
وبالنسبة إلى مدى تفاعل المعارضة مع مبادرته، قال الهمامي “بدأت تفاعلات مع المبادرة، وجميع المهتمين بالشأن العام يناقشون الآن كيفية التفاعل مع موعد الانتخابات، والاتصالات حصلت من مختلف العائلات السياسية، وقريبا تظهر النتيجة”.
ورأى أنه “ممكن فرض شروط انتخابات حرة ونزيهة.. إذا نظرنا للمسألة في جمودها الحالي لا يمكن، قيس سعيّد رافض كل صوت مخالف، خاصة إذا كان صوتا جديا يمكنه معارضته”.
واعتبر أن “الدليل ما نراه من إلقاء كل المعارضين في السجون من (رجل الأعمال) خيام (التركي) إلى (أمين عام الحزب الجمهوري) عصام (الشابي) إلى (رئيسة الحزب الدستوري الحر) عبير (موسي) إلى بطاقة جلب في حق المنذر الزنايدي، وخاصة الخطاب التخويني والمتشنج ضد كل مخالف له (سعيّد)”.
ويتهم سعيّد بعض المعتقلين بـ”التآمر على أمن الدولة”، والوقوف وراء “أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار”، وهو ما تنفيه المعارضة وتتهم الرئيس باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين للإجراءات الاستثنائية.
ووفق الهمامي “إذا اختارت السلطة الانغلاق والتوتر والمحاكمات، فلتقع أزمة سياسية ويظهر أنها رافضة للتنافس الديمقراطي، وإذا قبلت السلطة الصراع الديمقراطي، فليكن صراعا مفتوحا”.
** حراك انتخابي
مؤكدا وجود حراك انتخابي رئاسي من الآن، قال الباحث في علم الاجتماع هشام الحاجي للأناضول: “هناك تحركات يعلمها الجميع، وهي 3 أو 4 مبادرات، إلى جانب اعتزام رئيس الجمهورية إعادة الترشح”.
وأضاف: “هناك ما يشبه التوجه الرسمي في إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، بعد أن كانت هناك تسريبات وإشارات تفيد عكس ذلك”.
واعتبر أن “موعد الانتخابات الرئاسية دائما مهم، خاصة في تونس، ما يبين مرة أخرى أننا لم نغادر مربع النظام الرئاسي”.
وبخصوص موقف المعارضة من الانتخابات، قال الحاجي: “هناك أطراف لها تحفظات جوهرية حول مسار 25 يوليو، ولكنها تعتبر أنها ستشارك في الاستحقاق لأنها ترى في ذلك السبيل الوحيد لتغيير هذا المسار”.
ورأى أن “كل عملية تجميع للقوى السياسية يمكن أن تغير فعليا في موازين القوى، ويمكن أن تطرح تحديا جديا للماسك بالسلطة رئيس الجمهورية، لأنه سيجد نفسه أمام شخصية تجمع أكثر ما يمكن من الأطياف والأصوات والحساسيات”.
ولكن “السؤال الموجه بجدية تجاه المعارضات هو: هل هناك رغبة جدية في أن تتبنى ثقافة سياسية جديدة تقوم على التجميع والوحدة صلب (حول) برنامج ورؤية أم أن الانقسامات، وخاصة (في ظل) تضخم الذوات، ستبقى طاغية؟”، كما تساءل الحاجي.
وتابع: “المعارضة وكل الأحزاب السياسية ليست في أحسن حالاتها اليوم، وتكاد تكون أشباحا لما كانت عليه قبل سنوات، فهل ستكون لديها القدرة على إعادة تجميع أنصارها وتستعيد قوتها؟”.
وبشأن بروز اسم الزنايدي مرشحا محتملا، قال الحاجي: “كل مواطن يتمتع بحقوقه المدنية والسياسية هو من حيث المبدأ مقبول”.
واعتبر أنه “اليوم، بعد أكثر من عقد على 14 يناير 2011 (الإطاحة بنظام بن علي)، تتغير الرؤية للنظام السابق، وأصبحت هناك مقبولية حتى في مستوى اللاوعي”.