للفشل أسبابه وللنجاح أدواته.. البوتاس مثالاً* بلال حسن التل
للفشل أسبابه وللنجاح أدواته.. البوتاس مثالاً* بلال حسن التل
حصاد نيوز – تنشر وسائل الإعلام هذه الأيام الكثير من الأخبار والتقارير حول اجتماعات الهيئات العامة للشركات المساهمة العامة، وتعكس الصور والتصريحات التي أدلى بها المشاركون في هذه الاجتماعات واقع هذه الشركات، والتي مني الكثير منها بالفشل والخسران. فصارت إدارتها تبحث عن مبررات لهذا الفشل، محملة أحداث المنطقة مسؤولية فشلها، في الوقت الذي حققت فيه شركات أخرى أرباحًا كبيرة وإنجازات كثيرة. رغم أنها تعيش نفس أحداث المنطقة. لكن الفرق بين هذه وتلك، أن الثانية أخذت بأسباب النجاح فحققته، ولذلك فإنها تستحق ان يسلّط عليها الضوء لتكون نموذجًا للغير ليقتدى بها. فإذا كان من حق الإعلام ان يسلّط الضوء على نقاط الخلل، فإن من واجبه ان يؤشر على مواطن النجاح ليكون نموذجًا يحتذى من جهة، ولمعرفة أسبابه ولتعميم هذه الأسباب، خاصة إذا كان هذا النجاح كبيرًا وبارزًا كالنجاح الذي حققته شركة البوتاس العربية، التي وزعت هذا العام أرباحًا تساوي 150% من قيمة رأس مالها، بعد ان أدخلت إلى الأردن تسعمائة مليون دولار أمريكي من العملات الصعبة خلال عام 2013، وهو رقم هام بالنسبة لاقتصاد كالاقتصاد الأردني. يضاف إلى ذلك أن واردات الخزينة العامة للدولة الأردنية خلال العام 2013، من شركة البوتاس بلغت تسعين مليون دينارٍ هي مجمل الضرائب والرسوم التي دفعتها الشركة للخزينة العامة، وهو أيضًا رقم هام لميزانية تعاني من العجز، ومن شح الموارد هذا عدا عن خمسة وخمسين مليون دينارٍ أردنيٍ هي مجموع رواتب الموظفين، يضاف إليها ثمانية ملايين ونصف مليون دينار، أنفقتها الشركة على راحة عمالها، – إسكانًا ونقلاً وتأمينًا صحيًا – وهذا أول عنصر من عناصر النجاح الذي تسعى إلى تحقيقه الإدارة المميزة، أعني به الأمن الوظيفي، الذي حققته شركة البوتاس العربية بدرجة كبيرة.. فكانت النتيجة أنها حصلت من عمالها خلال عام 2013 على ثلاثة ملايين ساعة عمل، دون أية إصابة تؤدي إلى التوقف عن العمل. وهذا دليل على تطبيق الشركة لشروط السلامة العامة، تطبيقًا شديدًا من باب حرصها على سلامة العاملين فيها التي هي جزء من السلامة العامة للمجتمع الأردني، الذي تسهم كل هذه الملايين من رواتب العاملين، ومن بدل الخدمة التي تقدم لهم الشركة في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني. بالإضافة إلى ما تدفعه الشركة من ضرائب ورسوم، وما تدخله إلى البلاد من عملة صعبة. ومثل حرصها على الاستقرار الوظيفي للعاملين فيها، فقد حرصت الشركة على استقرار المجتمعات المحلية، ليس من خلال توظيف ألفي موظف، غالبيتهم من أبناء المجتمعات المحلية التي تعمل بها الشركة، مما يسهم في حل واحدة من أعقد مشكلاتنا الوطنية.. أعني بها مشكلة البطالة، بل ومن خلال إنفاق عشرة ملايين دينار أردني خلال عام 2013، لتنمية هذه المجتمعات، دعمت بها الشركة مدارس وجامعات، ومساجد وكنائس، وأندية وجمعيات، وأقامت مخابز ومختبرات، ومكاتب ومدارس، وفتحت طرقًا وحفرت آبارًا، وساهمت بكل ما من شأنه تطوير هذه المجتمعات وترسيخ استقرارها، وهذه من علامات الإدارة الاقتصادية الناجحة. فالاقتصاد لا يزدهر ولا ينمو إلا في البيئة المتطورة والمستقرة وهو ما آمنت به شركة البوتاس العربية وسعت إلى تحقيقه فنجحت نجاحًا لافتًا في ذلك. وإذا كان الحرص على سلامة البنيان الداخلي للشركة، والحرص على انسجامها وتفاعلها مع محيطها المحلي من أسباب النجاح للشركة – أي شركة -، فإن حسن التواصل مع العالم الخارجي، هو الآخر من أهم أسباب النجاح، وهو ما آمنت به شركة البوتاس العربية وطبقته، خاصة عبر سياساتها التسويقية، ويكفي الإشارة هنا إلى انه بفضل هذه السياسة التسويقية، استطاعت الشركة ان تضاعف صادراتها إلى الصين مثلاً بنسبة 100% واستطاعت تحقيق زيادة في مجمل صادراتها على الرغم من شدة المنافسة من جهة، وكثرة الارتباكات في السوق العالمي للبوتاس من جهة أخرى. لقد حققت شركة البوتاس الكثير من النجاحات، رغم حجم التحديات الكبيرة التي تواجهها. مما يزيد من قيمة هذه النجاحات، فالشركة تواجه تحدي ارتفاع كلف الإنتاج وأولها: كلفة الطاقة، وخاصة الكهرباء والماء. بالإضافة إلى كلفة الأيدي العاملة، وقبل ذلك كله شدة المنافسة في أسواق غير مستقرة. لكن الشركة لم تستسلم لكل هذه التحديات، بل عملت على التغلب عليها، فعمدت إلى حل مشكلة الطاقة باستبدال الوقود الثقيل بالغاز الطبيعي، وعمدت إلى حل مشكلة المياه بالعمل على بناء سد وادي بن حماد، الذي لن يساهم في حل مشكلة ارتفاع كلف إنتاج الشركة فقط، بل سيساهم في خدمة المجتمع المحلي كجزء من إستراتيجية الشركة الثابتة في تنمية المجتمعات المحلية. وفي إطار سعيها للتغلب على مشكلاتها في مجال ارتفاع كلف الإنتاج، فإن الشركة تعمل جاهدة على استخدام الطاقة الشمسية وتوظيفها لتخفيف كلف الإنتاج، مما يعني المزيد من العائدات التي تنعكس أرباحًا للمساهمين، وزيادة في العملات الصعبة التي تدخل البلاد، وزيادة في دخل الخزينة العامة للدولة. خلاصة القول: إن لكل شيء أسبابه.. فمن أخذ بأسباب الفشل حتمًا سيفشل، وسينشغل بتبرير فشله. أما من يأخذ بأسباب النجاح فحتمًا سينجح، وسيترك لنجاحاته ان تعلن عن نفسها وللآخرين ليتحدثوا عنها، وهو بالضبط ما ينطبق على شركة البوتاس العربية، وما حققته خلال عام مضى، وما تنتظر تحقيقه خلال عام يمضي بها الآن إلى المزيد من النجاح إن شاء الله ليحقَّ لنا أن نؤشر إلى مواطن النجاح في بلدنا.