الملتقى السنوي لهيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني “همم”
حصادنيوز-أنهى الملتقى السنوي لهيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني “همم” الإثنين أعماله بإجماع غالبية المشاركين على رفض مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، مطالبين إعادة النظر فيه ودراسة أثره على المجتمع في حال إقراره. الملتقى الذي نظمته “همم” في الواحد والثلاثين من شهر تموز، في فندق موفنبيك بالعاصمة عمان وحضره نحو 150 ناشطاً مدنياً وحقوقيا وعدداً من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني المحلية والمنظمات الدولية جاء تحت عنوان “حرية التعبير متطلب للإصلاح”، باعتبار حرية التعبير ركيزة أساسية للحقوق الإنسانية والحريات العامة، ومتطلب أساسي للإصلاح في ظل ما تشهده الأردن من توجه معلن نحو الإصلاح في المسارات السياسية والإدارية والاقتصادية. وتركز النقاش في الملتقى عبر جلساته الحوارية الثلاث على ضمانات حرية التعبير وعلى تداعيات إقرار قانون الجرائم الإلكترونية الذي يجري تشريعه حالياً، كما تم خلال الجلسات تشخيص واقع حرية التعبير في الأردن، وعلاقتها مع الإصلاح المنشود، والتحديات التي تواجه عملية الإصلاح، وإمكانية تحقيقه على الصعيدين التشريعي وعلى صعيد الممارسات، فضلاً عن الفرص المتاحة والحلول المقترحة. وناقش المشاركون والمشاركات تحديات حرية التعبير في عصر الرقمنة، ومنصات التواصل الاجتماعي، وضرورة توفير مساحة للحوار حول السبل الممكنة للتصدي لخطاب الكراهية، وتعزيز الحوار المثمر والبناء عبر هذه المنصات. وركزت المتحدثات في جلسة الافتتاح على أهمية حرية التعبير في الإصلاح السياسي، وفي النظام الديمقراطي حيث أكدت منسقة “همم” الحقوقية هديل عبد العزيز في كلمتها على ضرورة حماية الحريات في الفضاء الإلكتروني، وأشارت إلى أن مشروع قانون الجرائم الالكترونية لم يتاح له الوقت الكافي بالنقاش والحوار الوطني، ولم يكن هناك دراسات أثر اقتصادية واجتماعية له، وكما شددت على أن الحاجة للتنظيم لا تعتبر بأي حال مبرراً للتضييق. وقالت عبد العزيز أن “همم حرصت على الدوام على أن يكون الملتقى جامعاً ومتوازناً وأن نجمع كل الأطراف على طاولة الحوار بهدف الاطلاع على وجهات النظر المختلفة، وقد توجهنا بدعوة للحكومة للمشاركة بالملتقى، إلا أننا فوجئنا باعتذار الحكومة عن المشاركة” متسائلة عما إذا كانت الحكومة لا ترى أنها بحاجة لهذا الحوار. وشرحت كبيرة مستشاري حقوق الإنسان في المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، كريستينا مينيكي، أن العصر الرقمي جلب المزيد من حرية التعبير وتعزيز حقوق الإنسان، وأن أي تضييق على الحريات يجب أن يخضع لثلاث مبادئ هي المشروعية والضرورة والتناسبية، فيما أكدت رئيسة مجلس إدارة المعهد الدولي للصحافة خديجة باتيل على الحاجة لتعزيز خطاب الثقة النظام لحماية أمن البيانات وأن على القوانين أن تفكر في إجبار شركات التواصل الاجتماعي على تطوير خوارزمياتها بحيث تمنع السلوكيات المسيئة قبل أن تركز على معاقبة الأفراد. وفي الجلسة الأولى التي جاءت بعنوان “حرية التعبير في الأردن.. ركيزة أساسية للإصلاح المنشود” شارك فيها كمتحدثين كل من د. مروان المعشر وزير الخارجية الاسبق، ود. محمد ابو رمان وزير الثقافة والشباب الاسبق، ونضال منصور عضو مجلس إدارة مركز حماية وحرية الصحفيين، وخديجة باتيل رئيسة مجلس إدارة المعهد الدولي للصحافة، والمحامي محمد قطيشات الخبير القانوني في المجال الإعلامي وأدار الجلسة المهندس علي فياض نائب المدير العام في منظمة شركاء الأردن. وأكد المتحدثون على أهمية الحفاظ على حقّ المواطن في التعبير عن رأيه، باعتبار الحريات تشجع على تبادل الآراء والأفكار، الأمر الذي من شأنه تجديد المجتمع وتطويره، ويحميه من الخمول والتقوقع. وعلى أن يكون هناك دراسات بحثية تشمل أساتذة في الفلسفة والقانون والاجتماع وكافة الأطراف حتى توضع العقوبات في قانون الجرائم الالكترونية، واعتبروا أن القانون المقترح لا يحقق الأمن القانوني بسبب عدم وضوح تعريفات بعض الجرائم الواردة فيه. كما ناقشوا تناقض الخطاب المعلن للدولة مع التشريعات، ففي الوقت الذي تدعو فيه الدولة الشباب للانخراط بالعمل الحزبي وتتحدث عن قوانين أحزاب وانتخابات جديدة، يأتي قانون الجرائم الإلكترونية الجديد للتضييق على حرية التعبير ويتسبب في التراجع الملحوظ عن الحريات الاعلامية. وتحدث المشاركون في الجلسة الثانية التي جاءت بعنوان ” حرية التعبير والتواصل الاجتماعي ” والتي أدارتها الصحفية، هديل غبون، حول حرية التعبير والتواصل الاجتماعي والحدود الفاصلة بين حرية التعبير وخطاب الكراهية وماهيتها، وكيف ساهمت المنصات في التأثير على الحق في حرية التعبير سلباً أم إيجاباً، والتحديات التي تفرضها الرقمنة على حرية التعبير، وإذا كان لمنصات التواصل الاجتماعي دوراً سلبياً في تشويه صورة منظمات المجتمع المدني؟ وناقش المشاركون فيما إذا كانت منصات التواصل الاجتماعي قد دعمت حرية التعبير أم أشاعت الفوضى، وما هو المطلوب لحماية الحق في حرية التعبير والإعلام، وقضايا اللاجئين والمهاجرين وخطاب الكراهية في الفضاء الإلكتروني، والتهديدات الرقمية. وشارك في تلك الجلسة الخبير الإقليمي فادي القاضي، والنائب عمر عياصرة، ومديرة مؤسسة تمكين ليندا كلش، ومدير جمعية المصدر المفتوح عيسى محاسنه. وقد تخلل الجلسة نقاش حاد حول دوافع اقتراح القانون وضرورته وتعارضه مع حرية التعبير. وخصص الملتقى جلسته الثالثة التي جاءت بعنوان ” المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان ومساحات التعبير المتاحة” لمناقشة مساحات التعبير المتاحة أمام المدافعين عن حقوق الانسان، والمجتمع المدني ومساحة التعبير عن المواقف بين الواقع والقانون، والمنظمات النسوية في الفضاء العام، ودور وواقع الإعلام المجتمعي في الأردن. أدارت الجلسة الثالثة السيدة نسرين الحاج مديرة منظمة أهل وشارك فيها مفوض الحماية بالوكالة في المركز الوطني لحقوق الإنسان د. نهلا المومني، ورئيس مركز عدالة لحقوق الانسان المحامي عاصم ربابعة، ومديرة قسم المشاريع في جمعية اتحاد المرأة ميساء فراج، ومدير عام شبكة الاعلام المجتمعي داود كُتّاب وناقشت أهمية عمل المجتمع المدني في حماية حق التعبير وارتباط حق التعبير مع حق التنظيم، ودور المركز الوطني لحقوق الإنسان، كما سلطت الضوء على التحديات التي تواجهها المنظمات النسوية تحديداً في هذا المجال. وخرج الملتقى بجملة من التوصيات جاءت على النحو التالي: اعتبار حرية التعبير الركيزة الأساسية لأي إصلاح سياسي منشود، ولا يجوز بأي حال أن توضع تشريعات تنتقص من هذا الحق الانساني. التأكيد ان حرية التعبير وصونها أحد أهم ركائز تحقيق أهداف التنمية المستدامة ونجاحها. يعتبر قانون ضمان حق الحصول على المعلومات أحد الحقوق الانسانية الاساسية ويجب على العمل على تعديل قانون الحصول على المعلومات بما يتواءم والمعايير والشرعة الدولية. انتهاج سياسة الإفصاح الطوعي عن المعلومات والشفافية أحد أهم طرق محاربة الاشاعة والتضليل الاعلامي، والأخبار الكاذبة والمزيفة في منصات التواصل الاجتماعي والفضاء الالكتروني. انتهاج سياسة حوار دائم ومفتوح بين مؤسسات المجتمع المدني والسلطات الدستورية الثلاث لتنظيم العمل بين الجانبين، ووضع استراتيجيات عمل مشتركة. ضرورة العمل على تطوير آليات التشريع والأخذ بعين الاعتبار كامل المنظومة التشريعية عند العمل على تبني أو تعديل تشريعي. ضرورة العمل على تعزيز التشاركية والتعاون بين المجتمع المدني والأحزاب لحماية الحقوق والحريات. التأكيد على أهمية دور المجتمع المدني في تعزيز الحقوق والحريات الدستورية باعتباره شريك أساسي في عملية التطوير وفي تنفيذ الاستراتيجيات الوطنية وتطلعات التنمية المستدامة. دعم الإعلام المجتمعي من خلال تخفيض متطلبات، وإجراءات ترخيص، وإعادة الترخيص، والرسوم. وقد وجهت همم نداء لجلالة الملك عبد الله الثاني ودعته إلى ممارسة صلاحيته الدستورية برد القانون، وإعادته إلى الحكومة لوضع دراسات للأثر الاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي، والقانوني، وفتح نقاشات مجتمعية حوله.