ناشونال إنترست: بايدن عاجز في السياسة الخارجية وأوكرانيا أوضح مثال
حصادنيوز-علق الباحث في جامعة جورج ميسون كولين ديوك على سياسة الرئيس جوي بايدن غير المتوازنة من أوكرانيا بقوله إن الرئيس عقيم في مجال السياسة الخارجية ومعظم الأمريكيين يعرفون هذا. ولو أردت معرفة كل الأسباب المثيرة لمظاهر القلق بشأن الأزمة الأوكرانية فما عليك إلا أن تنظر إلى سياسته الخارجية. وقال إن المسؤولين في البيت الأبيض سارعوا للتدارك بعد تصريحات الرئيس بايدن نهاية الأسبوع التي قال فيها إن الرئيس فلاديمير بوتين لا يمكنه البقاء في السلطة لتصحيح ما قاله.
وفي العام الماضي، قال الرئيس إنه اتبع سياسة متوازنة ومنسجمة وفعالة من أوكرانيا. وقدم الكاتب عددا من الأسباب التي تكشف عن عجز سياسته.
وبدأ بما قاله المؤرخ روبرت سيرفس عن مقابلة بايدن مع صحيفة “وول ستريت جورنال” حيث دفع بعضوية أوكرانيا في حلف الناتو، من خلال ميثاق شراكة استراتيجي أمريكي- أوكراني، وفي الوقت نفسه فشل في تحضير البلد للدفاع عن نفسه. وقد يصف البعض هذا بأنه انتهاك للسياسة الدولية 101: لا تجرح ملكا. وحذر جون أوسيلفان في “ناشونال ريفيو” في 3 شباط/فبراير من أن الولايات المتحدة تسير باتجاه استفزاز بوتين بدون ردعه. وكان أوسيلفان محقا في هذا. والنقطة هنا، هي أن أمريكا ليست مسؤولة عن الهجوم الروسي كما يبدو للبعض.
المسؤولون في البيت الأبيض سارعوا للتدارك والتصحيح بعد تصريحات بايدن نهاية الأسبوع التي قال فيها إن الرئيس فلاديمير بوتين لا يمكنه البقاء في السلطة.
فقد كان الخيار هو أن هناك حاجة لمواجهة بوتين، لأن أفعال بوتين لم تكن ردا فعليا على توسع للناتو وفي المدى الطويل. بل هي نابعة من سخطه على انهيار الاتحاد السوفييتي منذ 30 عاما.
ولا توجد هناك طريقة لتخفيف إحباطاته إلا في حالة قمنا بمساعدة روسيا على إعادة قوتها كقوة عظمى ثانية، وهي مهمة مستحيلة ولا يوصى بها. لكن هذا لا يعني أننا لا نستطيع ردعه من خلال إجراءات صارمة، وهو ما فشل به وللأسف بايدن.
أما الأمر الثاني، فقد تبنى بايدن سياسة تقدمية من التغيرات المناخية وصناعة الطاقة الأمريكية التي كانت كارثية. وألغى جوي بايدن خط كيرستون للنفط مع كندا، وهو قرار اعتبره مهما له، في وقت أعطى ضوءا أخضر مع خط نورد ستريم 2 مع روسيا. ويعلق الكاتب: إننا لو فكرنا، فهذه الإدارة قامت بقمع قطاع الطاقة الأمريكي والتعاون مع الكنديين، في وقت منحت فيه إذنا لاستيراد النفط من روسيا بوتين. وأكد بايدن وبشكل مستمر على ضرورة نقد الحرب السعودية في اليمن بسبب حقوق الإنسان مما حشر نفسه بالزاوية. فهو بحاجة للنفط والسعوديون يرفضون تلقي مكالماته. وفي ظل الظروف الدولية الحالية، فقطع النفط والغاز الروسي عن السوق العالمي أمر منطقي، لكنه لا يكون منطقيا في ظل النهج العقابي ضد إنتاج النفط والغاز في شمال أمريكا. وفي الحقيقة لم يكن منطقيا أبدا ولن يكون منطقيا عندما تقوم بالتقرب مع أعداء أمريكا مثل فنزويلا وإيران لمعالجة أزمة نقص الطاقة. والجواب الصحيح هو العمل مع حلفاء أمريكا وفتح المجال أمام إنتاج النفط المحلي، وهو أمر طال انتظاره.
أما الأمر الثالث، حسب الكاتب، فرغبة الرأي العام الأمريكي وأحيانا الرئيس بايدن تجنب التصعيد مع موسكو. وأي نهج سيكون مهما للحفاظ على السلام وعلى المستوى النووي. وما لا يمكن لنهج منطقي تحقيقه هو الإشارة للروس من خلال الإكراه والردع. وهذا بالضبط ما فعله بايدن المرة بعد الأخرى بما في ذلك عبر تويتر. وهذا مثل ممارسة لعبة البوكر وفي الوقت نفسه الكشف عن أوراقك للاعب الآخر. وهذا مدخل يهزم النفس وينفع بوتين. ومع ذلك، فلو كنت رئيسا للولايات المتحدة وقبل أن تعلن أن بعض رؤساء الدول لا يستحقون البقاء في السلطة ينعكس على التجربة الأمريكية في المسرح الدولي في مجال تغيير الأنظمة في السنوات العشرين الماضية، فهل أنت جاد في حالة التغيير الأخيرة، ولو كان الجواب بنعم، فكيف تقترح عمل هذا في بلد تبلغ مساحته 6 ملايين بآلاف الرؤوس النووية؟
لكن الكاتب يستدرك “فحتى نكون منصفين، فقد قام فريق بايدن بعدد من الخطوات المرحب بها مثل حزمة العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية ونشر القوات لحماية المنطقة الشرقية للناتو والمساعدات العسكرية لأوكرانيا. وتركت الصواريخ المضادة للدبابات أثرا مدمرا على الدبابات الروسية وتحتاج الإدارة لتقوية الدفاعات الأوكرانية وزيادة الميزانية العسكرية وإعادة تشكيل الصناعة النفطية وتقوية العقوبات على روسيا”. ويضيف أن بعض هذه الأمور فعلتها إدارة بايدن وبعضها لم تفعلها. وبعد كل هذا فهناك محدودية لما يمكن أن تفعله أمريكا، حتى لو لم يظهر الرئيس أي محدودية مقدما، مثل فكرة فرض منطقة حظر جوي على أوكرانيا، والناس يختلفون حول هذه النقطة ولكن الكاتب يعتقد أنها خطوة بعيدة. فروسيا بوتين ليست عراق صدام. ومخاطر التصعيد مع قوة نووية تظل عالية. ويجب أن يمنح الأوكرانيون الوسائل لبناء منطقة حظرهم الجوي ضد الروس.
ويرى الكاتب أنه يجب ألا يطلب من الناتو فرض المنطقة هذه لو تم بناؤها. وقد طرح الفكرة ماك أوين في مقالة بمجلة “أمريكان غريتنس”، حيث طالب أوين بالحكمة عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية الأمريكية. وكان أول من لاحظ أن الحكمة لا تعني تجنب أي شكل من النزاع والتوتر مع قوة شمولية. وبدلا من ذلك فالحكمة تعني بناء توازن عال وعمل ما هو صواب في الوقت المناسب وللأسباب الصحيحة. وفي مصطلحات السياسة الخارجية تجنب الأخطاء الإستراتيجية بالتمدد فوق الطاقة. وعادة ما يقع اللييراليون التدخليون بالأخطاء في كل الاتجاهات. وعلى بوتين تحديد ما هي نهاية اللعبة التي يريدها في أوكرانيا، وبحسب خطابه في بولندا، فنهاية اللعبة هي خروج بوتين من الساحة ولكن فريقه لا يوافقه على ذلك. والتشوش في هذا قد يتحول إلى خلاف قاتل وبوتين يراقب. ولن يخرج من الساحة بدون قتال.
ويقول الكاتب إنه إذا كان بوتين جادا بما يقوله عن الرئيس الحالي لروسيا، فتسوية دبلوماسية للأزمة ليست مطروحة على الطاولة. ولا مجال لوقف الحرب إلا خروج بوتين. وإن كان هذا هو الحال، فهل لدى بوتين خطة باستثناء الحريق الذي يحاول تجنبه؟ ولا يرى الكاتب أن بايدن لديه خطة، فهو يتعاطف وينفجر ولا يقدم استراتيجية. وهناك بديل تحدث عنه ويس ميتشل، مساعد وزير الخارجية لشؤون روسيا وأوروبا أثناء العامين الأولين من إدارة دونالد ترامب في “فورين أفيرز” ويقوم على “الحياد المحصن”. وعبر فولدومير زيلنسكي، الرئيس الأوكراني أنه مستعد للتخلي عن فكرة عضوية الناتو. فالحياد المحصن يعني ضمان عدم انضمام أوكرانيا للناتو ولكن يضمن استقلالها المعترف به من كل الأطراف بشكل تكون حرة لممارسة علاقتها مع الغرب. لكن ميتشل أكد على ضرورة مشاركة الأوكرانيين.
المشكلة هي أن الديكتاتوريين الأجانب لا يخافون من بايدن بالقدر الكافي. فعلى طريقة الليبراليين في القرن الـ21 فهو يشجبهم لكن بدون ردع
وأظهر زيلينسكي قدرة مثيرة للإعجاب على إدارة الحرب وتعبئة شعبه، وكشف هذا عن جرأة في مقاومة الروس، ووطنية وحب الوطن. وبالتالي يجب عدم الضغط على الرئيس الأوكراني لكي يقرر في زمن السلام ما يريده الخارج وليس في مصلحة شعبه. وعلى المستوى الإنساني لا يملك أحد إلا التعاطف مع المسؤولين الأمريكيين الذي يواجهون أكبر أزمة جيوسياسية منذ الحرب الباردة. وفي الوقت الذي يتطلع فيه بوتين لتفكيك أوكرانيا، فالصين وكوريا الشمالية وإيران تفكر بأحسن طريقة للاستفادة من هذه اللحظة على حساب أمريكا.
ويرى الكاتب أن التحديات هذه فاقمها القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية. والمشكلة هي أن الديكتاتوريين الأجانب لا يخافون من بايدن بالقدر الكافي. فعلى طريقة الليبراليين في القرن الحادي والعشرين فهو يشجبهم لكن بدون ردع. وهو يتحرك ما بين التصريحات المبالغ فيها وعدم الانسجام المحير. فهو ليس كما زعم قبل عامين، أستاذا في السياسة الخارجية. وأحكامه كما لاحظ وزير الدفاع السابق، روبرت غيتس خاطئة. فبايدن هو سياسي له تجربة في واشنطن ورجل حزبي واحتل مناصب لمدة نصف قرن تقريبا بدون أن يخلف وراءه معتقدات سياسية دائمة وقوية في المسائل المتعلقة بالأمن القومي. ومع تزايد ميول الحزب نحو اليسار، مال بايدن أيضا. وكل سياساته من أجل إرضاء قاعدته الليبرالية. يختم الكاتب بالقول: هل هو رجل طيب؟ ربما، ومعظم أنصاره يعتقدون بهذا، ولكن الديكتاتوريين الذي يلعقون عصي الطعام لا يهتمون وحكم التاريخ يمكن أن يكون مثيرا للشفقة، فهو رجل عاجز في السياسة الخارجية ومعظم الأمريكيين يعرفون هذا.