صبايا يتحولن إلى “فرجة بقصد الزواج”
حصاد نيوز – : قرر الثلاثيني سامر عبدالله المقيم في إحدى دول الخليج “إكمال نصف دينه”، وفق وصفه؛ حيث أوكل مهمة اختيار العروس لوالدته وشقيقاته، فهي الطريقة “الأصوب”، لخبرة الأهل في الحياة ودرايتهم بهذا الأمر، وفق رأيهم.
يقول عبدالله “استجبت لمطلب والدتي بأن تبدأ بالبحث عن عروس المستقبل قبل مجيئي لقضاء الإجازة، ووقع اختيارها على فتيات عدة قامت بزيارتهن، وعليه حددنا مواعيد للزيارة لرؤية الزوجة الأنسب التي ستعجبني!!”.
يضيف “الكلمة النهائية في الاختيار لي، فجميع من رأيت فيهن الخير، لكن هناك عوامل أخرى تدخل في الموضوع”، منوها إلى أن “الأهم المشاعر والراحة النفسية التي شعرت بها تجاه من رأيت، وعليه تمت قراءة الفاتحة وعقد القران بمدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما”.
يعتمد كثير من الشباب، خصوصا المغتربين، على الأهل في اختيار زوجة المستقبل، وبالذات على الأم التي ترشح فتيات كثيرات من الأقارب والمعارف لابنها، وما إن يحضر بإجازة لا تتجاوز الأسبوعين حتى تعرض عليه مجموعة من “العرائس” لترشيح إحداهن شريكة له!
فتيات يبدين استياءهن من هذه الطريقة في الزواج؛ إذ تشعرهن أنهن “بضاعة للفرجة”، وهو ما تعرضت له الشابة علا (27 عاما)؛ حيث تقول “تعرضت لأكثر من موقف شعرت به بأنني بضاعة يأتي العريس وعائلته لمعاينتها، فالمرحلة الأولى للأم والأخوات اللواتي لا يتركن شيئا إلا ويسألن عنه إلى جانب التمعن الدقيق، ومن ثم التشاور والتهامس فيما بينهن بآراء وانتقادات متعددة خلال الجلسة”.
وتضحك ساخرة مضيفة “أغرب ما حصل معي عندما حظيت برضا والدة شاب جاءت لخطبتي، بأنها تفرض قائمة من الشروط كتبت على ورقة حتى لا تنسى إحداها بناء على رغبتها ورغبة ولدها، خاتمة حديثها بإذا وافقتكم بها جئناكم مجددا”!
غير أن الشابة سوسن (25 عاما) رفضت أكثر من شاب جاءت الوالدة لاختيارها، وتقول “زمننا يختلف عن السابق، فلكل جيل عقليته والصفات التي يراها مناسبة أو غير مناسبة”، مشيرة إلى أنه من المتعارف عليه أن الزواج “حياة جديدة يحكمها التكافؤ بين الطرفين، لا ينجح بخضوعها لرغبات وأذواق الأم والأخوات”.
“الأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، وتماسك الأسرة يؤدي إلى تماسك المجتمع”، وفق استشاري الاجتماع الأسري مفيد سرحان، الذي يشير إلى أنه من العوامل التي تسهم في نجاح الأسرة واستقرارها وديمومتها حسن الاختيار من الطرفين بمعنى اختيار الشاب للزوجة واختيار الفتاة للزوج.
وقد أثبتت الدراسات أن معظم حالات الطلاق تتم قبل الدخول بمعنى “قبل إتمام مراسم الزواج”.
ومن أهم الأسباب التي تؤدي إلى هذا الطلاق، وفق سرحان، التسرع أو سوء الاختيار، أي أن الاختيار لا يتم على أسس صحيحة، لأن الاختيار في نظر الإسلام يقوم على أسس عدة، في مقدمتها الدين والخلق، وهذا يتطلب معرفة وتحريا عن الطرف الآخر، وألا تتم الأمور بصورة مستعجلة أو آنية، ولذلك من المستحب أن يتعرف الطرفان على بعضهما بعضا شريطة عدم حدوث الخلوة بين الطرفين، وكذلك سؤال كل منهما عن الآخر، فإن مثل هذه الأمور تولد القناعة لدى الطرفين وهي أيضا من العوامل التي تسهم في نجاح الزواج واستمراريته.
تروي الخمسينية أم هشام، والدة أحد الشباب، قصة بحثها عن عروس لابنها الذي أوكل لها مهمة اختيار زوجة المستقبل، وتقول “فرحت كثيرا عندما طلب مني ولدي ذلك، هو مقيم في أميركا ويرغب الارتباط بفتاة عربية، وعليه بدأت البحث عنها بعد الاستعانة بالصديقات والمقربات، واخترت له أكثر من فتاة ليراهن، ووقع اختيارنا على أجملهن وارتبط بها، لكن للأسف بعد سنة واحدة من الزواج لم يتفقا وتم الطلاق”.
ويشير سرحان إلى أن ما يحدث أحيانا من التسرع في الموافقة سواء موافقة الشاب أو الفتاة بدون معرفة بالآخر يعد من “الأخطاء الاجتماعية” ومنها أيضا موافقة الشخص بناء على معرفة الآخرين؛ فهي جيدة لمزيد من الثقة والاطمئنان، لكن لا يكون ذلك على حساب معرفة الشخص نفسه أو اطمئنانه، فالنظرة إلى الأشخاص قد تتفاوت من شخص إلى آخر.
ويلفت سرحان إلى أن ما يراه هذا الشخص جميل قد لا يراه الآخر كذلك، وهناك أيضا فهم نفسية الآخر والارتياح له، ومعرفة شيء عن طباعه وخصاله، وهذه بحاجة إلى جلوس الطرفين مع بعضهما بعضا، وألا يتم الزواج بدون تعارف ولو بحده الأدنى.
ويتابع “من خلال الواقع الاجتماعي، فإنه كلما كان الزواج يتم برضا الأهل يكون أكثر فرصة للنجاح شريطة ألا يكون هذا الرضا على حساب رضا الشاب والفتاة، خصوصا أن طبيعة مجتمعنا بها قدر كبير من التواصل الاجتماعي وهو مطلوب شرعا وعرفا؛ إذ إن الزواج لا يكون ناجحا اجتماعيا إذا أدى إلى قطع الصلة مع الأهل، سواء أهل الشاب أو الفتاة”.