لا مصداقية لاسرائيل في حادث استشهاد القاضي الزعيتر *بقلم: داود كُتّاب

187

لا مصداقية لاسرائيل في حادث استشهاد القاضي الزعيتر

5d912674_daoud

*بقلم: داود كُتّاب

حصاد نيوز – تواجه إسرائيل معركة صعبة في محاولتها تبرير وإخفاء الحقائق حول إستشهاد القاضي الاردني رائد الزعيتر بعد اصابته بثلاث اعيرة نارية في الصدر على مرأى ومسمع ما يقارب 50 مواطنا عربيا وامام كاميرات الجسر التي لا يمكن ان تتوقف عن العمل رغم المزاعم الاسرائيلية.

فعكس معظم حالات القتل المتعمد والتي يقوم بها المحتل عبر عقود من احتلاله الغاشم فانها في غالبها تحدث بعيدا عن الانظار وتحت ظروف تحقيق صعبة وبدون شهود عيان او كاميرات.

موضوع الكاميرات والتي تدعي إسرائيل انها معطلة بحاجة الى توضيح وفضح. فمن المستحيل لمن يعرف وضع المنطقة التي تم فيها القتل العمد ان تكون الكاميرات معطلة لسبب بسيط. فالمنطقة من المستحيل التحرك فيها دخولا او خروجا الا من خلال رفع حاجز حديدي يتم التحكم به عن بعد. والمتحكم بالحاجز يقرر الفتح والاغلاق من خلال متابعة من القادم او الخارج بواسطة كاميرات موجودة في المنطقة ومن خلال مجموعة من الشاشات تكون في غرفة التحكم القريبة من الموقع والتي لا تحتوي على شبابيك. فلو فعلا كانت الكاميرات معطلة لما إستطاعت الحافلة التي كانت تحمل حوالي خمسين شخصا من بينهم الشهيد من دخول المنطقة الاكثر قربا لجسر الملك حسين.

وجود شهود عيان وكاميرات سيوفر للمحققين، والذين سيكون من بينهم اردنيين كما صرح رئيس الوزراء في مجلس النواب الثلاثاء، عددا من أهم قرائن الجريمة. وهي ان الشهيد وهو قاضي معروف وله عائلة واولاد لم يكن ذاهبا الى فلسطين للقيام “بعملية إنتحارية” كما إدعت إسرائيل بان الشهيد صرخ “الله أكبر, الله اكبر”.

الادعاء الاسرائيلي المتغير حول سبب رد فعل الجنود الاسرائيليين بدأت بانه حاول خطف سلاح الجندي وثم تغيرت الا انه حاول خنق الجندي؟ فايهما السبب ؟ وهل فعلا كانت حياة الجندي الاسرائيلي في خطر من رجل غير مسلح؟ (يتم مرور المسافرين من خلال جهاز كشف المعادن في الطرف الاردني كما هو الحال في المطارات وكافة المعابر العالمية)؟ وهل ممكن خنق وسرقة السلاح في آن واحد؟!

ما هو أهم من تلك التفاصيل هو الظرف الاكبر الذي يتواجد على جسر الذل والاهانة. فمنذ 46 عاما وكل من يتنقل في الجانب الاسرائيلي من جسر الملك حسين يعرف مستوى التعامل الفوقي للمحتلين والذين يستغلون فرصة المواجهة الاولى مع سكان فلسطين الاصليين بقيامهم بمحاولة فرض هيمنتهم من خلال الصراخ والتحكم والتجبر. فالاهانات للكبار والصغار للرجال والنساء على قدر المساوة.

 اكثرية المسافرين  يقومون بكبح مشاعرهم وغضبهم لمعرفتهم ان الكف لا تقاوم المخرز. ويكون الامر اكثر صعوبة بسبب الازدحام والتأخير الذي يطول ساعات بدون أي سبب مقنع سوى عدم إستعداد المحتل توفير ما يكفي من جنودهم لادخال المواطنين بكرامة ودون تأخير او بالاحرى فان تلك السياسة هي مقصودة لاذلال وتلقين المسافرين درسا حول صاحب الكلمة والقوة والسلطة. ولكن من المرجح أن شهيد الضفتين لم يكن متعودا على تقبل الاهانه فحدثت مشادة بينه وبين الجنود ولكن بالتأكيد لم يكن في مهمة عسكرية او إنتحارية.

فالسؤال الملح والاهم من كل التفاصيل السابقة كيف نستطيع ان نغير هذة المعادلة. لا شك ان المظاهرات والاعتصامات والمطالبات بطرد السفير الاسرائيلي مهمة ومباركة ولكن المهم هو العمل الحقيقي اولا بانهاء الاحتلال ولغاية ذلك العمل الحقيقي على حماية المواطن العربي وإستعادة كرامته والتي هي حقيقة سبب إستشهاد قاضينا الذي لم يكن مستعدا لقبول الاهانة.

إن من يتنقل عبر الجسرين يعرف ان الطرف الاسرائيلي هو الطرف المتحكم بالامور. فالجسر يفتح ويغلق كما تشاء إسرائيل والنظام على الجسر يتم بشكل عام بما تفرضه إسرائيل رغم وجود تنسيق الا ان الطرف الاردني غالبا ما يتنازل لما هو مصلحة المواطن والمسافر. لقد حان الوقت ان تتغير المعادلة على جسر الملك حسين وان يتم توفير الحد الادني من الكرامة والعزة التي تليق بمن اطلق عليه اسم الجسر.

أقل ما يمكن عمله لكسر السيطرة الاسرائيلية على المعبر وحماية المسافرين من اردنيين وفلسطينيين واجانب هو العودة الى اتفاق المعابر المتفق عليه في إعلان المبادئ الفلسطيني الاسرائيلي حول تواجد الشرطة الفلسطينية على الجانب الفلسطيني وابقاء المحتلين وراء الشبابيك. طبعا هذا ليس حلا جذرية ولكن يقلل من الاحتكاك مع الاسرائيلي ويكون عامل مساعد على إستعادة الكرامة العربية على الجسر.

امرا اخر من الضروري العمل عليه هو العودة لفتح الجسر على مدار الساعة كما هو في اي معبر وكما كان عليه قبل اندلاع انتفاضة الاقصى عام 2000. لقد أكدت خارطة الطريق التي بادرت لها الاردن بضرورة اعادة التموضع الاسرائيلي لما كان عليه قبل اوكتوبر تشرين اول عام 2000. فقبل خريف عام 2000 كان الجسر مفتوحا على مدار الساعة وكانت الشرطة الفلسطينية متواجدة على الجسر لمساعدة المسافرين ولتوفير طرف عربي يحميهم من أنياب المحتل التي لا تتوقف عن نهش كرامة المواطنين.

قبل أسبوعين اصدرت مؤسسة العفو الدولية تقريرا مفصلا عن حالات القتل العمد قام بها الجنود الاسرائيليون ضد فلسطينين لم يشكلوا اي خطر على حياتهم. وقد قالت “امنستي” ان حالات القتل المتعمد تعتبر جرائم حرب يجب متابعة مرتكبيها ومحاكمتهم. وقد بين التقرير المفصل ان إسرائيل وجنودها غالبا ما يتهربون من العقاب من خلال محاكم صورية وإخفاء للحقائق.

قد تكون إسرائيل نجحت في التهرب من العقاب في السابق ولكن في هذه المرة ومع وجود شهود عيان وكاميرات تصوير واعتراف ان الشهيد لم يكن مسلحا فانه يجب ان لا يسمح لها بالافلات من العقاب مهما طال الزمن.

·        الكاتب صحفي فلسطيني مقيم في القدس وعمان

قد يعجبك ايضا