إيكونوميست: عودة حمدوك لا تلغي سيطرة البرهان وجماعته على العملية الانتقالية في السودان
حصادنيوز-قالت مجلة “إيكونوميست” إن الجيش السوداني بات في مقعد القيادة للعملية الانتقالية، عقب الانقلاب الذي قاده الفريق أول عبد الفتاح البرهان الشهر الماضي. وأشارت فيه إلى أن ما رآه السودانيون لزعيمهم خلال شهر تقريبا كان عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء المدني، المتوتر بشكل واضح، في محاولة لإضفاء لمسة إيجابية على الاتفاقية التي وقعها للتو مع الرجل الذي أطاح به لفترة وجيزة في انقلاب.
وقال حمدوك في احتفال قصير متلفز، إنه وافق على الصفقة حقنا للدماء التي عصفت بالخرطوم منذ اعتقاله في 25 تشرين الأول/ أكتوبر.
وأصر على أن وضع يده بأيدي الرجال الذين احتجزوه “سيمنع بلادنا من الانزلاق إلى المجهول”. وردا على ذلك قام متظاهرون بالهتاف خارج القصر الرئاسي وبإشعال إطارات السيارات ونصب المتاريس ورددوا هتافات “حمدوك باع الثورة”. أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع. قُتل متظاهر يبلغ من العمر 16 عاما بالرصاص.
كل هذا لا يعني أن الرجل الذي قلب العملية الانتقالية الديمقراطية في السودان عن طريق الانقلاب لا يشعر بالراحة وأن الأمور تسير على ما يرام. فقد أشاد البرهان، الرئيس الفعلي للسودان بحمدوك، معلنا أن الاتفاق كان بمثابة “دفاع واضح عن الثورة” التي وقعت قبل عامين، عندما أطاح المتظاهرون بعمر البشير، الذي حكم السودان لمدة 3 عقود.
في ذلك الوقت، استولى الجنرالات على السلطة في انقلاب ليوقعوا على مضض اتفاق ائتلاف مع قادة الاحتجاجات بعد بضعة أشهر. هذه المرة، على الرغم من ذلك، فإن العسكر الذين حكموا السودان طوال فترة ما بعد الاستقلال تقريبا حصلوا على ما يريدون إلى حد كبير.
فقد أعاد الاتفاق حمدوك لمنصب رئيس الوزراء وأعاد التأكيد على مبدأ الشراكة بين المدنيين والقوات المسلحة الذي يشكل أساس اتفاق تقاسم السلطة لعام 2019. وسيتم إطلاق سراح الأشخاص المحتجزين في الانقلاب، ومن بينهم أعضاء في مجلس الوزراء.
لكن الانتخابات الموعودة في عام 2022 ستجرى الآن في موعد لا يتجاوز منتصف عام 2023. في غضون ذلك يعمل حمدوك بإذن من البرهان، الذي يبدو أن لديه السلطة لإقالته أو عزل أي من وزرائه. هذا يقوض إلى حد ما وصفه الدكتور آدم الحريكة، مستشار رئيس الوزراء، بأنه ميزة للترتيبات الجديدة: أن حمدوك يمكن أن يعين حكومة من التكنوقراط المدنيين.
وترى المجلة أن الجنرالات في وضع أقوى الآن بشكل آخر أيضا. في الأسابيع التي تلت الانقلاب، ملأ البرهان البيروقراطية بالموالين له. وتم تصور “المجلس السيادي”، الذي يشرف على مجلس الوزراء، في الأصل على أنه هيئة عسكرية – مدنية مشتركة ولكنه يتكون الآن بشكل شبه حصري من العسكر. ومن بينهم نائب البرهان، محمد حمدان دقلو (المعروف باسم حميدتي)، وهو أمير حرب من منطقة دارفور في البلاد يقود وحدة شبه عسكرية سيئة السمعة. وتضم العديد من قادة المتمردين من دارفور وجنوب السودان الذين انضموا إلى الحكومة كحلفاء للجنرالات بعد اتفاق سلام العام الماضي. ولم يعد له مقعد على الطاولة للتحالف المدني الذي قاد الحركة الاحتجاجية.
وفي غضون هذا، رحبت الحكومات الأجنبية بالاتفاق بحذر. فأمريكا التي ردت بسرعة على الانقلاب بتجميد حوالي 700 مليون دولار من المساعدات، قالت إنها خطوة “مشجعة”، لكنها حذرت المجلس العسكري من استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين.
ويقول مجدي الجزولي من معهد ريفت فالي، وهو مؤسسة فكرية لها مكاتب في لندن ونيروبي: “يبدو الغرب سعيدا بشكل أساسي طالما عاد حمدوك”. الاتحاد الإفريقي، الذي علق عضوية السودان بعد الانقلاب، يفكر في إعادتها. تدفع مصر بهذا الاتجاه. وتعتبر مصر إلى جانب السعودية والإمارات، حليف قوي للبرهان ويُعتقد أنها شجعت انقلابه.
أما تجمع المهنيين السودانيين، الذي قاد الانتفاضة السابقة فقد ندد بالصفقة ووصفها بـ “الخيانة”. وتتصاعد المقاومة في الخرطوم والمدن الأخرى وانتشرت المتاريس في أنحاء العاصمة حيث تنظم لجان الأحياء الاحتجاجات. تقول منى عوض، المتظاهرة التي تجنبت بصعوبة إصابة عبوة غاز مسيل للدموع أمام القصر، “لقد تعرضنا للخيانة”. منذ الانقلاب قُتل 41 شخصا واعتقل مئات آخرون. لكن هذا لن يردع عوض التي قالت: “إما أن نموت مثلهم أو نحصل على حقوقنا”.