الحكومة تسمح باستيراد “ديزل” يفاقم “الاحتباس الحراري”
حصادنيوز-انتقد خبراء بيئيون قرار الحكومة بالسماح لشركات تسويق المشتقات النفطية بـ “استيراد ديزل بنفس الآلية الممنوحة لمصفاة البترول، باعتبار أنها “ضربت بذلك عرض الحائط بما التزمت به بموجب اتفاق باريس الخاص بتخفيض نسب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والمسببة لظاهرة التغير المناخي”.
ولا تنحصر الآثار السلبية للقرار على اتفاق باريس، وإنما تنسحب على صحة المواطن، الذي ستتكبد الحكومة نفقات عالية في سبيل تأمين العلاجات المختلفة له، نتيجة لتأثيرات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، الذي تبثه عوادم السيارات في الهواء، وغيره من الغازات، بحسب الخبراء أنفسهم.
وفيما أكدت مصادر في مؤسسة المواصفات والمقاييس في تصريحات سابقة أن “النوع الذي سمح باستيراده غير مطابق للمواصفة القياسية الأردنية حاله حال الديزل المنتج محليا”، بررت وزارة الطاقة والثروة المعدنية قرارها بأنه “يأتي في اطار سياسة فتح سوق المشتقات النفطية”.
وأكدت الخبيرة في الشأن البيئي صفاء الجيوسي أن الحكومة بقرارها هذا “تناقض تصريحاتها المستمرة حول تحسين قطاع النقل، والذي يعد السبب الرئيس في الاردن لانبعاثات ثاني اكسيد الكربون، والسير قدما بمشاريع الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة”.
وينعكس هذا سلبا على البيئة وصحة الإنسان، فبدلا من الاستثمار في الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، “تأتي القرارات الحكومية مشجعة على استيراد مشتقات النفط”، وفق الجيوسي، التي أضافت أن “هذا سيكبدها نفقات مالية إضافية “سيتم صرفها على تكلفة العلاج للمواطنين المتضررين من عوادم السيارات عدا عن آثار ظاهرة التغير المناخي”.
وتحذر دراسات علمیة عدیدة من خطر عوادم محركات الدیزل باعتبارها أحد أسباب الإصابة بأمراض القلب والشر
یین وسرطان الرئة، تعتبر أخرى أن عوادم الدیزل تنفث مادة تشكل مسببا رئیسیا لتغیر المناخ، وفق تقاریر ودراسات ولیة، اشارت إلى ان حجم الأضرار، التي یسببها للمناخ تزید على 3200 ضعف ما یسببه ثاني أكسید الكربون في المدى القریب.
وفي البلدان التي لا تتوفر فیها وسائل السیطرة المناسبة مثل الأردن، تطلق محركات الدیزل مزیجا من الجزیئات الصغیرة المعروفة بـ “تركیز الجسیمات”، ومن المعروف منذ القدم أن هذه الجزیئات الدقیقة، التي یمكن استنشاقها بعمق في الرئتین، تضر بالصحة، وفق التقاریر ذاتها.
ويأتي قرار الحكومة بمثابة “انتكاسة وتراجع لصحة المواطن في الأردن، فالديزل المستورد ليس ضمن مواصفات اليورو 5 ويحتوي على مادة الكبريت بنسب عالية جدا، ما يعني أن الانبعاثات الناتجة عنها ستكون مرتفعة، وهي محور العمل المناخي والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عبر اتخاذ تدابير واجراءات نظيفة وصديقة للبيئة”، وفق رئيسة جمعية دبين للتنمية البيئية هلا مراد.
الا أن ما يجري حاليا، من وجهة نظر مراد، “يعد تراجعا كبيرا في الخطوات التي كانت الحكومة اتخذتها سابقا في استخدام الطاقة النظيفة، والعودة الى تلك التي تتسبب بتلوث البيئة، ويشكل حالة من الخذلان للنشطاء البيئيين والعاملين في مؤسسات المجتمع المدني باستخدام التقنيات الآمنة والتي تحمي البيئة”.
المصدر المسؤول في مؤسسة المواصفات والمقاييس أكد ان المواصفة القياسية الأردنية تحتم ألا تتجاوز نسبة الكبريت 10 ملغرامات لكل كيلو غرام، وهي التي تعرف بالمواصفة الفنية لمادة الديزل الجديدة (يورو 5)، المتضمنة للعديد من الاشتراطات أهمها خلو الديزل من محتوى الكبريت، بينما سمح لشركات التسويق باستيراد منتج تصل فيه نسبة الكبريت إلى 350 ملغراما، في حين تبلغ هذه النسبة في الديزل المنتج محليا 12 ألف ملغرام لكل كيلو غرام.
والسماح باستيراد الديزل يورو (3) استجابة للشركات المستوردة، يعد “خطأ جسيما”، لأن فرق محتوى الكبريت بين هذا المنتج، وبين صنف (5) يورو أقل من 10 ملغرامات لكل كيلو غرام، أي أن نسبته تصل 35 ضعفا عما كان مسموحا به، تبعا لرئيس جمعية الجيل الأخضر، ضياء الروسان.
وبين الروسان أنه “إذا ضرب هذا الرقم مع عدد حافلات النقل العام والمركبات التي تعمل على مادة الديزل، فإن تأثيرها سيكون سلبيا وبشكل كبير جدا على البيئة، وصحة الانسان، نتيجة العوادم التي ستبثها في الأجواء”.
ولفت الى أن “قرار الحكومة يصب في نهاية الأمر بصالح الشركات المستوردة لأن سعر استيراد الديزل بالمواصفة القديمة اقل بكثير من يورو (5) المعمول بها حاليا، في وقت سيتم فيه بيع المنتج للأردنيين بالأسعار الحالية ودون ان يشعروا بأي فرق”.
وشدد الروسان على “ضرورة عدم معادلة البيئة بالمفهوم المادي والكسب الذي ستحققه الشركات، لأن هذا سينعكس على صحة المواطن والغلاف الحيوي، وظاهرة التغير المناخي، التي يجب أن تأخذها الحكومة بعين الاعتبار قبل اقرار مثل هذه الاجراءات”.
وبلغ حجم مستوردات المملكة من الدیزل خلال النصف الأول من العام الحالي 8.213 ملیون دینار مقارنة مع 4.276 ملیون دینار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، في وقت بلغت فیه الفاتورة النفطیة للمملكة نحو 1.1 ملیار دینار خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة مع نحو 4.1 ملیار دینار خلال الفترة ذاتها من العام 2018.